قصة كونستانس والذئاب

اقرأ في هذا المقال


كونستانس والذئاب أو(Constance and The Wolves) قصة للكاتب ميركات جون، تتحدث القصة حول العادات السسيئة في المجتمع وهي الشائعات التي تكون في بعض الأحيان قاتله لمن تطلق حوله.

الشخصيات:

  • السيدة كونستانس.
  • تيد هاردي.

قصة كونستانس والذئاب:

تدور الأحداث حول السيدة كونستانس التي كانت غريبة الأطوار بالنسبة لمن حولها حيث وعندما مات زوجها موريس، ورثت كونستانس شيئين، الكوخ المتداعي في الغابة الذي تقاسمته مع موريس لمدة أربعين عامًا وبندقية موريس حيث شرعت كونستانس في ترك المنزل ينهار أكثر من حولها، لكن البندقية كانت دائمًا نظيفة ومحملة بالرصاص دائمًا.
كان سكان القرية الصغيرة الأقرب إلى كوخ كونستانس يتحدثون عنها في المناسبات النادرة التي يرونها وهي تغامر فيها بالخروج للحصول على بعض الإمدادات من الطعام وغيره لمنزلها ويقولون كلما رأوها :ها هي مرة أخرى، تلك المرأة المجنونة من الغابة و يتسائلون كيف سمحت لنفسها بالدخول إلى مثل هذا المكان؟ وكانوا يقولون إنها بالكاد تستطيع المشي.
كما لم يتباطأ سكان القرية في نشر الشائعات الكثيرة حول كونستانس حيث أشاعوا أنها كانت تطارد الوحوش داخل الغابة في الليل حافية القدمين وهي ترتدي قميصًا ليليًا فقط وأنها تحاصر الحشرات في خزانة مطبخها، كما كانوا يتحدثون بأنها تأكل ما يصل إلى عشرين جرذًا وسناجبًا يوميًا وهذا يمثل حجمها الضخم، كما كانوا يتسائلون فيما بينهم بخبث عما إذا كان لها أي دور في وفاة موريس أم لا.
حيث كانت السيدة كونستانس لم تظهر أي إشارة أمام من حولها بأنها حزنت على وفاة موريس الذي تم دفنه في الطرف الرخيص من المقبرة المحلية، مع القليل من المراسم ومع القليل من المشاركين في الجنازة ولم يكن هناك أحد سوى حفار القبور وكاهن حزين الوجه، ولم يفوت دعاة القيل والقال في القرية الحديث عن أنّ كونستانس بقيت في المنزل، وهي تصقل بندقية موريس، وتحرق الملابس الرثة القليلة التي تركها وراءه على النار.
في تلك الأثناء كان تيد هاردي، صاحب أحد متاجر القرية هو الأكثر تواصلًا مع كونستانس في زياراتها الخاطفة و النادرة إلى القرية، حيث كان المتجر الوحيد الذي تدخله هو متجر تيد حيث لم تنطق كونستانس بكلمة واحدة عندما كانت في متجر تيد تشتري الإمدادات، فقط كانت تلتقط ما تريد وتلقي النقود على المنضدة وتغادر بصمت، بالمقابل كان تيد كما كان أسلوبه المعتاد، يبتسم بخشوع ويواصل مستمرًا في الثرثرة، قائلاً: نعم، هذا اختيار جيد سيدتي، كان هذا جديدًا في الأمس فقط أحضرناه للمتجر.
لم تكن كونستانس خائفة من القرويين وفي الواقع لم تكن كونستانس خائفة من أي روح مميتة أو من أولئك الذين يعيشون تحت الأرض أيضًا كما كانت تسمع من الإشاعات التي يطلقها القرويين لإخافتها ولم يزعجها التفكير في احتمال وجود أرواح انتقامية تجوب الغابة خلال ساعات الظلام.
لكن القرويين كانوا مخطئين عندما أشاعوا أن كونستانس جابت الغابة ليلًا، لأن كونستانس لم تفعل شيئًا كهذا بل كانت تخاف من الغابة في الليل، وذلك لأن كونستانس كان تخاف بشدة من الذئاب، وكانت خائفة بشدة من الذئاب حيث كانت تعتقد في خيالها أنهم كانوا في كل مكان ويتجولون في الظل ويخدشون الجدران الخشبية لمنزلها، يستنشقون الروائح من المباني الخارجية.
لذلك كانت تحرص على إبقاء بابها مغلقًا وتقوم بتحميل بندقيتها بالرصاص حيث إذا وجدت الذئاب طريقة للدخول إليها فستكون جاهزة، وكان الشتاء المصيري بعد رحيل موريس الحزين عن هذه الحياة قاسياً بشكل غيرعادي ثمّ بدأ تساقط الثلوج في وقت مبكر من شهر نوفمبر، وتبع ذلك عاصفة ثلجية تلتها عاصفة ثلجية حولت القرية وحقول المزارعين ومسارات الغابة إلى اللون الأبيض الصامت.
تراكمت الانجرافات على أبواب الناس بحيث غامر عدد قليل من القرويين بالخروج حتى خلال ساعات النهار القصيرة، ولم يغامر أحد بالخروج طوال الليل ثمّ بدأ متجر تيد هاردي في الوقوع في الأوقات الصعبة حيث تضاءلت أعداد الناس التي تدخل إليه إلى أعداد القليل وبدأ رصيده المصرفي في التراجع بسرعة.
كان المال لدى تيد أقل من المعتاد، حيث لم يتجرأ أحد للخروج من المنزل لقضاء حاجاته من المتجر، وقد لا يجد أي روح شجاعة ستقاتل الرياح العاصفة، وعواصف البَرَد الحادة للوصول إلى المتجر، لذلك جلس تيد وكان وجهه قاتم أمام سجل النقود الخاص به، وهو يعد بحزن أكوامًا صغيرة حزينة من العملات المعدنية مرارًا وتكرارًا، كما لو أنه بذلك من الممكن أن يزيدوا لوحدهم.
لكن تيد لم يصبح رجلاً ثريًا دون أن يكون واسع الحيلة لذلك توصل إلى خطة وكانت خطة مليئة بالمخاطر ولدت من اليأس ففكر بطريقة لجمع بعض الأموال الإضافية وكان أول ما خطر بباله سكان الغابة الذين كانوا محبوسين في منازلهم في الغابة ومحتجزين هناك بثلوج ضخمة، وقال في نفسه: إنه يجب أن يكون لديهم نقص في الإمدادات والطعام ثمّ فكر في أنّه عندما تكون هناك حاجة ماسة للإمدادات، وسوف يمّكن له ذلك رفع الأسعار وأستغلال حاجتهم.
لذلك بدأ تيد في التخطيط لكيفية إيصال الإمدادات إلى هذه الأجزاء النائية من المقاطعة حيث سيحتاج إلى مزلقة كلب تجرها ستة كلاب، فذهب إلى تشارلي صاحب مزلقة الكلاب وطلب منه أن يذهب بالمزلقة إلى الغابة، لكنّ تشارلي هز رأسه بعنف وقال : لا سيد، لن أخاطر بحياتي هناك في البرية حينها أدرك تيد أنه سيضطر إلى قيادة الزلاجة بنفسه.
ثمّ قام تيد بالمحاسبة على أ-جرة الزلاجه والكلاب وعندما تم ذلك، كان يعتقد أنّ السعر النهائي الذي سيطلبه مقابل المؤن المنقذة للحياة التي سيحضرها إلى سكان الغابة أمرًا مذهلاً، كان اليوم الذي اختار فيه تيد الخروج إلى الغابة أكثر هدوءًا من الأيام السابقة حيث هبت الرياح ولم يسقط ثلوج بين عشية وضحاها، دعا تيد تشارلي لإحضار الزلاجة وكلاب الصيد إلى المتجر وقام بالطلب من تشارلي مساعدته في تحميل الإمدادات.
كان الهواء لا يزال باردًا مثل أي يوم في ذلك الشتاء، ولذلك ارتدى تيد فراء من الرأس إلى القدم: قبعة من الفرو، ومعطف وقفازات كذلك من الفرو، وأحذية مبطنة بالفراء وكان همّ تيد الرئيسي هو الحفاظ على حرارة كافية في يديه حتى يتمكن من عد الأموال التي سيجمعها دون التحسس وإسقاط أي عملة معدنية.
مر الجزء الأول من رحلته ببطء حيث كانت الانجرافات الثلجية أعمق في الممرات المفتوحة والحقول المحيطة بالقرية وكان الذهاب للغابة صعبًا، لكن الكلاب كانت قوية ومدربة تدريباً جيداً، وبمجرد أن بدأ تيد في قيادة الحيوانات إلى الأمام وكان قد تعود على تأرجح الزلاجة المحملة، تم إحراز تقدم أفضل.
في البداية كان سكان الغابة سعداء برؤية تيد وإمداداته تصل إلى أبوابهم لكنّهم كانوا أقل سعادة عندما أدركوا أن الأسعار المطلوبة للدقيق واللحوم ومنتجات الألبان ستوقعهم في الديون لشهور قادمة، لكنهم أخذوا ما احتاجوا رغم ذلك.
ونظرًا لتخطيط مسارات الغابة فإن الانتقال من كوخ إلى آخر يعني الكثير من التتبع الخلفي والتحويل، ونتيجة لذلك بدأ الظلام يسقط في جميع أنحاء الغابة وكان تيد صاحب المتجر وكلاب الصيد لم يكملوا إفراغ نصف الزلاجة، لكن تيد كان مصمماً على عدم ترك المشروع الذي بدأه قبل بيع كل قطعة، فضرب بسوطه الكلاب وحثهاعلى التقدم.
كانت أعمق بقعة في الغابة في الوقت الذي وصل فيه تيد هي كوخ كونستانس، حيث لم تكن هناك أي علامة على وجود حياة فيه سوى وميض شمعة واحدة بداخله، وعلى الرغم من أن تيد نفسه كان هو أصل الشائعات حول كونستانس في أنها تطارد الغابة ليلاً مع إيمانه بعدم صحة كلامه حولها، إلا أنّ الأمر تحول اليه حيث يطارد هو الغابة ليلاً الآن.
وعند وصوله كوخها كان على يقين من أن المرأة الغريبة، الصامتة، الذكية على الرغم من غرابة أطوارها ستكون في المنزل في هذه الساعة المتأخرة، قام بتقييد مزلقة الكلب في عمود خشبي وأخذ آخر حزمة متبقية من لحم البقر والجبن المضغوط حتى باب الكوخ حيث حاول فك مزلاج الباب، لكن الباب كان مغلقًا ثمّ نادى على كونستانس، لكن لم يكن هناك رد من الداخل.
بدأت كلاب الصيد، المتعبة والقلقة والجائعة الآن في إطلاق عواء واحدًا تلو الآخر حيث كان الصوت غريب ويتردد حول التجاويف تحت غطاء الشجرة، وحينما سمعت كونستانس داخل الكوخ عويلًا وخدشًا عند الباب، أومأت برأسها بهدوء إلى نفسها حيث كان هذا ما كانت تتوقعه، لقد فكرت أن الذئاب سئمت من انتظارها للخروج إلى الغابة وقد أتوا من أجلها أخيرًا.
قالت لنفسها: نعم، الذئاب هنا، وعندما سمعت ما بدا وكأنه صوت بشري الذي كان صوت تيد يناديها، عرفت أن الذئاب كانت تحاول خداعها للخروج، لكنها لم تكن لتخدع لأنّها كانت قد حملت البندقية بالفعل في حضنها وهي الآن تجهزها، وخارج الكوخ بدأ تيد ينفد صبره حيث كان مصممًا على عدم أخذ هذه الحزمة الأخيرة الصغيرة إلى المتجر غير المباعة، ولذا نظر عن كثب إلى الباب بأفضل ما يستطيع في الظلام.
مثل بقية الكوخ ، كان الباب متهالكًا واعتقد تيد أنه إذا دفع الباب بكتفه سيتسنى له الدخول، لذلك وضع دفع بكتفه على لوحة الباب ودفعه حيث انفتح الباب الهش وسقط تيد للأمام حتى العتبة وعندما فُتح الباب، رأت كونستانس مخلوقًا مخططًا مرتبكًا من الفراء حيث كان تيد الذي يرتدي الفراء من رأسه لقدمه، فقامت بإطلاق النار على رأسه ظناً منها أنّه حيوان متوحش وكان صوت الانفجار في الكوخ الصغير يصم الآذان
أصبح الناس في القرية عندما يتحدثون عن كونستانس الآن، فهذه قصة مختلفة يروونها فهم يتحدثون عن صمتها في المحاكمة. يتحدثون عن سجنها لبقية حياتها في منزل آمن للمعاقين ذهنياً والذي كان حكم المحكمة عليها نتيجة قتلها تيد،كما أنهم يتحدثون بسعادة أكبر عن أفضل الأسعار المعروضة في متجر تيد تحت إشراف المالك الجديد، السيد تشانغ، حيث اختفى دعاة الشائعات في القرية وعلى رأسهم تيد وكأن الشائعات التي أطلقها على كينساس كانت بطريقة غير مباشرة سبباً في موته.


شارك المقالة: