يعتبر فن الترجمة الأدبية من الفنون الأدبية ذات الأهميّة الكبيرة، وبسبب أهميّته فقد قام كثير من الباحثين بنقده ودراسته وتصنيفه وتكوين النظريات حوله، سنحكي في هذا المقال عزيزي القارئ عن أهم قضايا الترجمة الأدبية وأبعادها الأساسية، تابع المزيد من القراءة.
أبعاد الترجمة الأدبية
إن مفهوم الترجمة الأدبية هو مفهوم جدلي بشكل كبير، وهي تعتبر فعل إبداعي وازدواجي وثنائي، ومن أهم هذه الثنائيات في الترجمة الأدبية هي:
- ثنائية اللغة والفكر: ويعني أن الترجمة الأدبية هي تقنية تعتمد على اللغة والفكر؛ فاللغة تعني تحويل النص من لغة المصدر إلى لغة الهدف، أمّا الفكر فيعني أن المترجم الأدبي أمام تحدّي بالحفاظ على سلامة التراكيب اللغوية والمعنى العام للنص.
- ثنائية اللغة والثقافة: وهي تعني أن تحويل النص من لغة إلى لغة يتطلّب من المترجم الأدبي الحفاظ على سياق التعبير الفني بالإضافة للحفاظ على ميّزاته الثقافيّة، وهذا لأنّ النص يحمل فكر أيدولوجي يعبّر عن نظرة الكاتب للعالم.
- ثنائية اللغتين: (لغة الذات ولغة الآخر)، وتعني أن المترجم الأدبي بترجمته للنص من لغة إلى أخرى فإنّه يساهم في التواصل الفكري والثقافي والإبداعي بين شعوب العالم، وأن الترجمة الأدبية قامت بتقليص الفجوة الثقافية بين هذه الدول، وهنالك الكثير من التطوّرات والثورات التي ساهمت كثيراً في هذا الأمر وفي دعم الترجمة الأدبية.
وهذا الأمر جعل من الترجمة عامّة والترجمة الأدبية خاصّة مفهوم مهم من المفاهيم الكونية المهمّة التي تساهم في تنشيط الحركة الثقافية الفكرية والفنية، وهي تقوم بحذف مصطلح العزلة الثقافية، وعليه فإن للترجمة الأدبية عدّة أبعاد وأهم هذه الأبعاد هي:
- البعد التواصلي: فالترجمة الأدبية تعتبر حلقة وصل بين عدّة أطراف، وهذه الأطراف هي المبدع والكاتب والمؤلّف والقارئ خارج سياق النص الثقافي.
- البعد الجمالي: والمقصود أن أهم أساس من أسس الترجمة الأدبية هو خلص هيكل جمالي للنص أثناء القيام بتحويله من لغته الأصلية إلى لغة الهدف، ولا مانع كذلك من أن يقوم المترجم بخلق أو تطوير الجنس الأدبي للنص.
- البعد المفاهيمي والتنويع به: والمقصود بذلك أن المترجم الأدبي عند قيامه بترجمة النص الأدبي لا يقوم بنقل المصطلحات والمفاهيم كما هي؛ بل أحياناً يقوم باستخدام أكثر من مصطلح ومفهوم من أجل إيصال المعنى المراد من التعريف، وهذا ما يسمّى بإغناء وإثراء اللغة.
وهذه الأبعاد يمرّ بها المترجم أثناء عملية الترجمة، وهي تشمل مرحلتين وهما مرحلة الكتابة ومرحلة القراءة، وهي مرحلة مليئة بالإشكالات والصعوبات، حتى أن بعض الأدباء أطلقوا على الترجمة الأدبية بعمليّة الخيانة اللغوية لما تقوم به من تغيير وتعديل على النص الأصلي، وهذا الأمر ينطبق على الترجمة عاّمة والترجمة الأدبية بشكل خاص.
ما هي قضايا الترجمة الأدبية؟
عندما يريد الأدباء تصنيف الترجمة الأدبية بحسب إجراءاتها؛ فإنّها تنقسم إلى قضيّتين رئيسيّتين وهما:
القضايا الأفقية
- القضايا اللغوية وتعني أن قضية المترجم الأساسية هي معرفة جميع الفروقات في اللغة والتي تختص الفروق الوصفية أو الشعرية أو التقريرية، ومن شأن معرفة هذه الفروق ودراستها سيقوم المترجم الأدبي بإنتاج نص أدبي خالي من أي خلل في تراكيبه اللغوية.
- القضايا التصنيفية وهي تعني أن المترجم الأدبي عليه أن يقوم بتصنيف نوع النص الأدبي الذي سيقوم بترجمته، وإذا كان المترجم الأدبي يجهل التصنيف ولم يقم بمعرفة الإطار النوعي له؛ فإنّ ذلك يؤدّي إلى خلل كبير في الترجمة.
- قضايا تعبيرية وهي تعني بأن على المترجم الأدبي أن يكون على معرفة واسعة بأهم أسس التعبير الأدبي السليم للنص، وأن لا يقوم بالتعبير عن أي مفهوم أو مضمون أدبي بطريقة غامضة، بل يجب أن تكون جليّة للجميع.
- قضايا بنائية وهي تعني أن يتعرّف المترجم الأدبي ما هي الطرق الأساسية لبناء النص في صنف ما، فعلى سبيل المثال للرواية ترتيب وبناء خاص عن القصة القصيرة، وللشعر بناء خاص كذلك.
القضايا العمودية
إنّ القضايا العمودية تعني الإلمام الجيّد بسياق النص الأدبي، فيجب عليه أن يتعرّف إلى أهم العادات والتقاليد الثقافية التي من شأنها صناعة النص الأدبي بطريقة ما، وأن يقوم المترجم بعملية الترجمة على مبدأ المابقة للنص الأصلي مع النص المترجم، وليس من مبدأ المفارقة، وهذه القضية تعتبر من أكبر التحديّات والرهانات التي يواجهها المترجم الأدبي.