ما هي القيود التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات؟

اقرأ في هذا المقال


عوائق أمام تبني المؤسسات للذكاء الاصطناعي:

يزداد انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي بتطبيقاتها المختلفة في جميع المجالات، بدءً من المواصلات، حيث يزداد التوجه للمركبات ذاتية القيادة وصولاً إلى الأسواق المالية والمستشفيات، ولا تعتبر أي من القطاعات مهما كانت كبيرة مستثناة من ذلك، ففي الولايات المتحدة مثلاً، تستخدم دائرة خدمات المواطنة والهجرة تطبيقاً للدردشة (Chatbot) يحمل اسم “إيما” ويُجيب شهريًا عن مليون استفسار بشأن الهجرة باللغتين الإنجليزية والإسبانية. وفي مدينة أتلانتا الأمريكية يُحدد الذكاء الاصطناعي أولوية فحص المباني استنادًا على خطر تعرضها للحرائق.

هذين المثالين وغيرهما من الأمثلة العديدة على مستوى الذكاء الاصطناعي في القطاعات، وفي حين لا تملك كافة القطاعات رفاهية شاملة وتقنية بحجم تأثير الذكاء الاصطناعي، يجدر بها الالتفات إلى مُعوقات الاستفادة منها، ويعترض سبيل توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي عوائق تتعلق بالطبيعة الجامدة للمؤسسات الحكومية، وأخرى تتصل بسوق الذكاء الاصطناعي وغياب الكفاءات، ونستعرض فيما يلي أبرز خمسة عناوين من هذه العوائق:

أولًا: مشكلات في الاستفادة من البيانات:

يفيض عالمنا التقني بكميات هائلة من البيانات الرقمية الناتجة عن مختلف الأنشطة البشرية كبيرها وصغيرها، وهي وقود الذكاء الاصطناعي، وبالمُقابل لم تُصمم المؤسسات والقطاعات العامة والخاصة من الأصل لاستيعاب هذه البيانات وتوظيفها في عملها، وتفتقر أغلب المؤسسات إلى الرؤية الواضحة حول أصولها من البيانات وآليات جمعها والبنية التحتية اللازمة لتخزينها والعلاقات بين مجموعاتها المختلفة. وممّا يُفاقم المشكلة غياب الأدوات المُساعِدة على الوصول الآمن للبيانات وإمكانات إدارتها من خلال مسؤولين متخصصين.

ثانيًا: نقص الكفاءات البشرية المُتخصصة في الذكاء الاصطناعي:

تُعاني مختلف المؤسسات من القطاعين العام والخاص من قلة العاملين من ذوي الخبرة من المتخصصين في البيانات والذكاء الاصطناعي، إلّا أن حدة النقص في الذكاء الاصطناعي أشد وخصوصاً لدى المؤسسات التي يشق عليها مُضاهاة القطاع الخاص في عروض الرواتب المرتفعة لاجتذاب أفضل المواهب.

ومع وجود المختصين في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإنها أحيانًا ما تظل في عزلة حيث تقليل التواصل الجيد بين مختلف أقسام القطاعات سيقلل من استفادة كل فريق بمعارف الفريق الأخر، وإضافة إلى ذلك، كثيرًا ما يغيب عن الإدارة العليا في المؤسسات الحكومية إدراك الأهمية البالغة للبيانات والذكاء الاصطناعي، والمسائل القانونية والأخلاقية المتعلقة بجمع البيانات واستخدامها والخصوصية. وكل ذلك يُعقّد مهمة الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

ثالثًا: سوق الذكاء الاصطناعي سريع التحول:

على خلاف القطاعات التقنية التي قد تعتبر أكثر ثباتاً من قطاعات تقنية المعلومات التي يُهيمن على كلٍ منها عددٌ قليل من الشركات الكبيرة، يتميز مجال الذكاء الاصطناعي بتعقيده البالغ وسرعة تطوره؛ وإلى جانب الشركات الكبيرة فهناك الكثير من الشركات الناشئة الواعدة. ومن شأن هذه التحولات السريعة في سوق الذكاء الاصطناعي إرباك أية مؤسسة تتلمس خطواتها الأولى في هذه السوق؛ إذ سيصعب عليها تحديد وجهتها.

وعلى الرغم من إمكانات الشركات الصغيرة، إلا أن الكثير منها يحتاج إلى الخبرة الكافية للتعامل مع المؤسسات الكبيرة وتوسيع نطاق عملها، ولذلك تحتاج المؤسسات للبحث عن أفضل الطرق للاستفادة من خبرات الشركات الصغيرة بما يدعم نمو التقنيات إجمالاً.

رابعًا: جمود المؤسسات الحكومية:

هناك صعوبات تجدها مؤسسات القطاعين من العام والخاص الكثير من التحديات في تبني حلول الذكاء الاصطناعي للمرة الأولى، لكن قد تواجه المؤسسات الحديثة منها مشكلات أكبر بكثير بسبب غياب التجريب والابتكار، وفي القطاع الأخرى ممن تملك الخبرات السابقة والتجريب والإقدام على المخاطرة بقبولٍ أكبر من خلال تشجيع الموظفين على الابتكار ومكافأة الأداء الجيد، وتحتاج مختلف المؤسسات السماح بمزيد من المرونة وتحفيز موظفيها على تجريب أساليب جديدة في العمل.

خامسًا: آليات المشتريات:

يعتبر الذكاء الاصطناعي تحديًا أمام عمليات المشتريات في المؤسسات، وبينما اعتادت العديد من هذه المؤسسات شراء برمجيات مُتاحة تجاريًا وتخصيصها بما يُناسب تغير احتياجاتها، فإن هذا الأسلوب قد لا يُناسب أغلب مُقدمي تقنيات الذكاء الاصطناعي الذين سيرفضون إطلاع الآخرين على خوارزميات طوروها، الأمر الذي سيضر بقدرة هذه المؤسسات على تحديث الخوارزميات، وكما يُضاف إلى ذلك البطء والتعقيد اللذين يسمان المشتريات العامة عادةً، وكذلك الشروط والأحكام المُقيّدة، والحاجة للانتظار فترات طويلة من تقديم العطاءات وحتى القرارات النهائية. وجميعها عقبات أمام الشركات ولا سيما الصغيرة منها.

ومن المهم التنوية إلى أنه وعلى عكس الاعتقادات الشائعة بأن التحدي التقني هو العقبة الأكبر أمام انتفاع المؤسسات من الذكاء الاصطناعي، فإنه يُشكل جزء واحد فحسب من المعادلة، بل ربما يكون من أسهل أجزائها، بينما الأهم هو تعديل الثقافة المؤسسية وطريقة الإدارة قبل الاقتراب من جني ثمار الذكاء الاصطناعي.


شارك المقالة: