قصة مرآة ماتسوياما

اقرأ في هذا المقال



مرآة ماتسوياما قصة يابانية في كتاب الجنيات الياباني ترجمة ياي ثيودورا أوزاكي ضمن (The Japanese Fairy Book).

الشخصيات:

  • الأب.
  • الأم.
  • الفتاة.

قصة مرآة ماتسوياما:

في الأيام الأولى من مرضها، اعتقد الأب وابنته أنها مجرد نزلة برد، ولم يشعرا بالقلق في البداية لكن الأيام مرت وما زالت الأم لا تتحسن، ولقد ازدادت سوءًا وكان الطبيب محتارًا، لأنه على الرغم من كل ما فعله فإن المرأة الفقيرة كانت تضعف يومًا بعد يوم ثمّ أصيب الأب وابنته بالحزن، وفي النهار أو الليل لم تترك الفتاة جانب والدتها ولكن على الرغم من كل جهودهم، لم تكن حياة المرأة لتُنقذ.
ذات يوم بينما كانت الفتاة جالسة بالقرب من سرير والدتها، تحاول أن تختبئ بابتسامة مبتهجة المتاعب القاتلة في قلبها ،نهضت الأم وأخذت يد ابنتها محدقة بجدية وحب في عينيها حيث تعبت أنفاسها وتحدثت بصعوبة وقالت: ابنتي، أنا متأكد من أنه لا يوجد شيء يمكن أن ينقذني الآن وعندما أموت، عديني بأن تعتني بوالدك العزيز وأن تحاولي أن تكوني فتاة طيبة.
قالت الفتاة بينما اندفعت الدموع على عينيها: آه، يا أمي لا يجب أن تقولي مثل هذه الأشياء، كل ما عليك القيام به هو التعجيل والشفاء وهذا سيجلب أعظم السعادة للأب ونفسي، فقالت الأم: نعم، أعلم ومن دواعي سروري في أيامي الأخيرة أن أعرف كم أنت متلهفة للغاية بالنسبة لي لأتحسن، ولكن هذا لا يحدث مع العلم بأنني مستسلمة تمامًا لمصيري، والآن سأعطيكي شيئاً لتتذكريني به عندما أرحل.

منذ سنوات طويلة في اليابان القديمة كان يعيش في مقاطعة إيتشيغو، وهي منطقة نائية جدًا من اليابان حتى في هذه الأيام، رجل وزوجته،عندما بدأت هذه القصة كانا متزوجين منذ عدة سنوات وكان لديهم ابنة صغيرة حيث كانت الفرح والفخر في حياتهما، وقد كانت مصدرًا لا نهاية له من السعادة لشيخوختهم.
وعندما كانت تبلغ من العمر ثلاثين يومًا فقط، كانت والدتها الفخورة تحملها لحضور مهرجان الدمى الأول لها، وربما كانت أهم مناسبة على الإطلاق وفي عيد ميلادها الثالث، عندما تم ربط أول وشاح من قماش الديباج العريض من القرمزي والذهبي حول خصرها الصغير، مما يشير إلى أنها تجاوزت عتبة الطفولة وتركت طفولتها، والآن بعد أن كانت في السابعة من عمرها، وتعلمت التحدث لوالديها بهذه الطرق الصغيرة الكثيرة العزيزة على قلوب الآباء الأعزاء، بدأت سعادتهم تكبر.
وذات يوم ساد المنزل الكثير من الإثارة، فقد تم استدعاء الأب فجأة إلى العاصمة للعمل حيث في تلك الأيام كان من الصعب إدراك معنى مثل هذه الرحلة من ماتسوياما إلى كيوتو لأنّ الطرق كانت وعرة وسيئة، وكان على الناس العاديين السير في كل خطوة على الطريق، سواء كانت المسافة مائة أو عدة مئات من الأميال، وفي الواقع في تلك الأيام كان الذهاب إلى العاصمة أمرًا صعباً وشاقاً.
لذلك كانت الزوجة قلقة للغاية بينما كانت تساعد زوجها في الاستعداد للرحلة الطويلة، وهي تعلم ما هي المهمة الشاقة التي أمامه، لقد تمنت عبثًا أن تتمكن من مرافقته لكن المسافة كانت أكبر من أن تقطعها الأم والطفلة، وإلى جانب ذلك كان من واجب الزوجة رعاية المنزل، كان كل شيء جاهزًا في النهاية، ووقف الزوج في الشرفة مع أسرته الصغيرة حوله حيث طلب من زوجته عدم القلق والإعتناء بابنته أثناء غيابه.
ثمّ ودعته زوجتة والدموع كانت تسقط مثل المطر من عينيها وكانت الفتاة الصغيرة هي الوحيدة التي تبتسم، لأنها كانت تجهل حزن الفراق، ولم تكن تعلم أن الذهاب إلى العاصمة كان مختلفًا تمامًا عن المشي إلى القرية التالية ثمّ ركضت إلى جانب والدها وتمسكت بأكمامه الطويلة لتبقيه للحظة ولكنه اضطر للمغادرة.
عندما استدار الأب لإلقاء نظرة أخيرة على زوجته الباكية وطفلته المبتسمة، شعر كما لو أن شخصًا ما كان يسحبه من قلبه، وكان من الصعب عليه تركهم وراءهم، لأنهم لم يفترقوا أبدًا من قبل، لكنه كان يعلم أنه يجب أن يذهب لأن المكالمة كانت ضرورية، و بجهد كبير توقف عن التفكير وابتعد بحزم، وذهب بسرعة إلى الحديقة الصغيرة وخرج من البوابة.
كانت زوجته تلاحق الطفل بين ذراعيها، وركضت حتى البوابة وشاهدته وهو يسير في الطريق بين أشجار الصنوبر حتى ضاع في ضباب المسافة وكل ما استطعت رؤيته هو قبعته الجذابة وفي النهاية اختفت أيضًا، قالت الأم وهي تشق طريقها إلى المنزل: الآن رحل والدك، ويجب أن نعتني بكل شيء حتى يعود.
قالت الطفلة وهي تومئ برأسها نعم، سأكون جيدة جدًا وعندما يعود أبي إلى المنزل من فضلك أخبريه كم كنت جيدة وبعد ذلك ربما يقدم لي هدية، ابتسمت الأم ثم شرعت في عمل الملابس الشتوية لثلاثة منهم حيث قامت بتركيب عجلة الغزل الخشبية البسيطة ولفت الخيط قبل أن تبدأ في نسج المواد، وخلال فترات عملها وضعت ألعاب الفتاة الصغيرة وعلمتها قراءة القصص القديمة وهكذا وجدت الزوجة العزاء في العمل خلال أيام الوحدة التي غاب فيها زوجها، وبينما كان الوقت يمر بسرعة في المنزل الهادئ، أنهى الزوج عمله وعاد.
كان من الصعب في البداية التعرف عليه لأنّه كان يسافر يومًا بعد يوم، ويتعرض لجميع الظروف الجوية لمدة شهر تقريبًا، وتعرض لحروق الشمس ثمّ تحول لونه إلى البرونز، لكن زوجته وطفلته عرفاه في لمحة، وطارا لمقابلته من كلا الجانبين كل منهما يمسك بواحد من أكمامه في تحية شغوفة.
ابتهج كل من الرجل وزوجته ليجد كل منهما الآخر بخير، لقد بدا وقتًا طويلاً جدًا للجميع وكان مرة أخرى في وسطهم في غرفة الجلوس المألوفة القديمة التي كانت فارغة جدًا أثناء كان بعيدا، وبمجرد أن جلسوا على الحصير الأبيض، فتح الأب سلة من الخيزران التي كان قد أحضرها معه، وأخرج دمية جميلة وصندوقًا مليئًا بالكعك، وقال للفتاة: هنا هدية لك، إنها جائزة لأهتمامك بوالدتك والمنزل بشكل جيد أثناء غيابي.
قالت الطفلة: شكرًا لك وهي تحني رأسها على الأرض، ثم مدت يدها المتلهفة لتأخذ الدمية والصندوق، وكانت سعادة الفتاة الصغيرة كبيرة حيث بدا وجهها كما لو كان يذوب من الفرح، ثمّ غطس الزوج مرة أخرى في السلة، وأخرج هذه المرة صندوقًا خشبيًا مربعًا مربوطًا بعناية بخيط أحمر وأبيض وسلمه لزوجته، وقال: وهذا لك.
أخذت الزوجة الصندوق، وفتحته بعناية وأخرجت قرصًا معدنيًا بمقبض متصل، كان أحد الجانبين ساطعًا ومشرقًا مثل البلور، والآخر مغطى بأشكال مرتفعة من أشجار الصنوبر التي تم نحتها من سطحها الأملس في واقع نابض بالحياة، لم تر مثل هذا الشيء من قبل في حياتها، لأنها ولدت وترعرعت في مقاطعة إيتشيغو الريفية ثمّ حدقت في القرص اللامع ونظرت بدهشة وذهول على وجهها، قالت: أرى شخصًا ينظر إلي في هذا الشيء المستدير! ما الذي أعطيتني إياه؟
ضحك الزوج وقال: لماذا، إنه وجهك الذي تريه، ما أحضرته لك يسمى مرآة، ومن ينظر إلى سطحه الواضح يمكنه أن يرى شكله الخاص ينعكس هناك، وهناك في المدينة تعتبر المرآة شرطًا ضروريًا للغاية يجب أن تمتلكه المرأة. هناك مثل قديم يقول: بما أن السيف هو روح الساموراي، كذلك فإن المرآة هي روح المرأة، ووفقًا للتقاليد الشعبية فإن مرآة المرأة هي مؤشر لقلبها، كما أنه أحد الكنوز التي تشكل شارة الإمبراطور، لذلك يجب أن توضع في مكان رائع بجوار المرآة، وأن تستخدمها بعناية.
استمعت الزوجة إلى كل ما قاله لها زوجها، وكانت سعيدة بمعرفة الكثير مما كان جديدًا عليها وكانت لا تزال سعيدة أكثر بالهدية الثمينة وقالت: إذا كانت المرآة تمثل روحي، فسأعتز بها بالتأكيد باعتبارها ملكية ثمينة ولن أستخدمها أبدًا بلا مبالاة، ثم أغلقتها في علبتها ووضعتها بعيدًا وبعدما رأت الزوجة أن زوجها كان متعبًا جدًا، شرعت في تقديم وجبة العشاء وجعل كل شيء مريحًا قدر استطاعتها، وبدا الأمر للعائلة الصغيرة كما لو أنهم لم يعرفوا ما هي السعادة الحقيقية من قبل لذلك كانوا سعداء للغاية لأنهم عادوا معًا مرة أخرى، وكان لدى الأب هذا المساء الكثير ليخبره عن رحلته وكل ما رآه في العاصمة العظيمة.
مر الوقت في المنزل الهادئ، ورأى الوالدان أن آمالهما العزيزة تتحقق عندما نمت ابنتهما من الطفولة إلى فتاة جميلة في السادسة عشرة لكن، للأسف! في هذا العالم لا شيء يدوم إلى الأبد، حتى القمر ليس دائمًا مثاليًا في الشكل وتتفتح الأزهار ثم تتلاشى، لذا في النهاية تفككت سعادة هذه العائلة بسبب الحزن الشديد حين مرضت الزوجة الصالحة والطيبة والأم ذات يوم.

ثمّ مدت يدها وأخذت من جانب الوسادة صندوقًا خشبيًا مربعًا مربوطًا بحبل حريري وأخرجت من الصندوق المرآة التي أعطاها لها زوجها منذ سنوات، عندما كانت ابنتها لا تزال طفلة صغيرة، وقالت: ذهب والدك إلى العاصمة وأحضر هذا الكنز كهدية، إنها تسمى المرآة.
سأعطيك هذا قبل أن أموت، إذا كنت بعد موتي سوف تشعرين بالوحدة وتشتاقين لرؤيتي أحيانًا، فقط قومي بإخراج هذه المرآة وستجديني دائمًا في السطح الصافي والمشرق لذلك ستتمكنين من مقابلتي كثيرًا وسوف تخبريني بكل ما في قلبك، وعلى الرغم من أنني لن أكون قادرًا على التحدث، فسأفهمك مهما حدث لك في المستقبل، وبهذه الكلمات سلمت المرأة المحتضرة المرآة لابنتها.
بدا أن عقل الأم الطيبة في حالة راحة الآن، وتلاشت روحها بهدوء في ذلك اليوم، كان الأب وابنته متوحشين بالحزن لقد شعروا أنه من المستحيل ترك المرأة المحبوبة التي ملأت حياتهم كلها حتى الآن وإيصال جسدها إلى الأرض، لكن هذا الحزن الهائل مر، وعلى الرغم من ذلك بدت حياة الابنة مقفرة لها.
لم تنس حبها لوالدتها الميتة بمرور الوقت وكانت حريصة جدًا على تذكارها، وكل شيء في الحياة اليومية كان يذكرها بها، حتى سقوط المطر وهبوب الريح يذكرها بذلك، وذات يوم عندما كان والدها خارج المنزل، وكانت تقوم بأعمالها المنزلية بمفردها حيث بدت وحدتها وحزنها أكثر مما تستطيع تحمله ثمّ ألقت بنفسها في غرفة والدتها وبكت وكأن قلبها سينكسر، كانت تتوق إلى لمحة واحدة فقط عن وجه أمها المحبوب، أو صوت واحد من صوتها ينادي بأسمها أو للحظة نسيان الفراغ المؤلم في قلبها.
فجأة جلست. كانت كلمات والدتها الأخيرة تدوي في ذاكرتها حتى الآن ثمّ تذكرت أنّ والدتها عندما أعطتها المرآة كهدية فراق وأنه كلما نظرت إليها يجب أن تتمكن من مقابلتها لرؤيتها، فقالت في نفسها: كدت أنسى كلماتها الأخيرة كم أنا غبية، سأحضر المرآة الآن وأرى هل يمكن أن يكون صحيحًا!
جفت عينيها بسرعة، وذهبت إلى الخزانة وأخرجت الصندوق الذي يحتوي على المرآة، وقلبها ينبض بترقب وهي ترفع المرآة إلى الخارج وتحدق في وجهها الناعم، وعندما نظرت في المرآة المستديرة أمامها رأت وجه أمها، لكن المفاجأة السعيدة! لم تكن والدتها نحيفة وهزيلة بسبب المرض، ولكن كانت تلك المرأة الشابة والجميلة كما كانت تتذكرها منذ زمن بعيد في أيام طفولتها الأولى، ثمّ بدا للفتاة أن الوجه في المرآة يجب أن يتكلم قريبًا، كادت أن تسمع صوت والدتها، لذلك نظرت عيون المرآة إليها بجدية. خاصة.
فقالت في نفسها: إنها بالتأكيد روح أمي التي أراها، إنها تعرف كم أنا بائسة بدونها وقد جاءت لتريحني، كلما اشتاق لرؤيتها سوف تقابلني هنا ومنذ ذلك الوقت خف ثقل الحزن على قلبها الشاب، وكانت كل صباح، لتجمع القوة من أجل واجبات اليوم أمامها، وكل مساء من أجل العزاء قبل أن تستلقي للراحة كانت الفتاة الصغيرة تخرج المرآة وتحدق في الانعكاس الذي اعتقدت أنه في بساطة قلبها البريء أنّه روح والدتها.
وهكذا انقضت سنة في حداد في الأسرة الصغيرة، وعندما تزوج الرجل مرة أخرى بناءً على نصيحة من أقربائه ، ووجدت الابنة نفسها الآن تحت سلطة زوجة الأب لكن أيامها التي أمضتها في تذكر والدتها الحبيبة ومحاولة أن تكون ما تود تلك الأم أن تكون عليه، جعلت الفتاة الصغيرة سهلة الانقياد والصبر، و كل شيء سارعلى ما يبدو بسلاسة في الأسرة لبعض الوقت في ظل النظام الجديد، لم تكن هناك رياح أو موجات من الخلاف تزعج سطح الحياة اليومية، وكان الأب راضياً.
ومع مرور الأيام و الشهور، بدأت زوجة الأب في معاملة الفتاة بطريقة غير لائقة ووضع المشاكل بينها وبين والدها حيث كانت في بعض الأحيان كانت تذهب إلى زوجها وتشتكي من سلوك ابنة زوجها، لكن الأب الذي يعلم أن هذا كان متوقعًا لم ينتبه لشكواها السيئة، وبدلاً من التقليل من حبه لابنته كما ترغب زوجته فإن تذمرها جعله يحبها أكثر.
سرعان ما رأت المرأة أن هذا لم يرضيها على الإطلاق، وبدأت تقلب في ذهنها كيف يمكنها بطريقة أو بأخرى إخراج الفتاة من المنزل ثمّ راقبت الفتاة بعناية، وذات يوم اختلست النظر إلى غرفتها في الصباح الباكر، ظنت أنها اكتشفت خطيئة خطيرة بما يكفي لاتهام الفتاة أمام والدها وكانت المرأة نفسها خائفة قليلاً مما رأته.
فذهبت على الفور إلى زوجها وصنعت بعض الدموع الكاذبة فقالت بصوت حزين: من فضلك أعطني الإذن بتركك اليوم، تفاجأ الرجل تمامًا من طلبها، وتساءل عن السبب، فبدأت المرأة تبكي من جديد وتقول أنّ حياتها في خطر، وبعدما طلب منها أن توضح له الخطر، فقالت: سأخبرك بما أنك سألتني، ابنتك تكرهني وهي تغلق على نفسها في غرفتها صباحًا ومساءً ، وعندما نظرت إلى الداخل رأيتها وهي تصنع صورة لي وتحاول قتلي بالفن السحري، وتشتمني يوميًا.
ثمّ قالت: ليس من الآمن بالنسبة لي البقاء هنا، يجب أن أذهب بعيدًا لا يمكننا العيش تحت سقف واحد بعد الآن، وبعدما استمع الزوج إلى الحكاية المروعة، لكنه لم يستطع تصديق أن ابنته اللطيفة مذنبة بارتكاب مثل هذا العمل الشرير. كان يعلم أن الناس يعتقدون من خلال الخرافات الشعبية أن شخصًا ما يمكن أن يتسبب في الموت التدريجي لشخص آخر من خلال تكوين صورة للشخص المكروه وشتمها يوميًا وتسائل ولكن أين تعلمت ابنته الصغيرة هذه المعرفة؟
كان الأمر مستحيلًا ومع ذلك، فقد تذكر أنه لاحظ أن ابنته بقيت كثيرًا في غرفتها مؤخرًا وأبعدت نفسها عن الجميع، حتى عندما جاء الزوار إلى المنزل ولكنه اعتقد أنه قد يكون هناك شيء ما يفسر القصة الغريبة، كان قلبه ممزق بين الشك في زوجته والثقة في طفلته، ولم يكن يعرف ماذا يفعل قرر الذهاب على الفور إلى ابنته ومحاولة معرفة الحقيقة، ثمّ انتقل بهدوء إلى غرفة ابنته.
وعندما دخل وجدها والدها مشغولة ثمّ رآها تنحني على شيء باهتمام شديد، وعندما نظر من فوق كتفها تفاجأت الفتاة برؤية والدها، لأنه كان يرسل لها بشكل عام عندما يرغب في التحدث معها، كانت مرتبكة أيضًا عندما عثر عليها وهي تنظر إلى المرآة، لأنها لم تخبر أحدًا عن ما قالته والدتها لكنها احتفظت بالمرآة باعتبارها السر المقدس لقلبها، لذا قبل أن تلتفت إلى والدها، أدخلت المرآة في كمها الطويل، قال والدها بفظاظة: ما الذي أخفيته في كمك؟
كانت الفتاة خائفة من قسوة والدها الذي لم يكلمها بهذه النبرة من قبل فتغير لونها وجلست بخجل غير قادرة على الرد، ثمّ أصبح كل شيء ضدها بالتأكيد وبدت الفتاة مذنبة، وكان الأب يعتقد أنه ربما ما قالته له زوجته صحيح ثمّ تحدث بغضب وأتهمها بأنّها تلعن يوميًا زوجتة وتصلي من أجل موتها، وقال لها: أنه بالرغم من كونها زوجة والدك، يجب أن تكوني مطيعة ومخلصة لها؟ أي روح شريرة استحوذت على قلبك ؟ لقد تغيرت بالتأكيد يا ابنتي.
هي من جانبها لم تكن تعرف ما يقصده والدها، فقالت لوالدها: لا تقل لي مثل هذه الأشياء المروعة، ما زلت ابنتك المطيعة من المؤكد أن شخصًا ما كان يخبرك بالكذب، لكن الأب تذكر أنها كانت قد أخفت شيئًا بعيدًا عندما دخل الغرفة لأول مرة، ثمّ طلب منها أن تخبره لماذا هي وحيدة دائمًا في غرفتها هذه الأيام؟
ثم رأت الابنة أنه يجب عليها إخبار والدها بكل شيء من أجل تبرئة نفسها. فخرجت المرآة من كمها الطويل ووضعتها أمامه، فتفاجأ الأب لأنّ هذه هي المرآة التي أحضرها كهدية لزوجته منذ سنوات عديدة! وكيف احتفظت بها طوال هذا الوقت؟ ولماذا تقضي الكثير من وقتها أمام هذه المرآة؟ ثم أخبرته عن كلمات والدتها الأخيرة، وكيف وعدت بمقابلة طفلهتا كلما نظرت في المرآة، ولكن لا يزال الأب لا يفهم بساطة شخصية ابنته في عدم معرفة أن ما رأته ينعكس في المرآة هو في الواقع وجهها وليس وجه والدتها.
فقالت الفتاة: هذا صحيح بالفعل، وإذا كنت لا تصدق ما أقوله ، فابحث عن نفسك، ووضعت المرآة أمامها، وبالنظر إلى الوراء من القرص المعدني الأملس، كان يظهر وجهها الجميل، فقالت: هل ما زلت تشك بي؟ ضرب الأب يديه معًا وقال: كم أنا غبي! في النهاية فهمت، وجهك مثل وجه والدتك، لذلك كنت قد نظرت إلى انعكاس وجهك طوال هذا الوقت معتقدة أنك وجهاً لوجه مع والدتك المفقودة! أنت حقا طفلة مخلصة وهذا يُظهرمدى براءة قلبك لقد ساعدك العيش في ذكرى دائمة لوالدتك المفقودة على النمو مثلها في الشخصية، كم كان ذكيًا منها أن تطلب منك القيام بذلك، أنا أشعر بالخجل من التفكير في لحظة واحدة كيف شككت فيك بالقيام بعمل الشر، وجئت بنية توبيخك بشدة.

ثمّ قال الأب: أرجوكِ أن تغفري لي، وهنا بكى الأب، لقد فكر في مدى الوحدة التي كانت عليها الفتاة المسكينة، وفي كل ما عانته تحت معاملة زوجة والدتها وهي تحافظ بثبات على إيمانها وبساطتها في خضم مثل هذه الظروف المعاكسة، في تلك الأثناء كانت زوجة الأب التي كانت حريصة على معرفة ما سيحدث كل هذا أثناء وقوفها خارج الغرفة وقد سمعت كل شيء ثم دفعت الباب وفي هذه اللحظة دخلت الغرفة وسقطت على الأرض حنت رأسها على يديها الممدودتين أمام الفتاة.

وقالت: أنا أشعر بالعار، لم أكن أعرف مدى المك على فراق أمك ولكن بقلب زوجة الأب الغيور، لقد كرهتك طوال الوقت وعندما رأيتك تتقاعد كثيرًا إلى غرفتك تابعتك وعندما رأيتك تحدقين يوميًا في المرآة لفترات طويلة خلصت إلى أنك كنت من باب الانتقام تحاولين أن تأخذ حياتي بالفن السحري.، وما دمت على قيد الحياة لن أنسى أبدًا الخطأ الذي ارتكبته لك في سوء تقديرك، وفي التسبب في شك والدك فيك.
من هذا اليوم أرمي قلبي القديم الشرير، وأضع مكانه قلبًا جديدًا نظيفًا ومليئًا بالتوبة، سأفكر فيكِ كطفلة ولدتها بنفسي سأحبكِ وأعتز بكِ من كل قلبي، وبالتالي سأحاول تعويض كل التعاسة التي سببتها لكِ، لذلك من فضلك سامحيني و أتوسل إليكِ أن تعطيني بعضًا من الحب الذي أعطيته لأمك المفقودة.
هكذا تواضعت زوجة الأب القاسية وطلبت المغفرة من الفتاة التي أساءت إليها، وكانت هذه هي حلاوة تصرف الفتاة لدرجة أنها سامحت زوجة والدتها عن طيب خاطر، ولم تتحمل أي لحظة استياء أو حقد تجاهها بعد ذلك، رأى الأب من وجه زوجته أنها حزينة حقًا على الماضي، وشعر بالارتياح الشديد لرؤية سوء الفهم الرهيب تم محوه من التذكر من قبل كل من الظالم والمظلوم، وعاش الثلاثة معًا بسعادة ولم تحدث هذه المشاكل في المنزل مرة أخرى على الإطلاق، ونسيت الفتاة تدريجيًا تلك السنة من التعاسة من خلال الحب والعناية اللذين أعطتهما لها زوجة والدها وقد تحقق ذلك نتيجة صبرها.


شارك المقالة: