ما هي أوجه الاختلاف بين الغابات الصنوبرية والغابات النفضية؟
نستطيع أن نقوم بتلخيص أهم أوجه الاختلاف التي تكون بين كل من الغابات الصنوبرية من ناحية والغابات النفضية من ناحية أخرى وفيما يلي يتم توضيحها:
- الغابات الصنوبرية التي تكون ذات خضرة دائمة، أمَّا النفضية فإن أوراقها تسقط في فصل الشتاء.
- الغابات الصنوبرية ذات أوراق إبرية أمًّا النفضية فتكون أوراقها عريضة.
- أخشاب الغابات الصنوبرية حيث يكون أغلبها من النوع اللين، أمَّا الغابات النفضية فإن أغلب أخشابها يكون من النوع الصلب.
- إن الغابات الصنوبرية تحتاج إلى كمية أمطار أقل ممَّا تحتاج إليه الغابات النفضية، إذ يكون كافي لنموها هطول 25 سنتيمتراً فقط في فصل النمو، ولهذا فإنها تمتد بدون أن تنقطع تقريباً على كل من شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية.
- الغابات الصنوبرية فإن حاجتها إلى الحرارة يكون أقل، وإلى فصل النمو يكون أقصر ممَّا تحتاج إليه الغابات النفضية.
- كما أن الغابات الصنوبرية تكون قادرة على النمو في بعض من أنواع التربة الفقيرة التي لا تكون صالحة لنمو الغابات النفضية، فمثلاً في شرق الولايات المتحدة نرى بأن الغابات الصنوبرية تحتل في بعض الأماكن الساحلية ذات التربة الرملية، وذلك في مجال الغابات النفضية.
- تمتاز الغابات الصنوبرية بأن النباتات الصغيرة قليلاً ما تنمو بين أشجارها، حيث يرجع هذا بشكل خاص إلى قلة ما يصل إلى سطح الأرض من ضوء الشمس؛ وذلك نتيجة لتقارب الأشجار ودوام اخضرارها، أمَّا في الغابات النفضية فتنمو بين الأشجار حياة نباتية كثيفة، حيث تكون مكونة من حشائش وشجيرات، ويساعد على نموها لأن الأشجار تنفض أوراقها في فترة من العام، ممَّا تستطيع أشعة الشمس بالوصول إلى سطح الأرض.
وكما أن الغابات الصنوبرية تعتبر من أهم مورد للأخشاب اللينة في العالم، ومن أهم أنواع الأشجار التي تنمو بها هي الصنوبر (Pine) والشربين والشوكران (Fir) واللاريس (Larch) كما تنمو أشجار الأرز (Cedar) والسرو (Cypress) بكمية كبيرة على منحدرات الجبال المرتفعة في الأقاليم الدافئة أو الأقاليم الحارة، كما هو الحال في الأماكن الجبلية في حوض البحر المتوسط وهضبة الحبشة وشرق أفريقيا.
وكما تم استغلال هذه الغابات على نطاق واسع في شمال أوروبا وبالأخص في كل من السويد والنرويج وفلندة، وتقطع الأشجار عادة خلال فصل الشتاء ثم تجرعلى الجليد إلى مجاري الأنهار وتترك فيها حتى تنقلها المياه إلى المصب بعد انصهار الجليد، وتعتبر سيبيريا أكبر مكان تغطيها الغابات الصنوبرية في العالم، إلا أن هذه الغابات في مجملها لغاية الآن بعيدة عن الاستغلال، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها:
- قسوة المناخ وقلة السكان.
- شدة كثافة الغابات وصعوبة اختراقها.
- أن الأنهار المهمة التي توجد في سيبيريا يكون اتجاهها بشكل عام من جهة الجنوب إلى جهة الشمال، حيث تصب في المحيط المتجمد الشمالي، ممَّا يقلل من أهميتها كطرق لنقل الأخشاب، كما نلاحظ ايضاً أن مياه هذه الأنهار تفيض على الأراضي التي حولها خلال الربيع والصيف؛ لأنه عند انصهار الجليد في أطرافها العليا تكون أطرافها الدنيا ما زالت متجمدة، ويترتب على ذلك تحول منطقة واسعة حولها إلى مستنقعات تزيد من صعوبة اختراق الغابات، وفضلاً عن ذلك فإن طغيان المياه وتراكمها على أرض الغابات بهذا الشكل يؤثر بشكل سيء على الأشجار؛ لأنه يقوم على اتلاف الأخشاب ويقلل من قيمتها الاقتصادية.
وإلى جانب النطاق الرئيسي الصنوبرية في شمال أوراسيا تنمو هذه الغابات أيضاً فوق منحدرات جبال الألب والكربات، حيث أنها ذو أهمية اقتصادية كمورد للأخشاب اللينة داخل هذه الأماكن، وإذا قمنا بالانتقال إلى العالم الجديد نجد أن الغابات الصنوبرية تشغل مجالاً واسعاً يكون امتداده ما بين المحيطين الأطلسي والهادي في كندا وشمال الولايات المتحدة، والغابات التي تنمو هنا في مجملها تكون من نوع التايجا التي يكون انتشارها في شمال أوراسيا، وإلى جانب ذلك تنمو الغابات الصنوبرية كذلك فوق منحدرات الجبال في الأماكن الساحلية ذات التربة الرملية في العروض المعتدلة الدافئة في غرب الولايات المتحدة وشرقها.
وكما تمتاز هذه الغابات عن التايجا بكبر أشجارها وجودة أخشابها ممَّا يجعل لها أهميه اقتصادية كبيرة جداً، وينطبق هذا بشكل خاص على الغابات التي تنمو فوق منحدرات السلاسل الغربية لجبال روكي، ويتكون منها نطاق كبير يتصل بنطاق التايجا في الشمال، حيث يمتد حتى المكسيك في الجنوب، ففي هذا النطاق تنمو أحسن أنواع الأشجار الصنوبرية في العالم، ومن أهمها نوع من الشربين يطلق عليه إسم (Douglas Fir)، ويزيد ارتفاع شجرته أحياناً فوق 150 متراً وقطر جذعها يزداد عن مترين، حيث يشبهه في ذلك نوع من أشجار الغابات الصنوبرية التي تعرف بإسم الغابات الحمراء (Redwood) وهي موجودة بشكل خاص في كاليفورنيا.
وقد كانت الغابات الصنوبرية تغطي أيضاً مساحات كبيرة من شرق الولايات المتحدة وكندا، ولكن تم إزالتها من مناطق كثيرة حتى تحتل الزراعة محلها من ناحية والاستفادة بأخشابها من ناحية أخرى، كما قد بدأت هاتان الدولتان تتبعان في وقتنا الحاضر سياسة ترمي إلى تنظيم استغلال الغابات والمحافظة عليها، كما تعتبر الغابات التي تنتشر فوق المنحدرات الغربية لجبال روكي أكبر مورد للأخشاب في الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، ويأتي بعدها الغابات التي تنتشر في الولايات الجنوبية الشرقية للبلاد.
أمَّا في نصف الكرة الجنوبي فلا توجد الغابات الصنوبرية إلا في أماكن صغيرة في غرب وجنوب أمريكا الجنوبية؛ وذلك بسبب ضيق اليابس وكبر امتداده كثيراً داخل العروض الجنوبية الباردة، والحيوانات التي تعيش داخل الغابات المعتدلة الباردة سواء في ذلك الغابات النفضية أو الغابات الصنوبرية قليلة بشكل عام، وهي تضم بعض أنواع الطيور التي تعيش على الفاكهة أو على ما تلتقطه من الحشرات، ثم بعض الحيوانات القارضة (Rodents) مثل السنجاب، الذي يأكل الحبوب الجافة والأرانب التي تعيش على الحشائش، ثم بعض القطط المتوحشة والثعالب والدببة والذئاب، كما يعيش بها نوع كبيرمن الغزال يعرف بإسم (Moose) أو (Elk) وتوجد هذه الحيوانات بشكل خاص داخل غابات شمال أوراسيا وأمريكا الشمالية.
وإلى جانب حرفة قطع الأشجار وتصدير أخشابها، حيث أنها من أهم الحرف التي يقوم بها الناس الذين يعيشوا داخل أقاليم الغابات الصنوبرية، وتوجد أيضاً حِرف ثانية مهمة منها حرفة صيد الحيوانات صاحبة الفراء مثل الثعالب والأرانب، كما توجد أيضاً بعض الصناعات المهمة ومنها صناعة عيدان الثقاب وصناعة الورق من داخل الخشب، وتزرع في هذه الأماكن أيضاً بعض المحاصيل التي أهمها الشعير والشوفان والقمح وذلك في الأماكن التي تم إزالت الغابات منها.