شهرة الأمثال الشعبية والحكم

كلّ الأمم التي رسمت الخطى على وجه الأرض لها الإرث الثقافيّ الخاص بها، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “كأنّه علم في رأسه نار”.

فيم يضرب مثل “كأنّه علم في رأسه نار”

مثل “كأنّه علم في رأسه نار” شطر من بيت شعر لشاعرة العرب المعروفة: “الخنساء، تماضر بنت عمرو”، وهو يُضرب لمن كان مشهورًا بارزًا لا تخطئه العين، وقد كانت الخنساء قد أوردته في إحدى قصائدها التي رثت فيها أخاها صخر، إذ قالت:

“وإن صخراً لتأتمّ الهداة به    كأنه علم في رأسه نار”،  والعلم المقصود به ههنا هو الجبل الأشمّ.

قصة مثل “كأنه علم في رأسه نار”:

أمّا حكاية الخنساء مع رحلة رثاء صخر أخيها الحاني، فقد بدأت لمّا خانها صبرها على أخيها معاوية، وكان قد قُتل قبل أخيها صخر بمدّة قليلة قبل الإسلام، فما استطاعت الخنساء أن تتمالك نفسها المرهفة، حيث ذهب عنها عزّها ومؤنسها وملجؤها وحاميها، ولذا وجدت به أعظم الوجد، وولهت أشد الوله، وأقامت على قبره زمانًا تبكيه، وفي يوم طلب الناس من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخراً، فأجابتهم: بأن صخرًا حرّ الشتاء، ومعاوية برد الهواء، قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد.

كان موت صخر قد كشف للعرب عن ميلاد شاعرة بني سليم: “الخنساء”، وذلك لكثرة ما قالت فيه، وفي الحقيقة أنّ شعرها كان تنفسيًا لذلك الحزن المكبوت، ولذا كانت تسوم هودجها في الموسم، وتعاظم العرب بمصيبتها بموت أبيها وأخويها، وتقول: أنا اعظم العرب مصيبة، فيقرّ لها النّاس في ذلك وليس هذا جديدًا، فقد سبقوا أن اقرّوا لأبيها حين فاخر بابنيه، ثم لما كانت وقعة بدر، وقتل عتبة وشيبة أبناء ربيعة، والوليد بن عتبة، اقبلت هند بنت عتبة ترثيهم، وبلغها ورود الخنساء في الموسم، ومعاظمتها العرب بمصيبتها بأبيها وأخويها، فقالت هند: بل أنا اعظم العرب مصيبة، فأمرت بهودجها فوُضعت عليه راية أيضًا، وشهدت الموسم بعكاظ، وقد كانت عكاظ سوقًا تتجمع فيه العرب.

هكذا كانت الخنساء الأخت الهائمة على وجهها، والتي تبكي وتنوح، ولا أحد يجرؤ على أن يعترض طريقها، فلم يكن هناك بدّ من أن تعلن في النّاس صدق حزنها، وما كان لها إلا أن تترك لدمعها السبيل مفتوحًا، تناجيه ويناجيها، وفي ذلك السّلوى لها والراحة، حتى بعد أن اعتنقت الإسلام، فقال عمر الفاروق رضي الله عنه: دعوها، فإنها لا تزال حزينة أبدًا، ولعل من أجمل ما قالته الخنساء في أخيها، هو هذا القول الذهبي:

“وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا

وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ

وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا

وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ

وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ

كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ”.

معنى مثل كأنه علم في رأسه نار

• يشبه المثل الشخص البارز المشهور بالعلم أو الشهرة أو المكانة العالية.

• يُقال هذا المثل للشخص الذي يسهل على الناس تمييزه عن غيره.

• يُقال هذا المثل للشخص الذي يُعتبر قدوة للآخرين.

أمثلة على استخدام مثل كأنه علم في رأسه نار

• “لقد كان عمي كأنه علم في رأسه نار، فقد كان معروفًا بكرمه وسخائه.”

• “كان الرئيس السابق كأنه علم في رأسه نار، فقد كان شخصية بارزة وذات تأثير كبير.”

• “هذه الطالبة كأنها علم في رأسها نار، فهي دائمًا الأولى على صفها.”

مرادفات مثل كأنه علم في رأسه نار

• كالشمس في رابعة النهار.

• كالقمر في ليلة البدر.

• كالنجم في ظلمة الليل.

ضد مثل كأنه علم في رأسه نار

• كالشعرة في العجينة.

• كالغراب في الأكمة.

• كقطرة في بحر.

أهمية مثل كأنه علم في رأسه نار

يُعد هذا المثل من الأمثلة التي تُستخدم لوصف الأشخاص الذين يتمتعون بمكانة عالية أو صفات مميزة تجعلهم بارزين في المجتمع.

في الختام، “كأنه علم في رأسه نار” هو مثل عربي مشهور يُستخدم لوصف الأشخاص البارزين المشهورين.