أنواع الذكاء الاصطناعي

اقرأ في هذا المقال


قد يكون الذكاء الاصطناعي أحد أشهر الابتكارات البشرية الأكثر تعقيداً وإثارةً للإعجاب. ومع ذلك، فالنقاشات الحالية حول تطبيقاته وآثاره الثورية على المجتمع والأعمال هي مجرد قطرة في أول الغيث. فمن الصعب الآن الإحاطة بكافة التأثيرات المستقبلية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بمختلف أبعادها.

تعتمد معظم أمثلة الذكاء الاصطناعي التي نسمع عنها اليوم من أجهزة الحاسوب التي تلعب الشطرنج إلى السيارات ذاتية القيادة التي تعتمد اعتماد كبيراً على التعلُّم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية، وباستخدام هذه التقنيات، يمكن تدريب أجهزة الحاسوب على إنجاز مهام محددة من خلال معالجة كمية بيانات كبيرة والتعرّف على الأنماط الموجودة في البيانات.

درست أبحاث الذكاء الاصطناعي المبكّرة في خمسينيات القرن الماضي، موضوعات كحل المشكلات والأساليب الرمزية، وفي الستينيات، اهتمت وزارة الدفاع الأميركية بهذا النوع من العمل، وبدأت بتدريب الحواسيب على محاكاة المنطق الإنساني الأساسي. مثلاً، أكملت وكالة (DARPA) مشاريع رسم خرائط الشوارع في السبعينيات، وأنتجت مساعدين شخصيين أذكياء عام 2003، وقبل فترة طويلة من تحول سيري أو أليكسا أو كورتانا إلى أسماء معروفة.

درست أبحاث الذكاء الاصطناعي المبكّرة في خمسينيات القرن الماضي، موضوعات كحل المشكلات والأساليب الرمزية، وفي الستينيات، اهتمت وزارة الدفاع الأميركية بهذا النوع من العمل، وبدأت بتدريب الحواسيب على محاكاة المنطق الإنساني الأساسي. مثلاً، أكملت وكالة (DARPA) مشاريع رسم خرائط الشوارع في السبعينيات، وأنتجت مساعدين شخصيين أذكياء عام 2003، وقبل فترة طويلة من تحول سيري أو أليكسا أو كورتانا إلى أسماء معروفة.

وخلفت التحوّلات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي والجدل المستمر حول أخطاره على الوظائف والعلاقات الإنسانية انطباعاً أن هذه التقنية قد بلغت أوجها، وفي الواقع لا يزال هناك طريق طويل أمام أبحاث الذكاء الاصطناعي. ولذلك ربما يُساهم الاطلاع على أنواع الذكاء الاصطناعي في فهم قدراتها الحالية وما ينتظرها في المستقبل.

يضيف الذكاء الاصطناعي ذكاء إلى المنتجات الحالية، ففي معظم الحالات، لن يتم بيع الذكاء الاصطناعي كتطبيق فردي، وبدلاً من ذلك، سيتم تحسين المنتجات التي تستخدمها فعلياً من خلال إمكانيات (AI)، كإضافة (Siri) كميّزة لجيل جديد من منتجات (Apple). يمكن الجمع بين الأتمتة ومنصات المحادثة والروبوتات والآلات الذكية مع كميات كبيرة من البيانات لتحسين العديد من التقنيات في المنزل والعمل، من الذكاء الأمني إلى تحليل الاستثمار.

تدور أبحاث الذكاء الاصطناعي حول تطوير الآلات بما يجعلها تُحاكي الوظائف البشرية، وبالتالي فإن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على تقليد البشر تُعدّ معياراً لتحديد أنواع الذكاء الاصطناعي، ويُقاس مدى تطوّرها بمدى الكفاءة في المحاكاة للأداء في مختلف الوظائف البشرية من حيث التنوّع والإتقان، وتُعدّ أكثرها تطوراً أقربها إلى المستوى البشري. وبناءً على هذا المعيار تم تصنيف أنواع الذكاء الاصطناعي وفقاً لطريقتين:

الطريقة الأولى:

تُقوم بتنظيم الذكاء الاصطناعي والآلات المُعتمدة عليه وفقاً لتشابهها أو اختلافها مع العقل البشري وقدرتها على التفكير وربما الشعور مثل البشر. كما تنقسم أنظمة الذكاء الاصطناعي استناداً على ذلك إلى أربعة أنواع:

1. الآلات التفاعلية (Reactive Machines):

هي أقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتتمتع بقدرة محدودة للغاية، وتُحاكي قدرة العقل البشري على الاستجابة لأنواع مختلفة من المحفزات.

وفي الوقت نفسه لا تُوظف الآلات التفاعلية الذاكرة، وبالتالي لا تستطيع الاستفادة من خبراتها السابقة في توجيه خطواتها اللاحقة، وبكلمات أخرى تعوزها القدرة على التعلّم.

كما يستجيب تلقائياً هذا النوع من أنظمة الذكاء الاصطناعي لمجموعة محدودة أو مزيج من المدخلات فحسب. ومن أمثلة هذا النوع جهاز ديب بلو (Deep Blue) الذي تم تطويره من قبل شركة آي بي إم (IBM) الأمريكية وقد فاز على بطل الشطرنج جاري كاسباروف وذلك في عام 1997.

2. الآلات محدودة الذاكرة (Limited Memory):

بالإضافة إلى تمتعها بإمكانات الآلات التفاعلية، تستطيع الآلات ذات الذاكرة المحدودة توظيف البيانات التاريخية في اتخاذ القرارات، كما تندرج أغلب تطبيقات الذكاء الاصطناعي المعروفة حالياً ضمن هذه الفئة، ومنها أنظمة التعلّم العميق التي يتم تدريبها بواسطة كميات هائلة من البيانات يتم تخزينها في ذاكرتها كمرجع لقيام بحل المشكلات المستقبلية.

وعلى سبيل المثال تُستخدم آلاف الصور ووصفها في تدريب أنظمة التعرّف على الصور القائمة على الذكاء الاصطناعي، وتتعلّم هذه الأنظمة الربط بين الصور ومسمياتها. وبالتالي فعندما تعرض صور أخرى على هذه الأنظمة، تعتمد على الصور المستخدمة في التدريب في إدراك محتويات الصور الجديدة. وتُحدد تجربة التعلّم دقة هذه الأنظمة في تسمية الصور الجديدة.

وتتنوعّ أمثلة آلات الذكاء الاصطناعي محدودة الذاكرة من روبوتات الدردشة في تطبيقات التراسل الفوري وغيرها، وتطبيقات المساعدين الافتراضيين في الهواتف الذكية، وصولًا إلى السيارات ذاتية القيادة.

3. نظرية العقل (Theory of Mind):

خلافاً للنوعين السابقين اللذين تنتشر تطبيقاتهما على نطاق واسع، لا تزال الأنظمة المعتمدة على نظرية العقل في طور التطوير. وتُمثّل مستوى التقدّم التالي للذكاء الاصطناعي. وسيكون بمقدورها فهم الكيانات التي تتفاعل معها بشكلٍ أفضل، وذلك من خلال تمييز الاحتياجات والعواطف والمعتقدات والعمليات الفكرية الخاصة بها.

وبينما يُمثل الذكاء الاصطناعي العاطفي مجالاً ناشئاً يستقطب أفضل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن بلوغ مستوى نظرية العقل يتطلّب بالضرورة تطوّراً في فروع أخرى من الذكاء الاصطناعي، نظراً لأن فهم متطلبات الإنسان يحتاج تصوّر البشر كأفراد بحاجة إلى عوامل مختلفة في تشكيل عقولهم.

4. الوعي الذاتي (Self-aware):

هذه المرحلة تُعتبر المرحلة الأخيرة في تطوّر أنظمة الذكاء الاصطناعي فهي حتى الآن لم تتجاوز حدود الافتراضات، حيث يعني الذكاء الاصطناعي الواعي ذاتياً حيث يصل هذا الوعي حداً قريباً للغاية من العقل البشري لدرجة تسمح له بإدراك وجوده وتطوير الوعي الذاتي لديه.

ويُعدّ هذا النوع هو الغاية المنشودة لجميع أبحاث الذكاء الاصطناعي، وإن كان لا يزال بحاجة إلى عقود وربما قرون قبل أن يتحقق فعلياً. ولن يكون الذكاء الاصطناعي ذو الوعي الذاتي قادراً على فهم العواطف وتحفيزها لدى من يتفاعل معهم فقط، بل سيكون له أيضاً عواطفه واحتياجاته ومعتقداته وربما رغباته الخاصة.

وعلى الرغم من أن الوعي الذاتي للذكاء الاصطناعي وتطويره ربما يدعم التقدّم الحضاري البشري، إلا أنه من المحتمل أن يؤدي إلى كارثة قد تهدد وجود الجنس البشري ذاته. وذلك من خلال وعي وإدراك هذه الآلات بذواتها قد تصل لدرجة المحافظة على وجودها التي قد تعني تهديداً مباشراً أو غير مباشر للجنس البشري. وبالتالي سوف يكون من السهل عليها منافسة العقول البشرية وقد تصل للتفوق عليها ووضع مخططات تفصيلية تستهدف فيها الإنسانية.

الطريقة الثانية:

تُصنَّف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ضمن ثلاث فئات هي: الذكاء الضيق الاصطناعي (ANI)، والذكاء الاصطناعي العام (AGI)، والذكاء الاصطناعي الفائق (ASI).

5. الذكاء الاصطناعي الضيق أو المحدود(Artificial Narrow Intelligence):

يُشير إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستطيع فقط أداء مهام محددة بشكل مستقل وبواسطة إمكانات تُحاكي القدرات البشرية. وذلك يعني أن هذه الأنظمة محدودة القدرات ولا تتخطّى قدراتها المهام المُصممة لأجلها.

و تندرج في هذه الفئة جميع التطبيقات المعاصرة للذكاء الاصطناعي بما في ذلك التطبيقات الأكثر تعقيداً والأعلى قدرة. وتشمل بالرجوع إلى الطريقة الأولى في التصنيف الآلات التفاعلية ومحدودة الذاكرة دون استثناء للأنظمة التي تستخدم تعلّم الآلة والتعلّم العميق.

6. الذكاء الاصطناعي العام (Artificial General Intelligence):

يعني قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلّم والإدراك والفهم والعمل تماماً مثل الإنسان من خلال محاكاة القدرات البشرية. وسوف يصبح بمقدور هذه الأنظمة بناء قدرات متنوعة والتوّصل إلى روابط وتعميمات عبر عدة مجالات، وهو أمر من شأنه أن يُقلل كثيراً من الوقت اللازم لتدريب هذه الأنظمة.

7. الذكاء الاصطناعي الفائق (Artificial Superintelligence):

يُعتبر تطوير الذكاء الاصطناعي الفائق هو ذروة الأبحاث في هذا المجال. وانطلاقاً من اعتبار الذكاء الاصطناعي العام سوف يكون أكثر أشكال الذكاء قدرة على الأرض وذلك عند تطويره و تقدمه، فإن الذكاء الاصطناعي الفائق سيتميّز على جميع المستويات وذلك بفضل تفوقه من حيث سرعة معالجة البيانات وتحليلها والذاكرة وقدرات اتخاذ القرارات.

وسيقود تطوير هذين النوعين من الذكاء الاصطناعي إلى ما يُشار إليه عادةً باسم التفرد التكنولوجي حين يتخطّى التقدم التقني قدرة البشر على التوجيه والتحكّم. ويُنشئ تصوّر مثل هذه الأنظمة بالغة التطوّر تصورات مُبهرة للتقدم الحضاري، إلا أن وجودها ربما يُهدد وجود البشر أو على أقل تقدير سيُهدد أسس الحياة كما عهدها البشر.

وفي كل الأحوال يصعب تصوّر عالم البشر بصحبة الأشكال الأكثر تقدماً من الذكاء الاصطناعي. ويُؤكد استعراض الأنواع المختلفة من الذكاء الاصطناعي على حقيقة واحدة، وهي حاجة هذه التكنولوجيا إلى سنوات طويلة وأبحاث شاقّة قبل الاقتراب من تصورات العلماء لذروتها.

ويَعني ذلك أنه لا يزال هناك ما يكفي من الوقت قبل القلق الفعلي من سيطرة الروبوتات على العالم، والأهم من ذلك لا يزال المجال متاحاً لوضع معايير صارمة لأبحاث الذكاء الاصطناعي وأمنها. وفي الوقت نفسه هناك مساحة واسعة لتصوّر مستقبل مزدهر للبشر بفضل إمكانات الذكاء الاصطناعي.


شارك المقالة: