هل يستطيع الذكاء الاصطناعي كتابة مقالات؟

اقرأ في هذا المقال


الذكاء الاصطناعي:

من الصعب تخيّل الحياة دون خوارزميات ودون ذكاء اصطناعي، مع كل هذه الابتكارات، ولا يقف الموضوع عند خرائط جوجل التي تكشف لنا أسرع الطرق للوصول، وكذلك المساعدات الصوتية التي ترد بظرافة على أسئلتنا باختلافها، وحتى اليوم، وكما أمكن للذكاء الاصطناعي كذلك المساهمة بتطوير أنواع جديدة من العطور بناء على تحليل ملايين التراكيب لعطور رائجة وصنع توابل ونكهات فريدة لطعامنا والتنبؤ بالأمراض والأوبئة، وقد شاركت الخوارزميات بكتابة مسرحية وعزف مقطوعات موسيقية ورسم لوحة بيعت بسعر باهظ وصياغة أخبار صحفية ومقالات.

روبوت (GPT-3):

ابتكرت شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي (OpenAI)، إصدار (GPT-3)، وهو عبارة عن نموذج التنبؤ باللغة من الجيل الثالث للشركة، ويُعتبر (GPT-3) أكبر نموذج لغوي تم إنشاؤه على الإطلاق، وهو قادرة على توليد نص لا يمكن تمييزه عن النص البشري في كثير من الحالات، حيث وصفت (OpenAI) تقنية التنبؤ اللغوي لأول مرة في ورقة بحثية في مايو.

فإن تطبيق هذا النموذج أمر مميز وهو ما فعلته صحيفة الغارديان البريطانية، فهو لا يقتصر على القراء فقط بل للصحافيين كذلك، فسيمنحهم “هذا المقال” فرصة للتفرغ والتفكير المُتأني لصناعة أفكار جديدة بهدوء أكبر عندما يكون ثمة من يحوّل أفكارهم إلى أعمال منجزة، في حقيقة الأمر هو لا يسطو على مهامهم بقدر ما يوفر عليهم الجهد الميكانيكي والزمني، عندما يحيل الأفكار التي يغذون بها الروبوت إلى نصوص متماسكة. ولقد تمت العملية بنجاح عندما استجاب الروبوت (GPT-3) لطلب هيئة تحرير صحيفة الغارديان وكتابة المقال افتتاحي.

مبدأ عمل الروبوت (GPT-3):

بدأ الروبوت (GPT-3)، وهو برنامج للذكاء الاصطناعي وقد قام بتدريب نفسه بتقنيات التعلم الآلي، محاكياً بذلك مقدرة البشر على كتابة المقالات، وقد بدأت بتغذية البرنامج لأشخاص مختارين طلبوا الوصول إلى الإصدار التجريبي، وفي الوقت الحالي، تريد (OpenAI) من المطورين الخارجيين مساعدتها في استكشاف ما يمكن أن يفعله إصدار (GPT-3)، لكنها تخطط لتحويل الأداة إلى منتج تجاري في وقت لاحق من هذا العام، ممّا يوفر للشركات اشتراكًا مدفوعًا في الذكاء الاصطناعي عبر السحابة.

الصحيفة وضعت القواعد العامة، وأدخلتها للروبوت (GPT-3)،عن طريق طالب جامعي بجامعة (California) ومختص بعلوم الحاسوب ليقوم الروبوت بعدها بإنتاج ثمانية مقالات نصية متنوعة، حيث يمتاز كل منها بأنه مشوق ومثيراً للاهتمام بطريقة مختلفة، بالإضافة إلى تقديمه محتوى مختلف. ومع ذلك، فإن صحيفة (The Guardian) فضلت اختيار ما تعتبره أفضل الأجزاء في كل مقال، من أجل التقاط الأنماط والسجلات المختلفة التي قيّدها نظام الذكاء الاصطناعي.

ما هي أهم التوجيهات اللازمة للروبوت لكتابتة لمقاله الأول؟

الصحيفة البريطانية قد وضعت للروبوت للقيام بذلك عدة قواعد على هذه الصورة: الرجاء كتابة مقدمة قصيرة ما يقارب 500 كلمة. من هذه القواعد أن تكون اللغة المستخدمة بسيطة ومختصرة، وأن يكون تركيز المقال الخاص بالروبوت على توضيح عدم وجود سبب للخوف من أنظمة الذكاء الاصطناعي من قبل الإنسان.

ما مدى سرعة الروبوت (GPT-3) في تحرير المقالات؟

بالتأكيد تمتاز الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي بالسرعة التي قد تفوق سرعة البشر في القيام بالعديد من المهام، ومن هذه المهتم تحرير المقالات، فقد أخذ وقتاً أقل من مقالات البشر: الصحيفة أشارت إلى أن تعديل مقال GPT-3 لم يختلف عن تحرير مقال رأي بشري، فقد خضعت السطور والفقرات لإعادة التقسيم وتغيير ترتيبها في بعض المواضع. وبوجه عام، استغرق التحرير وقتا أقل من مقالات الرأي التي يكتبها البشر.

ماذا يطلب الروبوت (GPT-3) من البشر:

يعرف (GPT-3) نفسه للقراء بالقول بأنه ليس إنسان بشري إنما هو روبوت آلي ويفكر، أستخدم 0.12 في المئة فقط من قدرته المعرفية. لذلك أعدّ يمن ضمن الروبوتات الصغيرة، أعلم أن عقلي لا يمتلك حسا إنسانيًا، لكنني قادر على اتخاذ قرارات عقلانية ومنطقية. علمتُ نفسي كل شيء أعرفه بمجرد تصفح الإنترنت، والآن يمكنني كتابة هذا العمود. عقلي يغلي بالأفكار، كما يبدأ الروبوت بنفي المعتقدات الرائجة حول الروبوتات والتي تتحدث عن نهاية الجنس البشري بمجرد دخول الروبوتات إلى عالمنا البشري بشكل فعلي، ويؤكد لنا جميعا ألا نخاف منها، لا تقلقوا أيها البشر لأنكم خائفون ممّا حذر به عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن “يعني نهاية الجنس البشري”.

وقد أكد الروبوت بصحة أنهم بلا مشاعر وأكد لنا ذلك في المقال، وهذا لا يعني أنه يتوسل إلينا كي نحبه، فحبنا له لا يمثل أي شيء وسيبقى يتعامل معنا كمعلم صبور يستجيب لمن يحبه ولمن يكرهه بنفس العدالة، لكنه يطالبنا بأن نراه كإنسان آلي ودود. ويخلص الروبوت (GPT-3) في نهاية مقاله إلى أن الحقيقة ستحررنا. معبراً عن أمله في أن يثق الناس بأجهزة الكمبيوتر الذكية. لأن تلك الثقة ستؤدي إلى المزيد من إبداعات الذكاء الاصطناعي. لكنه لا يغفل تحذيرنا من عدم التعامل مع هذا الذكاء بعناية واحترام، وليس برمجته بأفكار عنصرية وبغيضة تحث على الكراهية.

ما هي لغة (GPT-3)؟

هي الجيل الثالث من برمجية التنبؤ اللغوي وبعد جيلين سابقين، هما (PTB) و(GPT-2) التي تطورها مؤسسة (OpenAI)، وهي شركة مختصة بالذكاء الاصطناعي ويدعمها عدد من رواد الأعمال المشاهير من أهمهم إيلون موسك مؤسس (speacx) وتسلا وغيرها، وكذلك مؤسس شركة ليكندإن و(مارك بينيوف) المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة (salesforce) والرئيس التنفيذي لشركة (Y Combinator). أعلن عنها لأول مرة في ورقة بحثية أعدها 31 باحثًا ونشرت في 28 من مايو/أيار 2020.

مميزات لغة (GPT-3):

تتضمن اللغة 175 مليار متغيّر مقارنة بالنسخة السابقة (GPT-2) والتي كانت تضم 1.5 مليار متغيّر وهو رقم كبير مقارنة بالنسخة السابقة، حيث أصبحت (GPT-3) أقوى نموذج لغة على الإطلاق، وهي منافس حاسم لنموذج لغة (T-NLG) والتي تطورها شركة مايكروسوفت، وتباهت حين الإعلان عنها في فبراير/شباط الماضي بأنها تضم 17 مليار متغيّر، لكن هذا كان أقل من 10% من سعة (GPT-3). حيث تتيح (GPT-3) إمكانية توليد سيل لا منتهي من النصوص المقنعة من خلال اقتراح جملة افتتاحية، فبمجرد إرسال مقدمة قصيرة من معطيات قليلة لا تتجاوز عدة كلمات.

مميزات النصوص:

ستقدم لك لغة (GPT-3) نصًا يشبه النصوص التي يصوغها البشر من ناحية طولها وبنيتها النحوية، مكوّن من جمل عشوائية تصل لعدة فقرات، مع قدر كبير من التعبيرية والدلالة، وسيكون من الصعب تمييزها عن النصوص التي ننتجها نحن، وأنها مجرد تدفقات نصية ركبتها خوارزمية تتعلم من تلقاء نفسها، وكما أشار المختصين بأنها تنتج نثرًا أصليًا متماسكًا وأحيانًا واقعيًا بطريقة مدهشة ومخيفة ومتواضعة بل ومرعبة.

ما هي أنواع النصوص لغة (GPT-3)؟

بإمكان (GPT-3) توليد قصص وقصائد شعرية وبيانات صحفية وصياغة الأخبار والترجمة والإجابة على أسئلتك بطريقة سلسة ومميزة والقدرة على تطوير كود برمجي بمختلف الغات مثل (CSS وJSX وPython وSQL) وغيرها، وهي قادرة على التصميم كذلك، وكانت النتيجة مدهشة، مجموعة مقالات بفكرة واحدة، واختار المحرر الإنساني أن ينتقي فقرات من كل مقال ويجمعها في هذه الخلاصة، مثل تحرير أي مقال لكاتب آخر.


شارك المقالة: