من الأمر المعروف أن العلاقة بين الترجمة والعولمة هي علاقة تبادلية؛ فكلاهما يؤثّر بشكل كبير على الآخر، إمّا بشكل إيجابي أو بشكل سلبي، وإن للعولمة على الترجمة عدّة تأثيرات منها يختصّ باللغة أو التجارة أو الصناعة أو الاقتصاد أو غيره، سنتحدّث عزيزي القارئ في هذا المقال عن أهم التأثيرات الإيجابية والسلبية للعولمة على الترجمة.
تأثيرات العولمة الإيجابية على الترجمة
هنالك تأثيرات إيجابية ساهمت في أن تكون العولمة عامل إيجابي في ازدهار الترجمة وأهميّتها، وهذه التأثيرات هي ما يلي:
- تساهم العولمة في ابتكار مصطلحات وتعابير جديدة في مجال الترجمة، وذلك من خلال أن المترجم أحياناً عند تعرّضه لترجمة مصطلح أو تعبير غير مفهوم؛ فيقوم باستعارة مصطلحات من لغات أخرى، أو أحياناً ابتكار مصطلحات أخرى، مما يضيف إلى اللغات العالمية مصطلحات جديدة في عدّة مجالات.
- الإسهام في التقريب بين اللغات الأجنبية، وذلك من خلال نشاط الترجمة والذي يعتمد بشكل أساسي على اللغة، وأصبح هنالك كثير من المصطلحات الأجنبية الشائعة الاستخدام في العربية والعكس صحيح، وأحياناً تتشابه في المعنى والنطق أيضاً.
- الحاجة الكبيرة للمترجمين، وذلك بسبب انتشار العولمة صار هنالك حاجة لمترجمين في مجال الترجمة الفورية والتقريرية كذلك، ممّا ساهم بتعظيم الترجمة ذاتها، وازدادت كذلك الخدمات المتنوّعة التي تقدّمها الترجمة.
- العولمة ساهمت بأن ينشأ منافسة كبيرة بين المترجمين في كل أنحاء العالم بدفع أجور منخفضة، وذلك بسبب انتشار الترجمة والمترجمين بسبب العولمة.
- مساهمة بازدياد الحاجة للاقتراض اللغوي، والسبب في زيادة هذه الحاجة هي العولمة، وكما قال مات مور( وقد أفضى مثل هذا التفاعل بين الثقافات الذي حفزته العولمة على ترك آثار جلية على التغييرات التي طرأت على المفردات اللغوية في اللغات المتفاعلة مع بعضها، الأمر الذي أدّى إلى زيادة الاقتراض اللغوي)، وأصبح الكثير من المترجمين يتبنّون مفردات جديدة.
- توسيع الآفاق بين القرّاء والمترجمين، وذلك بسبب نشاط العولمة والذي قرّب بين ثقافات الدول المختلفة.
- ازدياد الحاجة للترجمة من قبل الشركات العالمية، وذلك بسبب العولمة كذلك.
- الحاجة المتزايدة لترجمة الإعلانات.
- تطوير التفاهم وتعزيز العلاقات السياسية والاجتماعية بين الدول.
- الاهتمام بترجمة لغات أجنبية جديدة.
تأثيرات العولمة السلبية على الترجمة
إن للعولمة عدّة تأثيرات إيجابية وسلبية على الترجمة من عدّة جوانب، وأهم التأثيرات السلبية هي:
- تهميش اللغة، ويقصد بالتهميش اللغوي هو فيما يختصّ باللغة العربية، وذلك لأن العولمة تسعى لاستخدام لغات محلية وعالمية أيضاً، وبسبب تداخل اللغات ببعضها البعض استدعت الحاجة لاستعارة بعض الكلمات الأجنبية، ممّا أدّى لتأثّر اللغة العربية بكثير من هذه الكلمات، وكما أوضح الدكتور مؤيد جمعة وقال (ومن المشاكل والتحديات التي يواجهها المترجم وجود كلمات مماثلة ومقاربة للكلمات الإنجليزية وبعض الكلمات التي فرضت بالقوة مثل كلمة الحاسوب، فنحن نستخدم كمبيوتر وكلمة الأرشيف وهي في العربية تعني (دائرة المحفوظات)، وفشلت كل المحاولات لتعريب الكلمات الأجنبية الوافدة، وذلك بسبب عولمة اللغة أي تأثير العولمة على اللغة، وليس فقط على اللغة العربية وإنّما على اللغات الأخرى).
- سيطرة وهيمنة الإنجليزية على باقي اللغات، وهذا لأنّه من المعروف والملاحظ بأن اللغة الإنجليزية أصبحت عالمية وتتعامل بها أغلب الدول كلغة رسمية ومعتمدة، وأصبح نمو وازدهار العولمة من ازدهار وانتشار اللغة الإنجليزية، وأوضحت الكثير من الدراسات أن العولمة استفادت من اللغات الأخرى، ولكن الاستفادة الأكبر كانت من اللغة الإنجليزية.
- خلق التشويش والارتباك في عدّة مفاهيم، وهذا لأن الترجمة تسعى إلى توضيح بعض المفاهيم بواسطة مدلولات غير دقيقة، ولكن بهدف الإسهام بانتشار العولمة.
- سيطرة لصناعة بعض المفاهيم والمصطلحات، فتقوم الترجمة في بعض الأحيان بصناعة بعض المصطلحات في عدّة مجالات مثل المجالات الدينية و صراع الحضارات، وذلك كنوع من الإسهام بمجال العولمة، ومن أكثر الأمثلة على صناعة المصطلحات هو مصطلح (العولمة).
- الاحتكار في اللغة، وذلك من خلال نشاط الترجمة الذي يسعى لاحتكار لغة واحدة كلغة معتمدة في الأسواق العالمية.