في اللغة العربية يوجد الكثير من النصوص الأدبية المختلفة؛ وبسبب الاختلاف في اللغات واللهجات والعادات والتقاليد بين شعوب العالم، فمن الأمر المهم توفّر ما يسمّى بمجال ترجمة النصوص الأدبية، سنتحدّث في هذا المقال عن مفهوم الترجمة الأدبية الأساسي، وعن بعض النقاط التي توضّح المعنى الأساسي لهذا المفهوم.
ما هي الترجمة الأدبية
هنالك الكثير من أنواع الترجمة، وهنالك مجالات متعدّدة وكثيرة من الترجمة، ولكن من أهم مجالات الترجمة هي مجال الترجمة الأدبية؛ والسبب في ذلك هي أن هذا النوع من الترجمة هو الأكثر دقّة وصعوبة من غيره من المجالات، وهو يحتاج إلى الكثير من المعرفة بالأدب ومجالاته المختلفة، وهو يحتاج إلى متخصّصين في هذا المجال، والترجمة الأدبية هي عبارة عن تحويل مجموعة من النصوص بأنواعها المختلفة مثل: النصوص، الروايات، الشعر، القصص، النثر وغيرها من لغة معيّنة إلى لغة أخرى.
ويقوم المترجم الأدبي المتخصّص في هذا المجال على دراسة أهم المعاني والصور الجمالية وأهم الأفكار التي يحملها هذا النص، وبالتالي يستطيع المترجم الأدبي أن يفهم المعنى التام لهذا النص، ومن ثم يقوم بترجمته إلى لغة أخرى دون أي نقصان، والمعنى أن المترجم الأدبي لا يجوز أن يقوم بترجمة النص بشكل حرفي، بل هي عبارة عن عملية لنقل المعنى من لغة معينة إلى لغة أخرى.
ويتميّز كل نص من تلك النصوص الأدبية التي يسعى المترجم الأدبي لترجمتها بكثير من الصور الجمالية في اللغة مثل: الكناية، التشبيه، الصور التعبيرية، وجميع هذه الصور الجمالية تستخدم لنقل المعنى المراد إيصاله من خلال هذا النص، وهذه الصور من أهم العناصر الأساسية في النص والتي يجب على المترجم الأدبي التركيز عليها؛ وهذا لأن النظر فقط للنص العام دون التعمّق بتلك المعاني لا يكفي لارتقاء بمستوى النص المراد ترجمته.
على سبيل المثال هنالك بعض الجمل في اللغة العربية أو اللغة الإنجليزية إن تم ترجمتها بشكل حرفي؛ فسوف يكون المعنى المترجم مختلف تماماً عن المعنى الأساسي للنص؛ لذلك يجب على المترجم الأدبي أن يقوم بفهم المعنى الذي يسعى الكاتب لإيصاله للقارئ من خلال استخدامه لتلك الصيغة، وأن يقوم بترجمته بمعناه الأصلي.
كيف تتم عملية الترجمة
لكل شكل من أشكال العمل الأدبي مجموعة من الأمور التي يجب على المترجم مراعاتها في الترجمة، وهي تعتمد على نوع العمل الأدبي المراد ترجمته، على سبيل المثال: إن كان المترجم يريد أن يقوم بترجمة نص مسرحي؛ فيجب عليه في تلك اللحظة أن اللغة المناسبة لمخاطبة القارئ، وأن يفهم بشكل جيّد ما هي العلاقة بين الشخصيات الرئيسية في هذا النص المسرحي.
وإن كان هذا العمل هو عبارة عن قصة أو رواية؛ فعلى المترجم الأدبي أن يراعي عنصر الوحدة الموضوعية للنص، وهذا يعني أن يركّز على موضوع القصة والرواية وعلى الشكل الأساسي لها، وأن لا ينسى المترجم الأدبي أن يراعي ترجمة العبارات والمفردات التي تعبّر عن معاني أخرى، وبالتالي يحافظ المترجم الأدبي على التماسك اللغوي للنص؛ وهذا لأن القصص والروايات هي من أكثر النصوص الأدبية التي يلجأ الكاتب بها لاستخدام الكثير من الصور الجمالية في اللغة العربية.
من أكثر أنواع النصوص الأدبية التي يواجه المترجم الأدبي في ترجمتها وإيصال المعنى الأساسي لها هي الشعر؛ والسبب في ذلك هو أنّ الشعر يكتب بشكل فني وبإيقاع معيّن، ويوجد صعوبة في إيجاد نص مماثل له أو قريب بالمعنى، بالإضافة لاحتواء الشعر على الكثير من الصور الشعرية التي تخفي بداخلها الكثير من المعاني والأفكار.
لهذا السبب يجب على المترجم الأدبي الذي يريد ترجمة نص شعري أن يمتاز بصفات رفيعة في مجال الترجمة الأدبية، وفهم كبير بلغة النص الأصلية، بالإضافة لمعرفة واسعة بالنص المترجم، ويجب عليه أن يكون ذو دراية كبيرة بثقافة هاتين اللغتين المختلفتين عن بعضهما البعض في اللغة والمتشابهتان في المعنى الأساسي المراد إيصاله للقارئ.
وهذا الاختلاف في اللغة ينشأ بسبب الاختلاف في اللغات بين شعوب العالم؛ فهنالك اختلاف بين بلدان العالم العربي في اللغة الأم أو المحكيّة، بالإضافة للاختلاف الموجود في العادات والتقاليد فيما بينهم، وهذا الأمر يترتّب عليه اشتراط دقّة كبيرة في عملية الترجمة الأدبية، وأن يتم إيصال المعنى كما هو دون أي زيادة أو نقصان، وهذه تعتبر موهبة بالإضافة لكثير من الخبرة والتدريب.