ما هي تقنية تعلم الآلة
لربما لن تستطيع معظم الشركات أن توظّف عدد كبير من الموظفين، وتحمل التكاليف الملقاة على عاتقها بما يخص ذلك فقط من أجل إدارة وتنسيق بياناتها الهائلة والمتغيرة باستمرار بين وهلةٍ وأخرى، لذلك تلجأ هذه الشركات إلى استخدام نمطية برمجية تتكفل بتحمّل هذا الحمل لتوفّر الكثير من المال، والوقت، بالإضافة إلى تحقيق السرعة في إنجاز هذه العمليات، وهذا ما يسمّى تعلم الآلة.
على الرغم من أن تكنولوجيا التعلّم الآلي واعدة بآفاقها الواسعة، فعلى النقيض يمكن أن تكون كذلك عرضة للتحيزات غير المقصودة والمخطط لها، والتي تتطلّب بذاتها أن تكون مبرمجة بشكلٍ دقيق، وعلى نحو غير قابل للخطأ أو الاحتمال من أجل تفادي وتجنّب الوقوع في أخطاء قد تكون كارثية.
(Machine Learning): ويشار له اختصار (ML)، يمكن تبسيط مفهوم تعلم الآلة بأنه أحد الفروع المنبثقة عن علم الذكاء الاصطناعي (AI) القائمة على برمجة الحواسيب بمختلف أشكالها لتصبح قادرةً على تنفيذ الأوامر وأداء المهام الموكولة إليها بالاعتماد على البيانات المتواجدة لديها وتحليلها مع تقييد التدخّل البشري في توجيهها أو تغييبه تماماً.
ويشار إلى أن مصطلح تعلم الآلة قد ظهر من قِبَل رائد الذكاء الاصطناعي آرثر صامويل في سنة 1959 ضمن نطاقِ عمل مختبرات (IBM)، ومن الجديرِ بالذكر فإن الآلة في هذه الحالة يجب أن تعتمد على تحليل البيانات المُدخلة إليها مسبقاً لمواجهة الأوامر والمهام المطلوبة منها، فيكون دور العنصر البشري ضئيلاً جداً في نهاية المطاف.
كما سيقع على عاتق الآلة مسؤولية اتخاذ القرار عند الحاجة لذلك، وتحديد ما يجب تنفيذه من مهام ومتى وكيف ولماذا دون أي مساعدةٍ بشريةٍ إطلاقاً، إذ سيسهم ذلك بالتأكيد في إنجاز المهام بأسرع وقت ممكن مقارنة مع الوقت الذي يستهلكه البشر لإنجاز المهام.
استخدامات تعلم الآلة
في يومنا هذا تميل العديد من الشركات إلى استخدام تعلّم الآلة لمراجعة كميات هائلة من البيانات، بما فيها مثلاً من تقييم الائتمان لطلبات القروض، فحص العقود القانونية بحثاً عن أية أخطاء، والبحث والتحرّي عن تفاصيل اتصالات الزبائن مع الموظفين.
وذلك بغية تقييم مدى سلوكيّة ونهج التعامل معهم، بحيث أصبح متوفّراً وبسهولة العديد من الأدوات الجديدة التي تسمح بدورها للمطورين القيام بإنشاء ونشر العديد من محركات تعلّم الآلة وذلك بسهولة أكبر من أي وقت سابق.
لقد أطلقت مؤخراً شركة (Amazon Web Services Inc) نموذجاً للتعلم الآلي والمندرج تحت اسم (SageMaker)، والذي سمح بدوره للمهندسين وذوي الاختصاص من الاستفادة في بناء نماذج متطورة ومعقدة من تعلّم الآلة، بحيث توفّر نسخ عديدة منها هذه المتطلبات بدون الحاجة إلى الترميز البرمجي، ومن أمثلتها (Microsoft Azure) و (Machine Learning Studio).
لكن في حين أن خوارزميات تعلّم الآلة والتي تتمكن الشركات من خلالها من تحقيق نتائج وكفاءات ممتازة، إلا أنها على النقيض معرّضة مثل بقية الأنظمة إلى متلازمة (Garbage in و Garbage out)، والتي يمكن شرحها وتلخيصها بأنه في حال كانت البيانات المُدخلة عن طريق المستخدم إلى الحاسوب غير دقيقة بشكلٍ كلي.
فإن البيانات الصادرة عنه ستكون مبهمة وغير واضحة وستؤدي بدورها إلى نتائج كارثية؛ لأن معظم المستخدمين لا يفهمون طريقة تحليل الآلة للعمليات والبيانات بشكلٍ كلّي، فلذلك يلجؤون إلى تصديق كامل البيانات الصادرة واعتمادها بشكل رسمي.
مخاطر تعلم الآلة
التحيز
يُعرف التحيّز بأنه أكثر مخاطر تعلم الآلة شيوعاً، ويُعرّف التحيز على أنه ميل الخوارزمية إلى تعلّم الشيء الخطأ باستمرار من خلال عدم مراعاة جميع البيانات الموجودة في المعلومات، ويقع اللوم في ذلك على عاتق المستخدم.
أي أنّ الآلة لن تتحيّز من تلقاء نفسها إلا إذا كان المبرمج متحيّز بفكرته تجاه طرف أكثر من آخر، لا يظهر ذلك للعيان بسهولة وإنما يتراكم مع مرور الوقت لتعطي الآلة معلومات خاطئة، ومتناقضة مع الوظيفة التي بنيت من أجلها.
نقص في التنوع (التحسين المفرط)
تقضي العديد من الأيام في بناء نموذجك الخاص، ومن ثم تدريبه وتحسينه وتلقينه البيانات اللازمة ليغدو أفضل وترتقي به إلى الكمالية، ومن ثم تلاحظ بأن بياناتك بشتّى أشكالها بدأت بالانهيار، وكل جهدك تلاشى إلى العدم. ماذا حدث.
الذي حدث هو أنك بالغت وأفرطت في بناء وتحسين نموذجك، وترى ذلك طوال الوقت في الأسواق المالية عندما يحاول الناس إنشاء استراتيجية للاستثمار في سوق الأسهم، بحيث يبنون استراتيجية نموذجية ومن ثم يغيرون المدخلات والمتغيرات، حتى يحصلوا على بعضٍ من الأرقام بدقة هائلة تجعلهم أصحاب ملايين في غضون بضعة أشهر.
فاستراتيجية الاستثمار تم بناؤها وإنشاؤها باستخدام مجموعة معينة من البيانات، ومن ثم يقوم المستخدم بتبديل البيانات المدخلة منها، واستبدالها بأخرى لإعطاء بيانات مخرجة بشكل أفضل وأنسب دون النظر إلى تباين البيانات الحاصل، وتبديل شكل البيانات وترتيبها دون إضفاء أي جديد منها على النموذج.
فيظن المستخدم بأنه سيلقى نتيجة مُرضية وسريعة، ولكن على العكس؛ فعندما تبدأ بتطبيق استراتيجية الاستثمار على بيانات جديدة فإنها لن تنجح إطلاقًا مقارنةً مع القديمة منها، وكل أحلامك كمليونير تتلاشى مع ضوء الفجر، بينما يلاحظ المستثمر بأن قيمة حسابه الاستثماري تتضاءل شيئاً فشيئاً.
يتوجب عليك اتباع طرقٍ بسيطة في بناء النموذج، فلا تبالغ في التحسين، وتأكد من تنوع البيانات التي تدخلها في نماذج تعلّم الآلة الخاصة بك عبر كل من أنواع البيانات، والأُطر الزمنية، ومجموعات البيانات الرسومية، والعديد من أشكال التباين الأخرى التي يمكنك العثور عليها.
تفسير البيانات الصادرة
ترهق نفسك في التأكد من نوع البيانات المدخلة، وبأنها بيانات جيدة وتتناسب مع نموذجك الحالي من التعلم الآلي، فأنت تفعل كل شيء بشكل صحيح، وبعد ذلك؛ يأتي مديرك ليلقي نظرته الخاصة عليه، ويفسّر النتائج بطريقة أبعد ما تكون عن الدقة، لتوهمك بأن هناك خطأً فادحاً قد ارتكبته للتو.
فعلى سبيل المثال، قامت إحدى الشركات بتعيين أحد العلماء المختصين في بناء نماذج التعلم الآلي للمساعدة بالتنبؤ بإيرادات الشركة، حيث تم بناء نموذج يجمع كامل البيانات ويرتبها ليعطي نتائج ربع سنوية عن الإيرادات كل ثلاثة أشهر وقائم على معدل خطأ ومقاييس تباين جيدين.
وعند صدور النتائج المنتظرة؛ غضب المدير على الفور وقام باستدعاء العالم المختص ليخبره بأن الإيرادات قد انخفضت بمقدار 5-10 أضعاف مقارنة بالنتائج القديمة، واستناداً على دراسات فريق المبيعات التي توضح بأن الشركة ستشهد نمو داخلي في هذا العام بمقدار 5-10 أضعاف، يتبين لاحقاً بأن المدير قد أساء فهم هذه البيانات ولم يلحظ بأن النتائج التي أخرجتها الآلة كانت نتائج فصلية وليست سنوية كما كان معتاداً في.
فلا تتسرع وعاين كل جزء بجزئه، تعرّف على بياناتك وقدرات أعمالك عندما يتعلّق الأمر بعلوم البيانات والمعلومات، وكن على دراية بأن كل شخص يحتاج إلى تعلّم الآلة واستخدام الذكاء الاصطناعي، خذ وقتك لفهم كواليس هذه العملية، وإيجاد طرق للتخفيف من مخاطر تعلم الآلة، والعواقب الكامنة وراءه.