اقرأ في هذا المقال
- أهمية التركيز على المخاطر المهنية المتعلقة بعمالة الأطفال
- عمالة الأطفال ومخاطر الصحة البدنية
- عمالة الأطفال ومخاطر الصحة العقلية
أهمية التركيز على المخاطر المهنية المتعلقة بعمالة الأطفال:
لعقود من الزمان، كانت عمالة الأطفال قضية عالمية مهمة مرتبطة بعدم كفاية فرص التعليم والفقر وعدم المساواة بين الجنسين، حيث لا تعتبر جميع أنواع العمل الذي يقوم به الأطفال بمستوى عمالة أطفال، وعادة ما يُعتبر انخراط الأطفال أو المراهقين في العمل دون أي تأثير على صحتهم والتعليم أمراً إيجابياً.
كما اكتسب الموضوع اهتماماً علمياً مع الثورة الصناعية، حيث أدت الأبحاث التي أجريت في المملكة المتحدة بسبب النتائج السلبية على الأطفال، إلى أعمال من أجل عمالة الأطفال في، كما اتبعت العديد من البلدان المملكة المتحدة؛ اعترافاً بالمخاطر الصحية المرتبطة بها.
على الرغم من الانخفاض المبلغ عنه في عمالة الأطفال في العقدين الماضيين، إلا أنها لا تزال مصدر قلق كبير، ففي عام 2016م، وقُدر أن حوالي 150 مليون طفل دون سن 14 عاماً منخرطون في العمل في جميع أنحاء العالم، كما ويعمل معظمهم في ظروف تحرمهم من طفولة مرحة وتعرض صحتهم للخطر.
لكن هناك حوالي 60 مليون تتراوح أعمارهم بين (5-11) سنة، كذلك لا توجد أرقام دقيقة لتوزيع عمالة الأطفال على مستوى العالم، ومع ذلك؛ فإنه كما تظهر الإحصاءات المتاحة أن 96٪ من الأطفال العاملين هم في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
تشير الأبحاث حول تأثيرات عمالة الأطفال إلى العديد من الارتباطات بين عمل الأطفال والنتائج الصحية السلبية، كما أن عمالة الأطفال مرتبطة ببعض حالات التعرض مثل السيليكا في الصناعات وعدوى فيروس نقص المناعة البشرية، بالإضافة إلى ذلك؛ وبما أن عمالة الأطفال مرتبطة بأمية الأم وفقرها؛ فإن الأطفال الذين يعملون يكونون أكثر عرضة لسوء التغذية، مما يعرضهم للإصابة بأمراض مختلفة.
عمالة الأطفال ومخاطر الصحة البدنية:
تم إجراء ما يُقارب خمس عشرة دراسة للآثار الصحية والجسدية لعمالة الأطفال، بما في ذلك الحالة التغذوية والنمو البدني والأمراض، وكذلك الأعراض المرتبطة بالعمل وآلام العضلات والعظام والأعراض المنهجية والأمراض المعدية والسل وإجهاد العين.
كما قامت ثماني دراسات أخرى بقياس الآثار الصحية الجسدية من خلال الفحص السريري أو عينات الدم بالإضافة إلى الاستبيانات المبلغ عنها ذاتيا، وأبلغت جميع الدراسات التي استخدمت فيها مجموعة المقارنة عن انتشار أعلى للأمراض الجسدية في مجموعة الأطفال العاملين.
كما اهتمت دراستان بالنمو الجسدي والتطور، حيث أفادت دراسة أجريت في باكستان، أن عمالة الأطفال مرتبطة بالهزال والتقزم وسوء التغذية المزمن، وقارنت دراسة مماثلة أجريت في الهند النمو البدني وتطور الأعضاء التناسلية بين الأطفال العاملين وغير العاملين وذكرت أن عمالة الأطفال مرتبطة بانخفاض مؤشر كتلة الجسم وقصر القامة وتأخر نمو الأعضاء التناسلية لدى الأولاد العاملين.
وفيما يتعلق بالأمراض والإصابات المتعلقة بالعمل، أفادت دراسة أجريت في بنغلاديش أن هناك علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين عمالة الأطفال واحتمال الإبلاغ عن أي إصابة أو مرض والتعب والإرهاق وإصابة الجسم وغيرها من المشاكل الصحية.
كما أن عدد ساعات العمل واحتمال الإبلاغ عن الإصابة والمرض مرتبطان إيجابياً، حيث كان الأطفال ذوي الأعمار القليلة، هم أكثر عرضة للمعاناة من آلام الظهر ومشاكل صحية أخرى (العدوى والحروق وأمراض الرئة)، بينما كان احتمال الإبلاغ عن التعب والإرهاق أكبر في الفئة العمرية الأكبر، علاوة على ذلك؛ يزداد تواتر الإبلاغ عن أي إصابة أو مرض مع زيادة عدد ساعات العمل.
ومع تباين كبير عبر قطاعات التوظيف؛ فقد أفادت دراسة في إيران أن غرف العمل الصناعية كانت أكثر الأماكن شيوعاً للإصابة (58.2٪)، كما كان السقوط من المرتفعات أو الأسطح الأفقية أكثر آليات الإصابة شيوعاً (44٪) لم يكن أي من المرضى يستخدم جهازاً وقائياً وقت الإصابة، حيث كانت الجروح (49.6٪) أكثر الإصابات شيوعاً.
وركزت دراسات قليلة فقط على أمراض معينة، حيث قارنت دراسة في البرازيل انتشار آلام العضلات والعظام بين الأطفال العاملين وغير العاملين، كما أفاد المؤلفون أن انتشار الألم في الرقبة والركبة والمعصم أو اليدين وأعلى الظهر تجاوز 15٪.
أيضاً كان العاملون في مجال التصنيع أكثر عرضة لخطر الإصابة بألم العضلات والعظام وآلام الظهر، بينما يعاني الأطفال العاملون في الخدمات المنزلية من آلام في العضلات والعظام بنسبة 17٪ وآلام في الظهر تزيد بنسبة 23٪ عن غير العاملين.
كما كانت إحدى الدراسات عبارة عن تحليل عميق للغاية، تم إجراؤه على بيانات الأطفال العاملين في 83 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث وثّقت أن عمالة الأطفال مرتبطة بشكل كبير وإيجابي بوفيات المراهقين ومستوى تغذية السكان ووجود الأمراض المعدية الخطرة.
عمالة الأطفال ومخاطر الصحة العقلية:
بشكل عام، ذكرت جميع الدراسات المشمولة؛ باستثناء واحدة، أن عمالة الأطفال مرتبطة بانتشار أعلى للاضطرابات العقلية أو السلوكية، بالإضافة إلى ذلك؛ فقد خلصت جميع الدراسات إلى أن عمالة الأطفال مرتبطة بشكل أو أكثر من أشكال الإساءة.
كما أفادت دراسة أجريت في الأردن عن اختلاف كبير في مستوى فعالية التأقلم والصحة النفسية والاجتماعية بين الأطفال العاملين غير الملتحقين بالمدارس وأطفال المدارس العاملة والأطفال غير العاملين في المدارس، وكان أداء أطفال المدارس غير العاملين أفضل على مقياس (SDQ)، حيث كانت فعالية التكيف مع الأطفال العاملين غير الملتحقين بالمدارس أقل من فعالية المجموعات الأخرى.
أيضاً أفادت دراسة أجريت في باكستان أن انتشار المشكلات السلوكية بين الأطفال العاملين بلغ 9.8٪. كانت مشاكل الأقران هي الأكثر انتشاراً، تليها مشاكل السلوك، حيث أفادت دراسة من إثيوبيا، أن الاضطرابات العاطفية والسلوكية أكثر شيوعاً بين الأطفال العاملين.
ومع ذلك، ذكرت دراسة أخرى في إثيوبيا عن انخفاض معدل انتشار الاضطرابات العقلية والسلوكية لدى الأطفال العاملين مقارنة بالأطفال غير العاملين، كما يمكن أن يرجع الاختلاف الصارخ بين هاتين الدراستين إلى التفسير المقدم من المختصين في علم النفس، أي أنه يمكن العبث بنتائجهم من خلال تحيز الاختيار أو تأثير العامل الصحي.
وفي بنغلاديش، تبيّن أن انتشار سوء المعاملة واستغلال الأطفال منتشر على نطاق واسع، كما كان الأولاد أكثر تعرضاً كان الاعتداء الجسدي أعلى تجاه الأطفال الأصغر سناً، بينما كانت الأنواع الأخرى أعلى تجاه الأطفال الأكبر سناً، وقد وثقت دراسة مماثلة أجريت في تركيا أن 62.5٪ من الأطفال العاملين تعرضوا للإساءة في أماكن عملهم.
وأخيراً فقد وصفت المراجعات السابقة الآثار الصحية السلبية المختلفة لعمالة الأطفال، ومع ذلك؛ لم تكن هناك محاولات سابقة لمراجعة الآثار الصحية الجماعية لعمالة الأطفال، حيث يتعرض الأطفال العاملون لعوامل خطر مختلفة، وعادة لا تقتصر آثار عمالة الأطفال على مرض واحد.
كما تم نشر الدليل الأولي لهذه التأثيرات في عشرينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين؛ فقد استخدم عدد متزايد من الدراسات أساليب مماثلة لتقييم الآثار الصحية لعمالة الأطفال، وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن معظم الدراسات محصورة في بلد واحد.