ما هو التشويق في أساليب الكتابة؟

اقرأ في هذا المقال


الكتابة فن له أساليب وأنماط متعددّة، وهو مهارة التعبير عن المشاعر والانفعالات وتحويلها إلى أفكار ومن ثم تحويلها إلى كلمات على ورق، ولكن يعتبر الأمر المهم في الكتابة بالنسبة للكاتب هو ليس التعبير البسيط وكتابة الكلمات بل امتلاكه أسلوب الكتابة الممّيز، ومن أهم ما يميز أسلوب الكتابة احتوائه على عنصر التشويق والإثارة، وبهذا المجال على الكاتب أن يجتهد بشكل كبير حتى يحظى نصه بتشويق القارئ، وسنتحدّث في هذا المقال عن التشويق وكيف يمكن أن يحتوي النص على هذا العنصر في الكتابة.

ما هو التشويق؟

التشويق في اللغة هو مشاعر مختلطة إمّا من الحزن أو الفرح مبهمة المصدر، وهي لا تختصّ فقط بالخيال بل إنّ عنصر التشويق غالباً ما يأتي من نصوص مكتوبة وتسلسل أحداث ينتابه الغموض ويضع القارئ في شك، خاصّةً إذا اكتشف القارئ أن النتيجة تفوق توقعاته، وعرّف البعض التشويق بأنه توتّر في السرد خاصّةً في القصص والروايات والكتابات الدرامية.

كيف نستطيع البحث عن موضوع ناجح للنص؟

من أهم الأمور عند البحث عن موضوع يتوقّع الكاتب أن يلاقي نجاح وصدى واسع لدى القرّاء هو البعد عن المواضيع المكرّرة والبحث عن موضوع ربّما لم يتم طرحه من قبل، فيقرأ الكاتب كثيراً في مجالات متنوّعة لكي يستطيع تحديد ما إذا كان هذا الموضوع قد تم طرحه من قبل أو لا، تماماً كالصحفي الذي يبحث عن خبر يهزّ الصحافة ويسميه (السبق الصحفي)، بالإضافة إلى أنّ الموضوع المختار يجب أن يعرض الكاتب فيه رأيه أكثر من كتابة الاقتباسات لآراء أخرى.

كيف يضع الكاتب عنصر التشويق في النص؟

يكون عنصر التشويق بعدة خطوات أولها التركيز على اختيار العنوان اللافت الساحر في جذب انتباه القارئ؛ حيث أن الطبيعة البشرية تنخدع بالمظاهر الخارجية في البداية قبل تعمّقها في المضمون، فلا حرج إذا اختار الكاتب عنوان ليس له علاقة وطيدة بالموضوع فيقوم بلفت القارئ وكسب اهتمامه، ولا مانع من إكثار طرح الأسئلة في المقدمة التي تثير عنصر الفضول عند القارئ للبحث عن إجاباتها.

أمّا الخطوة الثانية هي الأفكار التي تختصّ بالموضوع الرئيسي في كتابتها بطريقة يجب أن تكون نابعة من الكاتب نفسه؛ حيث أن وصف الموقف أو الظاهرة تختلف عندما يصفها الشخص الذي مر بالتجربة نفسها أو أن الصف من قبل شخص آخر، وهذه تعتبر من أهم عوامل نجاح النص.

الخطوة الثالثة هي مهارة وضع الأحداث ضمن تسلسل منطقي ولبق؛ حيث أن بهذه الطريقة يقوم الكاتب بتوزيع عنصر التشويق على جميع الأحداث، وأخيراً تجنّب الوقوع في الأخطاء الإملائية التي من شأنها أن تشعر القارئ بملل كبير، بالإضافة إلى أنّها من الممكن أن تحدث تغييراً بالمعنى؛ لأنّ اللغة العربية لها قواعد وأُسس مهمّة يجب الالتزام التام بها من قبل الكاتب.

التشويق في كتابة القصص:

كتابة القصص من الأمر السهل حتى وإن كان الكاتب ليس صاحب موهبة فطرية بل مكتسبة، لكن الأصعب من ذلك هو كتابة قصة مشوّقة للقارئ تدفعه لقلب صفحتها ومعرفة النهاية.

خطوات كتابة قصة مشوقة:

الاستعداد لتأليف القصة:

ويكون ذلك باختيار موضوع مثير للقصة، وغالباً ما تكون القصص المثيرة تختص بالجرائم التي تثير القارئ لمعرفة المذنب بالقصة، ويجب على الكاتب أن يستلهم أساليب الإثارة من خلال قراءته لروايات معروفة مثل ( مغامرات تشارليك هولمز) لمؤلفها (آرثر دويل)، والتي تحتوي على الكثير من الجرائم والألغاز، وأيضاً روايات أخرى تتمحور أحداثها حول جريمة يقوم المحقق بالكف عن تفاصيلها من خلال الأحداث المتتالية.

بعد ذلك يقوم الكاتب بتحديد وتعيين الشخصية الرئيسية بالقصة أي بطل القصة، ويجب أن يبدأ القصة بعبارات افتتاحية تعطي تعريفاً عامّاً عن هذه الشخصية بما يخص مظهره الخارجي أو لباسه أو سماته الأساسية، بالإضافة لتحديد المكان والزمان الذي تتواجد في هذه الشخصية.

يبدأ الكاتب بعدها بشرح مفصّل عن الجريمة أو القضية الأساسية أو الغموض الذي تريد هذه الشخصية البحث عن حل له، مثلاً ما هي القضية؟ من هو المتهم الأول فيها؟.

يقوم الكاتب بعد ذلك بتحديد أهم الصعوبات والعقبات التي ستقابل البطل في القصة، وفي النهاية يفكّر الكاتب جيداً في الحل المناسب لهذا اللغز بحيث يكون غير واضح للقارئ بل يقوم باستنتاجه بالإضافة إلى أن يكون غير متوقع؛ حيث هذه الحلول غير المتوقعة من أهم عناصر الإثارة في الأدب.

بناء الشخصية والعقدة:

في هذه المرحلة يقوم الكاتب بتحديد الشخصية التي ستبدأ برحلة البحث عن الحقيقة في القصة، وهذه الشخصية تكون إمّا شخصاً عادياً من الممكن أن يكون حضر الجريمة عن طريق الصدفة، بعد ذلك تحديد الصفات التفصيلية لوجه وجسم هذه الشخصية ولباسه وهيئته، ويجب أن تمتلك هذه الشخصية سمة بارزة تميّزها عن غيرها من الشخصيات الأخرى.

يقوم الكاتب بعد ذلك برسم الديكور المكاني، هل سيكون في مكان عام أو مدرسة أو ضاحية، يجب على الكاتب دراسة هذا الموضوع والبحث عنه لإيجاد مكان غريب وغير مألوف تجري به أحداث القصة، بعد ذلك تحديد العقدة في القصة، ويجب أيضاً أن تكون غير مألوفة مثل: اختفاء غريب ومفاجئ لشخص ما، تلقي رسائل من شخص مجهول، سرقة تمت من شخص قريب.

يقوم الكاتب بجعل هذا الموضوع أكثر تعقيداً من خلال ربط أكثر من جريمة مع بعضها البعض، أو مثلاً ظهور أشخاص متهمين إضافيين للقصة، أو وضع أدلة تظهر في البداية أنها واضحة ولكنها زائفة في النهاية، في هذا الوقت يوظف الكاتب عناصر التشويق في القصة من خلال وضع تعقيدات مثل: أن يواجه البطل الشخص المتهم لوحده وجهاً لوجه، اختفاء الدليل الأساسي الذي يقود لحل الجريمة أو المؤامرة، التعرّض لهجوم على الشخصية وبمكان خطير بدون وجود مساعدة من أي شخص آخر، أن تواجه الشخصية الرفض من قبل المجتمع على الرغم من تملّكها لأدلّة وبراهين.

بعد ذلك يظهر الحل الإيجابي الذي يصنع تحوّل كبير في القصة، مثلاً: يكون المجرم شخص مقرّب من الشخصية الأساسية الباحثة عن الحل، قيام السلطات المختصة بالقبض على القاتل الأساسي، قيام الشخصية الأساسية بإدانة منظمة أو عصابة خفية بالجريمة وهكذا.

بعد ذلك يقوم الكاتب بعمل ملخّص كامل لمخطط القصة وتحديد العناصر الأساسية بالقصة مثل: شخصية البطل، الجريمة الأولية، أركان المؤامرة، المغامرة، العقوبة، الانتكاسات، الوحي الملهم للشخصية، كل هذه العناصر يجب ترتيبها بشكل دقيق الغموض في القصة.

البدء بكتابة القصة:

يجب عند كتابة قصة تمتاز بالتشويق أن يستخدم الكاتب العنصر الحسّي، بمعنى توظيف الحواس الخمسة من ذوق وسمع ورؤية ولمس وشم في شرح المشاهد التفصيلية للشخصية، فيصف ما تلمس الشخصية وما تشعر وما تشم من روائح وكل هذه التفاصيل، بالإضافة إلى أنّ الكاتب يجب عليه تجنب التفاصيل الطويلة والجمل التي لا إفادة لها، ومحاولة الكاتب عدم مفاجأة القارئ بالأحداث مفاجأة تامّة بل يجعل النتائج كقرائن مترابطة مع بعضها.


شارك المقالة: