رائد فن النحت العربي محمود مختار:
يُعتبر فن محمود مختار نقطة البداية للنحت العربي المعاصر، ولد محمود مختار في 10 أيار عام 1891، في بلدة طنبارة وهي قرية بوسط الدلتا، وكان محمود منذ طفولته في الريف يقضي معظم وقته يصنع من الطين أشكالاً وتماثيلاً تُصور بعض المشاهد التي يراها في قريته، مثل: النسوة وهنَ يحملن الجرار، أو حيوانات الحقل وهي تجر المحراث، أو تدرس القمح، وغير ذلك من مشاهد الريف.
كما كانت طفولته في الحقول الواسعة المنبسطة، والحياة بإيقاعها البطيء والضوء الساطع بالنهار تُوقظ لدى محمود الرغبة في تحسس الزخارف المجسمة وعمل التماثيل.
نشأت النحات محمود مختار:
انتقل محمود مختار إلى القاهرة ليعيش في بيئة تسودها تقاليد الحياة المصرية، حيث يختلط السكان ويتعاونون مع بعضهم، كما وأبهرته البيئة الشعبية والمباني الإسلامية بفنونها العريقة، وجذبته مآذن المساجد.
بينما كانت والدته تتمنى أن يلتحق ابنها بالأزهر، حيث كان يميل ميلاً فطرياً نحو الفنون، كما كانت مدرسة الفنون الجميلة قريبةً من منزله، فأسرع والتحق بها عام 1908، حيث إنه كان أول طالب يلتحق بها، ومن هنا بدأت مسيرة محمود مختار مع الفن.
احتراف محمود مختار الفن:
في البداية كان محمود ينحت تماثيل الزعماء السياسيين، وكانت هذه التماثيل تُحمل في المظاهرات ومواكب الشباب، ثم أقام تماثيل تُصور البطولات العربية مثل تمثال: خولة بنت الأزور، التي حررت قبيلتي تبع وحمير من أسر الروم، كما أنها كانت على هيئة امرأة تمتطي جواداً وتطعن بالرمح، فكان محمود مختار قادراً على تشكيل أي تمثال وأي فكرة تخطر له.
وفي عام 1910 تغيرت إدارة المدرسة ووضعت قوانين جديدةً، فقام الطلاب بحركة احتجاج عنيفةً، أدت إلى فصلهم، ففتح مختار وزملاءه المفصولين مرسماً بجوار المدرسة، تحت إشراف وزارة المعارف، ثم أُلغي قرار الفصل فعادوا إلى الإنضمام للمدرسة.
التحاق محمود مختار بمدرسة باريس:
في عام 1911 سافر فنان النحت العربي محمود مختار إلى باريس، حيث أنه كان يرى أن هذه هي الفرصة لتحقيق أحلامه.
قدّم محمود مختار طلباً للالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة الفرنسية، مع أكثر من مائة متقدم جاءوا من فرنسا ومن سائر أنحاء العالم، فنجح محمود مختار ونال المرتبة الأولى.
كان محمود مختار يستوحي في منحوتاته من فن النحت الإغريقي والروماني، لكنه في باريس لمس الاحترام والتقدير للتراث النحتي المصري القديم، فقد عاد إلى القاهرة وشاهد الآثار المعروضة في متحف الأنتكخانة كجزء من دراسته التي وجههُ لها أساتذته في باريس.
عمل النحات محمود مختار:
عمل محمود مختار مديراً لمتحف جريفين للتماثيل الشمعية طوال عامي 1918 و 1919، وفي هذه الفترة قام بنحت تماثيل لأبطال الحرب وقادة أوروبا وأمريكا، ومشاهير الفنانين والفنانات، حيث إنه أقام تمثالاً لأعظم راقصة باليه في مطلع القرن العشرين هي (أنا بافلوفا).
وبعد ذلك نحت تمثالاً (لأم كلثوم) بإاتبارها أشهر فنانة مصرية، فصورها في تمثال يفيض بالرقة والشجن والجمال، ثم أقام تمثال (نهضة مصر) ففيه فلاحةً تتطلع إلى الأفق بأمل وبجوارها تمثال أبو الهول، فقد مزج مختار بين أصالة القدماء وواقع القرية ثم المستقبل وقد ساهمت خامة الحجر الصلبة على إظهار مدى الإرادة المجسمة في ملامح المرأة ووجه أبو الهول، والتوازن بين أبو الهول وحركة الفلاحة التي رفعت رأسها بكبرياء.
وفاة النحات محمود مختار:
أُصيب محمود مختار بيده، فعاش موزعاً بين الأطباء، لكن المرض لم يمهله كثيراً فمات يوم 27 آذار عام 1934.
أشهر منحوتات محمود مختار:
- تمثال سعد زغلول.
- الفلاحة والجرة.
- نحو ماء النيل.
- على شاطىء النيل.
- عروس النيل.
- رياح الخماسين.
- ابن البلد.
النحات العالمي الفرنسي أوغست رودين – August Rodin:
كان الشاب أوغست يهتم ويميل منذ الصغر إلى فن النحت، وكان يعتقد والداه وأساتذته أنه سيصبح فناناً، لكن مدرسة الفنون الجميلة الفرنسية رفضته ثلاث مرات متتاليةً، مما دفعه إلى احتراف المهنة بالحوانيت.
ولادة الفنان أوغست رودين:
ولد فرانسوا أوغست رودين في 12 تشرين الثاني عام 1840م.
طفولة الفنان أوغست رودين:
إلتحق أوغست بمدرسةٍ في باريس، ثم انتقل منها إلى مدرسة داخلية، وبقي فيها إلى أن بلغ الرابعة عشرة من عمره، فعاد إلى باريس والتحق بمدرسة الرياضيات والرسم التي كانت تُعد تلاميذها لمهنة الرسم، وكانت تُعرف باسم المدرسة الصغرى، مقارنةً بمدرسة الفنون الجميلة الفرنسية التي كانت مخصصةً للفنانين.
احتراف الفنان أوغست رودين:
كان أوغست يقضي صباحه في المدرسة منهمكاً في الرسم والنحت، ويقضي أُمسياته متجولاً في أرجاء متحف اللوفر، يتأمل فن الإغريقيين القدماء، ولم يذهب هذا التأمل سدى، فقد قرر أوغست أن يصبح نحاتاً وبعد أن رفضته مدرسة الفنون الجميلة التي كان يحلم بالدراسة فيها، لم يكن أمامه إلا أن يحترف بدلاً من أن يصبح فناناً، وقد أمضى أوغست عشرين عاماً من عمره في الحوانيت، حيث إنه كان يعمل فيها في صنع القوالب للمنحوتات وغيرها من الأعمال العادية.
التحاق أوغست بدير الرهبنة:
في آواخر عام 1862 توفيت أخت أوغست الكبرى ماريا في أحد الأديرة، وكان أوغست يُحبها حبهاً شديداً، وفي إحدى نوبات حزنه عليها التحق بأحد الأديرة في باريس تحت اسم (الأخ أوغستين)، وعندما رأى الأب (ايمار) ميول أوغست الحقيقية إلى النحت أكثر من الرهبنة طلب منه أن يصنع تمثالاً نصفياً، وبينما كان الأب يجلس أمام أوغستين أقنعه بأن يعود إلى عمله، فعاد إلى عمله الأول في النحت.
تطور أسلوب أوغست الفني:
التقى أوغست بمونيه وعمل معه، واشتركا بمعرض للتماثيل لاقى نجاحاً، وبقيا معاً حتى تقدما في السن وتوفي مونيه.
كانت نظرة أوغست إلى الطبيعة تُغاير نظرة الآخرين إليها، فكان ينظر إلى الطبيعة البشرية وبقي طوال حياته ينحت التماثيل التي تُمثل الجسم البشري، كما أنه قام بتصوير دقائق الجسم البشري عفوياً، مما ساعده في تحطيم التقاليد الأكاديمية والقواعد الجافة التي تحكم فن النحت.
فقد عبر أوغست عن عواطفه الجياشه عن الحب والجمال والألم، واتجه بعدها إلى الجرأة في المسطحات والحركة التي تبرز فيها العضلات في تعبير خشن قوي.
أعظم أعمال النحات أوغست:
التمثال البرونزي الذي كان يُمثل الحياة بالحجم الطبيعي، وهو تمثال لجندي وسيم بوضعيةً صعبةً جداً وهو يستند على عكازاً طويلاً، ولكن النقادون والفنانون أنكروه في البداية واتهموا أوغست أنه صبه بالقالب، وبعد فترةٍ من الزمن اشترته السلطات، وأوكلت الى أوغست عملاً جديداً.
وفاة الفنان العالمي أوغست:
بعد حياة مليئة بالجد والتعب والنجاحات، تعرّض أوغست لوعكةٍ صحية أودت بحياته، حيث توفي في يوم 17 تشرين ثاني عام 1917.