موت اللغة - Language Death

اقرأ في هذا المقال


ما هو موت اللغة؟

في اللغة وعلم اللغويات، يحدث موت اللغة عندما تفقد اللغة آخر متحدث أصلي لها. ودائمًا ما يكون هناك لُبس بين موت اللغة وانقراض اللغة، ولكن انقراض اللغة هو عندما تصبح اللغة غير معروفة، سواء كلغة أولى أو لغة ثانية أو لغة أجنبية.

فموت اللغة هو عملية ينخفض ​​فيها مستوى الكفاءة اللغوية لمجتمع الكلام في تنوع لغته، مما يؤدي في النهاية إلى عدم وجود متحدثين أصليين أو متحدثين بطلاقة من هذا التنوع. كما يمكن أن يؤثر موت اللغة على أي شكل من أشكال اللغة، بما في ذلك اللهجات واللكنات. حيث لا ينبغي الخلط بين موت اللغة والاستنزاف اللغوي (يسمى أيضًا فقدان اللغة)، والذي يصف فقدان الكفاءة في اللغة الأولى للفرد.

وفي العصر الحديث، أي حوالي 1500م حتى ظهور ما يُسمى بالاستعمار، نتج موت اللغة عادةً عن عملية الاستيعاب الثقافي التي أدت إلى تحول اللغة والتخلي التدريجي عن اللغة الأم لصالح لغة أجنبية مشتركة، وبالعادة تموت هذه اللغات الخاصة بالدول الأوروبية.

وفي بداية عام 2000م، كان هناك ما يقرب من 7000 لغة منطوقة في جميع أنحاء العالم، ومعظم هذه اللغات كانت ثانوية مهددة لخطر الانقراض. كما بينت أحد الدراسات اللغوية المنشورة في عام 2004م أن حوالي معظم اللغات المستخدمة في الوقت الحالي ستنقرض بحلول عام 2050م.

أشكال وأنواع موت اللغة:

عادة ما يكون موت اللغة هو النتيجة النهائية لتغير اللغة وقد يتجلى في إحدى الطرق التالية:

  • الموت التدريجي للغة: ويُقصد في هذا النوع أن اللغة تموت ببطء وعلى مدى فترة مختلفة من الزمن.
  • موت اللغة من الأسفل إلى الأعلى: وفي هذا النوع يتم إيقاف استخدام اللغة في الحياة اليومية ويقتصر استخدامها على المناسبات الخاصة، مثل اللغة الليتورجية.
  • موت اللغة من الأعلى إلى الأسفل: تبدأ اللغة بالموت في هذا النوع، عندما يبدأ التحول اللغوي في بيئة عالية المستوى مثل الحكومة، أي أن اللغة المقصودة لا تَصُح لاستخدامات الحكومة وهذا يجعلها تموت.
  • موت اللغة الراديكالي: يكون اختفاء اللغة في هذا النوع، عندما يتوقف جميع المتحدثين عن التحدث باللغة.
  • إبادة اللغات: المعروف أيضًا باسم الموت المفاجئ والإبادة الجماعية للغة وموت اللغة الجسدية وموت اللغة البيولوجي. حيث تؤدي الظروف المحيطة سواء صحية أو سياسية أو اقتصادية أو عسكرية إلى انعدام استخدام اللغة؛ وذلك لإبادة متحدثيها.
  • استنزاف اللغة: يُقصد بهذا النوع، فقدان الكفاءة في اللغة على المستوى الفردي.

وتعد العملية الأكثر شيوعًا التي تؤدي إلى موت اللغة هي تلك التي يصبح فيها مجتمع المتحدثين مجتمع ثنائي اللغة أو متعدد اللغات، بحيث ينقلون المواطنون الأصليون، أي المتحدثون الأصليون للغة الأولى، الولاء تدريجياً إلى اللغة الثانية حتى يتوقفوا عن استخدام لغتهم الأصلية والتراثية.

وهذه عملية استيعاب قد تكون طوعية أو قد تُفرض على السكان. كما قد يُقرر المتحدثون في بعض اللغات، ولا سيما اللغات الإقليمية أو الأقلية، التخلي عنها بناءً على أسس اقتصادية أو نفعية، وذلك لصالح اللغات التي تعتبر ذات فائدة أو مكانة أكبر في المجتمع.

كما يمكن أن تموت اللغات التي لديها مجموعة صغيرة معزولة جغرافيًا من المتحدثين عندما يتم القضاء على المتحدثين بها بسبب الإبادة الجماعية أو المرض أو الكوارث الطبيعية.

كيفية موت اللغة:

غالبًا ما يتم الإعلان عن موت إحدى اللغات حتى قبل وفاة آخر متحدث أصلي للغة، وإذا لم يتبق سوى عدد قليل من المتحدثين المسنين للغة ولم يعودوا يستخدمون تلك اللغة للتواصل، فإن اللغة قد ماتت فعليًا. بحيث تعتبر اللغة التي وصلت إلى هذه المرحلة المنخفضة من الاستخدام بشكل عام لغة محتضرة.

وبالإضافة إلى ذلك، لم يتم تعليم نصف اللغات المنطوقة في العالم للأجيال الجديدة من الأطفال، وهذا سبب رئيسي لموت اللغة. وبمجرد أن تصبح اللغة ليست لغة أصلية، أي إذا لم يتم دمج الأطفال بها باعتبارها لغتهم الأساسية، تنتهي عملية النقل ولن تبقى اللغة نفسها على قيد الحياة بعد الأجيال الحالية.

ونادرًا ما يكون موت اللغة حدثًا مفاجئًا، ولكنه عملية بطيئة يتعلم فيها كل جيل أقل فأقل من اللغة حتى ينحصر استخدامها في مجال الاستخدام التقليدي، مثلها مثل الشعر والأغاني. وعادةً ما يصبح انتقال اللغة من البالغين إلى الأطفال مقيدًا أكثر فأكثر. وتعد اللغة الدلماسية أحد الأمثلة على هذه العملية.

النتائج المترتبة على القواعد اللغوية لموت اللغة:

أثناء فقدان اللغة، يشار إليه أحيانًا بالتقادم في الأدب اللغوي، تخضع اللغة المفقودة عمومًا لتغييرات حيث يجعل المتحدثون لغتهم أكثر تشابهًا مع اللغة الجديدة. وغالبًا ما يستبدل المتحدثون عناصر من لغتهم بشيء من اللغة التي يتحولون إليها.

كما أنهم قد يسقطون بعض العناصر  التي تحتويها لغتهم الأصلية، إذا كانت اللغة الجديدة لا تحتوي على هذه العناصر. وفيما يا أبرز النتائج المترتبة على القواعد لموت اللغة:

  • فقدان التناقضات الصوتية.
  • كثرة التغيرات اللغوية.
  • التغييرات في ترتيب الكلمات.
  • الخسارات اللغوية في علم التصريف.
  • الخسارة النحوية، أي الفئات المعجمية والتركيبات اللغوية المعقدة.
  • فقدان إنتاجية تكوين الكلمات.

تنشيط اللغة في القضاء على موت اللغة:

إن تنشيط اللغة هو محاولة لإبطاء أو إلغاء موت اللغة. فهناك برامج عديدة لتنشيط اللغات، وقد حققت هذه البرامج درجات متفاوتة من النجاح. وفيما يلي أبرز الأمثلة على هذه النشاطات اللغوية:

اللغة العبرية:

إن إحياء اللغة العبرية في دولة فلسطين هو المثال الوحيد على اكتساب اللغة لمتحدثين جدد للغة الأولى بعد انقراضها في الاستخدام اليومي لفترة طويلة، حيث يتم استخدام اللغة العبرية كلغة دينية فقط. وحتى في حالة اللغة العبرية، هناك نظرية تجادل بأن أنصار إحياء اللغة العبرية الذين أرادوا التحدث بالعبرية الخالصة فشلوا في مهمتهم في نشر اللغة العبرية للدرجة التي أرادوها.

اللغة الإيرلندية:

بعد قرون من الحكم الإنجليزي في إيرلندا وفرض اللغة الإنجليزية في إيرلندا، تم تقديم حجة لإزالة اللغة الإنجليزية أمام الجمعية الأدبية الوطنية الأيرلندية في دبلن في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر في عام 1892م.

العوامل التي تمنع موت اللغة:

أطلقت شركة (Google) مشروع اللغات المهددة بالانقراض؛ وذلك بهدف المساعدة في الحفاظ على اللغات المعرضة لخطر الانقراض. وكان هدفها هو تجميع أحدث المعلومات حول اللغات المهددة بالانقراض ومشاركة أحدث الأبحاث عنها.

فحدد عالم الأنثروبولوجيا أكيرا ياماموتو تسعة عوامل يعتقد أنها ستساعد في منع موت اللغة، وفيما يلي أبرز هذه العوامل:

  • يجب أن تكون هناك ثقافة سائدة تفضل التنوع اللغوي.
  • يجب أن يمتلك المجتمع المعرض للخطر هوية عرقية قوية بما يكفي لتشجيع الحفاظ على اللغة.
  • إنشاء وتعزيز البرامج التي تثقيف الطلاب حول اللغة والثقافة المهددة بالانقراض.
  • إنشاء برامج مدرسية ثنائية اللغة وثنائية الثقافة.
  • يجب أن يشارك مجتمع الكلام المعرض للخطر بشكل كامل في العملية اللغوية.
  • يجب أن تحتوي اللغة على مواد مكتوبة تشمل محتوى جديدًا وتقليديًا.
  • يجب استخدام اللغة في بيئات جديدة، ويجب تقوية المجالات المستخدمة للغات القديمة والجديدة.

شارك المقالة: