اقرأ في هذا المقال
تتميز شعوب الأرض بموروثاتها الثقافية التي تملكها، والتي تصوّر للأجيال اللاحقة الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “من أجدب انتجع”.
معنى مثل: “من أجدب انتجع” وفيم يضرب؟
معنى مثل: “من أجدب انتجع”، أنه إذا ما انقطع الماء أو المطر عن أرض ما، فيبست، وخلت من النبات فقد حل بها الجدب، ويقال كذلك: إن ساكنيها أجدبوا، أي: أصابهم ما حل بأرضهم من الجدب، ويُضرب هذا المثل حين يصنع الناس في حياتهم أمورًا يطلبون فيها الخير لأنفسهم، فتكون إقامتهم حيث يكون الخير، وحيث يجدون الحرية والكرامة والعزة، فإذا ما وجدوا الخير قد قلّ، والكرامة أهينت، والأمور ضاقت، تركوا مكانهم، وودعوه، وذهبوا يبحثون عما هو خير منه.
أصل مثل: “من أجدب انتجع”:
أما أصل مثل: “من أجدب انتجع”، أن العرب كانوا يتنقلون في الأرض، يبحثون عن الأراضي المعشبة الخصبة، فيقومون برعي ماشيتهم، والتي كانت حياتهم تتوقف عليها، فيبنوا منازلهم في ذلك الموضع المخصب، ويقيمون هناك، فإذا حل بهم الجدب، تركوه وذهبوا يطلبون الكلأ في مواضع أخرى، فيقال إنهم انتجعوا، وكذلك يصنع الناس في الحياة، فيقيمون حيث يكون الخير، وحيث يجدون الحرية والكرامة والعزة، فإذا وجدوا الخير قل، والكرامة أهينت والأمور ضاقت، تركوا مكانهم وذهبوا يبحثون عما هو خير منه.
مثل: “من أجدب انتجع” في ظواهر الحياة:
يُقال مثل: “من أجدب انتجع”، في الوقت الذي يحافظ فيه المرء على أصدقائه ما داموا أوفياء، وعلى أعوانه ما داموا مخلصين، فإذا رأى من أصدقائه أيّ تحوّل، ومن أعوانه ميلًا، طلب غيرهم، وتركهم إلى حيث يجد الوفي المخلص، ويبقى المرء مستغنيًا بالذي عنده، فإذا ضاع أو نفد، اضطر أن يطلب مما يراه موضعًا للطلب منه، وحينذاك يقال: “من أجدب انتجع”.