لماذا يجب أن تشكل نظرية حجة السؤال المفتوح مشكلة لجورج إدوارد مور؟ يبدو أنّه لأنّ حجة الحشو العقيمة العريقة لا تعمل ضدها، حيث خاتمة حجة الحشو العقيمة هي:
1- بالنسبة لأي حرف (X) طبيعي أو ميتافيزيقي، فإذا جملة رقم (أ) تقول: “(X) من الأشياء جيدة”، فذلك يوفر سببًا للعمل (أي سببًا للترويج لحالة (X))، فإنّ كلمة (جيد) لا يعني (X).
وعن طريق الاستبدال هذا يعطينا:
2- إذا (ب) الأشياء التي نرغب في رغبتها جيدة، قدمت سببًا للعمل (أي سببًا للترويج لما نرغب في الرغبة)، فإنّ كلمة الخير لا تعني “ما نرغب في الرغبة.
لماذا نسعى للخير؟
يبدو أنّ الهدف من تعريف الخير من حيث ما نرغب فيه هو عدم إعطائنا سببًا للسعي وراء ما نرغب فيه أو الترويج له، وبالأحرى من المفترض أن يشرح لماذا يمنحنا الشيء الجيد سببًا أو على الأقل دافعًا لمتابعته أو الترويج له.
لا يدافع برتراند راسل عن السعي وراء ما نرغب في تحقيقه حيث إنّه يحاول تقديم تحليل لكلمة (الخير) الذي يساعد على فهم حقيقة أننا نميل إلى السعي وراء الأشياء الجيدة وتعزيزها أو التي نعتقد أنّها جيدة، نحن نفعل ذلك لنكون صالحين فقط، ويعني أن نكون شيئًا نرغب فيه ومن ثم شيئًا في بعض الأحيان على أي حال نرغب بالفعل ما نكون عليه.
بعبارة أخرى في جملة (ب) والتي يقال فيها: “الأشياء التي نرغب في رغبتها جيدة”، حيث يُقصد بها أن تكون حشوًا قاحلًا، وهي قاحلة من حيث النتائج العملية، على الرغم من أنّه من المأمول أن يكون منيرًا فلسفيًا.
لا يقدم (وليس المقصود منه تقديم) سببًا لاتخاذ إجراء، ولكن في هذه الحالة فإن العنصر المنطقي من جملة رقم (2) هو أنّ الاعتقاد بأنّ “الأشياء التي نرغب في رغبتها جيدة” يقدم سببًا لاتخاذ إجراء وهذا خطأ، فيما يتعلق بتحليل راسل.
وبالتالي حتى إذا كان الشرط جملة رقم (2) صحيحًا، فإنّه لا يدعم النتيجة المترتبة بأنّ (الخير) لا يعني “ما نرغب في الرغبة فيه”، لذلك فإنّ حجة علم الحشو العقيمة عاجزة ضد نظرية الرغبة – الرغبة.
وليس هذا كل شيء فقد فشلت حجة علم الحشو العقيمة ضد النظريات الأخرى التي تهدف إلى تفسير جاذبية الخير بدلاً من الدعوة إلى السعي وراء بعض الأشياء الجيدة المزعومة، على سبيل المثال إذا كانت كلمة جيد تعني ما نميل بشكل مثالي إلى الموافقة عليه، فإنّ ما نميل إلى الموافقة عليه بشكل مثالي هو جيد سيكون حشوًا عقيمًا.
ولكن بما أنّ الأشخاص مثل هيوم الذين يطرحون مثل هذه التعريفات لا يقصدون أن يكونوا أي شيء آخر، فإنّهم ليسوا مجبرين على الاستنتاج بأنّ مثل هذه التعريفات خاطئة، وبالتالي إذا أردنا هزيمة المذهب الطبيعي (والذي كان من الواضح أنّه مشروع مور) فلا بد من اختراع حجة جديدة، ومن المهم على ما يُعتقد أنّ مور لم ينشر عمله الفلسفي المبادئ الأخلاقية (Principia Ethica) حتى اخترعت مثل هذه الحجة.
لا تنتهي حجة السؤال المفتوح بطريقة شرطية ولكنها قاطعة، حيث يبدأ بافتراض أنّ: “هل الأشياء (X) جيدة؟” فهو سؤال مهم أو مفتوح لأي مسند طبيعي أو ميتافيزيقي لـ (X)، وليس من الحشو أو العقيم أو غير ذلك، وأنّ ما نرغب فيه هو أمر جيد، والدليل على ذلك هو أنّ المتحدثين الأكفاء يمكنهم أن يتساءلوا بشكل منطقي عما إذا كان هذا صحيحًا أم لا.
افتراضات فلسفة مور للسعي وراء الخير:
في الواقع وفقًا لفلسفة مور يمكن لأي شخص أن يقنع نفسه بسهولة عن طريق الفحص أن الخير الأصلي يختلف بشكل إيجابي عن فكرة الرغبة في الرغبة:
1- إذا منحنا الافتراض الضمني الأول لمور بأنّه إذا كان تعبيرين مترادفين فهذا واضح عند التفكير لكل متحدث مختص، ويمكننا استنباط النتيجة التي مفادها أنّ (الخير) لا يعني (ما نرغب فيه).
2- إذا منحنا افتراضه الضمني الثاني بأنّه إذا كان لكلمتين من المسندات أو كلمتين خاصتين معاني مميزة فإنّهما يسميان خصائص مميزة، وعندها يمكننا استخلاص النتيجة التي يريدها حقًا، أي أنّ الخير لا يتطابق مع ما نرغب فيه، ومن خلال التكافؤ أو الاستدلال يمكننا أن نفعل الشيء نفسه لأي خاصية طبيعية على الإطلاق.
الآن تراجعت افتراضات مور المزدوجة في الأوقات العصيبة، فالأول يؤدي مباشرة إلى مفارقة التحليل، بينما الثاني يستبعد الهويات التركيبية مثل الماء هو (H2O)، ولكن إذا كانت صحيحة فإنّ حجة السؤال المفتوح (OQA) سوف تتخلص بالفعل من نظرية الرغبة – الرغبة جنبًا إلى جنب مع النظريات المشابهة مثل نظرية هيوم.
من الجدير بالملاحظة أنّ ديفيد لويس الذي أعاد إحياء نظرية راسل في عام 1989 (دون أن يدرك أنّها كانت نظرية راسل)، يؤكد صراحة ما ينفيه مور ضمنيًا، وأنّه يمكن أن تكون هناك حقائق تحليلية غير واضحة، وأي أنّ الحقائق ليست واضحة لكل متحدث مختص.
ولكن إذا كان مور على صواب ولم تكن هناك مثل هذه الأشياء فإنّ التحليلات الطبيعية للمفاهيم الأخلاقية مثل تحليل راسل ستكون في مأزق كبير، تعمل حجة الحشو العقيمة (BTA) فقط ضد بعض التحليلات الطبيعية لـ (الجيد)، أي تلك التي تحدد (الخير) من حيث بعض الممتلكات التي يرغب المنظر في الترويج لها.
إنّ حجة السؤال المفتوح (OQA) إذا نجحت على الإطلاق فإنّها تعمل ضدهم جميعًا، ويبدو من المرجح جدًا أنّ ما دفع مور إلى ابتكار سلاحه الفلسفي للدمار الشامل كان نظرية الرغبة في الرغبة لبرتراند راسل.
إذن لماذا لم يقل مور ذلك أو على الأقل لماذا لم ينسب تعريف الرغبة والرغبة إلى مخترعها الأصلي؟ لأنّ راسل طرح تعريفه في اجتماع الرسل، وهي جمعية يفترض أنّها سرية، حيث أخذ بريجيش مور (priggish Moore) قانون السرية على محمل الجد واستخدم للتحدث حول مناقشة أفعال الرسل بالبطاقات البريدية في حالة قراءتها أثناء النقل.
كان راسل الأقل ميلًا إلى طمأنته أن يطمئن إلى أنّ حمالين الكلية هم فقط من يقرؤوها، وأنّ المبتدئين فقط هم من يفهمون، وإن عزو نظرية الرغبة في الرغبة إلى ورقة رسولية للفيلسوف راسل كان من شأنه أن يكسر رمز الصمت (مدونة مصممة لتعزيز التبادل الحر للآراء الصادقة).
الصفحة الأخيرة من الورقة الفلسفية التي كتبها راسل “هل الأخلاق فرع من علم النفس التجريبي؟” تم وضع علامة استعلام بخط يد راسل “هل يجب تهجئة {Good / good} مع التي أجاب مور عليها بـ “جيد = جيد”، والتي تبدو وكأنها صيغة موجزة لتعريفه الشهير (الجيد) بدون تعريف (“إذا سئلت” كيف يكون التعريف جيدًا؟ فإنّ جوابي هو أنّه لا يمكن تعريفه وهذا كل ما يجب أن أقوله عنه).
إذن فإنّ نظرية الرغبة في الرغبة لدى راسل قد طرحت مشكلة لمور استغرق الأمر منه خمس سنوات لحلها، ولكن بالنظر إلى التعليق التوضيحي يبدو أنّ النقاش حول ورقة راسل بدأ عملية تحويل والتي قادت راسل نفسه إلى قبول مذاهب مور الخاصة بالمبادئ الأخلاقية (Principia Ethica).