لا له في الثور ولا في الطحين

اقرأ في هذا المقال


ما الأمثال إلّا مقولات ذات مغزىً وتحمل بين طيّاتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامّة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “لا له في الثّور ولا في الطّحين”.

أصل مثل: “لا له في الثّور ولا في الطّحين”

يُعدّ مثل: “لا له في الثّور ولا في الطّحين”، من الأمثال التي ترجع في أصولها إلى الحارة المصرية، إذ إنّها المنبع الأول للأمثال الشعبيّة، فالإنسان البسيط الذي كان يقطن الحارة كان يتميز بفصاحة اللسان، فمن كثرة احتكاكه بالمواقف، والأمور التي تحدث أمامه كلّ يوم، كان يبدع في إخراج الأمثال الشعبيّة، والتلفّظ بها بما يتناسب مع المواقف الحياتية المختلفة.

فيم يضرب مثل: طلا له في الثور ولا في الطحين”؟

كما هو معروف عن الأمثال أنّه يتمّ تداولها عبر الأجيال، فيصعب اندثارها ويدوم انتشارها، ويُضرب مثل: “لا له في الثّور ولا في الطّحين”، في الإنسان الذي يتدّخل في موقف ما، لا علاقة له به من قريب أو بعيد، سواء كان هذا بإرادته أو رغمًا عنه.

قصة مثل: “لا له في الثور ولا في الطحين”

حكاية مثل: “لا له في الثّور ولا في الطّحين”، إلى زمن بعيد، حيث عمّ التّقشّف والجفاف في الشّارع المصريّ، وإذ ذاك لم يجد الفقراء والمساكين قوت يومهم، وكانوا يتجمّعون أمام مطاحن القمح، كي يعطف عليهم الأغنياء وأصحاب المطاحن، ويمنّون عليهم بقليلٍ من الطّحين، ليعودوا إلى أبنائهم وذويهم بأيّ شيء يسدّ الرّمق.

ثور كبير كان يقوم بجرّ الطّواحين في تلك المطاحن، إذ إنّ عملية الطّحن تقع على كاهل الثّور الذي يقوم بلفّ الطّاحونة طوال النّهار، وحين يضيق أصحاب المطاحن والأغنياء ذرعًا بالفقراء، كانوا يطردونهم قائلين: اذهبوا من هنا، فأنتم لا لكم في الثّور ولا في الطّحين، أي لا علاقة لكم بعمل الثّور أو الطّحن ولا فائدة من وجودكم.


شارك المقالة: