اقرأ في هذا المقال
كل الأمم التي عاشت على الأطراف المترامية للمعمورة، تمتلك إرثها الثقافيّ الذي يخصها، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “لو كان فيه خير ما رماه الطير”.
فيم يضرب مثل: “لو كان فيه خير ما رماه الطير”؟
هذا واحد من الأمثال الشعبية المشهورة التي راجت، واعتادت الألسن قولها في البلدان العربية، والمقصود بهذا المثل، أن الشيء المتروك من قبل لا خير فيه، فعندما يقبل أحد لأخذه، يُقال: “لو كان فيه خير ما رماه الطير”، فلو كان المتروك ذا فائدة، لتبارى الآخرون في الحصول عليه.
قصة مثل: “لو كان فيه خير ما رماه الطير”:
المقصود بالطير، هو: “الباز أو الصقر”، والذي من صفته التسلط على غيره من الطيور، وقد اعتاد شيوخ العرب تدريبه على صيد جميع أنواع الطيور والعودة بها إليهم، فهي هواية متعارف عليها منذ القدم كصيد الأسماك وغيرها من الحيوانات والطيور البرية، وكان العرب يطلقون على الصقر لقب الطير، فيقول البعض: “لقد أرسلت الطير ليحضر لي صيدًا ثمينًا”، وهو بذلك يقصد صقره الذي رباه ودربه على الصيد مذ كان صغيرًا.
لقد كان من عادة الباز أن يأتي بأنواع عديدة من الطيور، إلا البومة إذ إنه لرائحتها النتنة يبادر الصقر إلى التخلص منها بمجرد إن يلتقطها؛ فيقتلها ويرميها، وقد أطلق على البومة بسبب رائحتها تلك أن لا خير فيها، أي أن المقصود بالمثل: “لو كان في البومة خير ما كان رماها الصقر”، ورغم انتشار المثل وتداوله إلا أنه يعتبر ظالم بعض الشيء، فالصقر هنا هو القاتل والبومة هي الضحية، ورغم ذلك تنعت بأنه لا خير فيها، وكأن الخير كله في الصقر.