الأقسام المناخية للوطن العربي حسب تقسيم كوبن

اقرأ في هذا المقال


ما هي الأقسام المناخية للوطن العربي حسب تقسيم كوبن؟

إن الجزء الأكبر من العالم العربي يكون ضمن الجزء المناخي الكبير (B) في تقسيم كوبن، بينما تدخل أجزاء محدودة منه ضمن القسم (A) وأجزاء أخرى ضمن القسم (C)، وفيما يلي أهم الأنواع المناخية التي تكون موجده في هذا العالم:

  • المناخ A (الحار الممطر): إن النوع الذي يوجد في العالم العربي من هذا المناخ هو النوع (AW) وهو الذي يتفق بشكل عام مع النوع المشهور بإسم نوع السفانا، وهو يضم أغلب جنوب السودان ومجالاً كبيراً في وسطه، وأهم ما يميزه هو وجود فصل يكون جاف خلال فصل الشتاء، حيث يشغل ما بين ثلاثة أشهر في أقصى الجنوب وسبعة أشهر في أقصى الشمال.
    ويمكن اعتبار خط المطر السنوي 60 سم تقريبياً لهذا المناخ من جهة الشمال، والأمطار في مجملها من نوع أمطار التصعيد، حيث تتزايد كلما اتجهنا جنوبًا، حتى أن معدلها يصل في أقصى جنوب السودان إلى 120 سم أو أكثر، أمَّا درجة الحرارة فمرتفعة طول العام ولا يقل معدلها في أي شهر من الشهور عن 18 درجة مئوية، بل إنه قد يصل في بعض الأشهر إلى 30 درجة مئوية أو أكثر.
    ممَّا يؤدي إلى هطول الأمطار في كل الأشهر الحارة، فلا تكون هناك فرصة للارتفاع غير العادي في معدل أي منها، ولذلك فبينما تزداد معدلات بعض الأشهر إلى أكثر من 30 درجة مئوية في الأماكن التي تقع إلى الشمال من بحر الغزال فإنها تكاد تصل في أي شهر من الشهور إلى 29 درجة مئوية في الأماكن التي تقع إلى الجنوب منه.
    ويبدو هذا واضحاً لو قمنا بالمقارنة بالمعدلات الحرارية لبلدة جوبا التي يكون وقوعها على خط عرض 5 درجات شمالاً تقريباً بنظيراتها في بلدة توزي التي تقع على خط عرض 30 َ 12 درجة شمالاً، وهما واقعتان على ارتفاع واحد من سطح البحر، وإقليم المناخ (A) هو أغنى أقاليم الوطن العربي في موارده المائية والنباتية وفي إمكانات استخدام أراضيه للتنمية الزراعية والحيوانية، حيث بدأت فيه بالفعل الكثير من مشروعات التنمية الزراعية والصناعية، ولكن ما زالت مشكلاته الصحية ونقص سكانه، صعوبة المواصلات بين أقسام بعضها البعض، وبينه وبين بقية البلاد تحول دون تنمية موارده بالسرعة المطلوبة.
    وكما أن النباتات الطبيعية في هذا الإقليم تتدرج من حيث الكثافة والتنوع من الجنوب إلى الشمال؛ وذلك تبعاً لقلة كمية المطر وتناقص طول الفصل الممطر، ففي أقصى الجنوب توجد بعض الغابات ذات الخضرة الدائمة التي يظهر أغلبها حول مجاري الأنهار، وهذا النوع من الغابات هو الذي يُعرف بإسم غابات الدهاليز Gallery Forests.
    أمَّا في الشمال فتنمو حشائش السفانا الخشنة التي تختلط بها بعض الأشجار النفضية، وتتناقص الأشجار وتقل أحجامها كما أن كثافة الحشائش تتناقص ويقل ارتفاعها كلما ذهبنا باتجاه الجنوب.
  • المناخ (BS): هذا النوع من المناخ هو الذي يمكن أن يطلق عليه تعبير المناخ شبه الجاف أو (مناخ الإستبس) وهو يغطي مجالات كبيرة من العالم العربي، وذلك في أماكن الانتقال بين الأماكن الممطرة والأماكن الصحراوية، ولذلك فإنه يشغل مجالاً واسعاً في وسط السودان بين مجالي السفانا والصحراء، كما يواصل امتداده في شمال شرقي البلاد حتى سواحل البحر الأحمر، وإلى الشمال من الصحراء الكبرى يرجع هذا المناخ للظهور في مجال آخر إلى الجنوب من البحر المتوسط في كل من مصر وليبيا وإلى الجنوب من جبال أطلس في دول المغرب العربي.
    وفي داخل الصحراء الكبرى نفسها يظهر هذا المناخ في مكان المرتفعات الوسطى ومن أهم هذه المرتفعات مرتفعات الحجاز، وفي الجانب الآسيوي من العالم العربي يوجد هذا المناخ حول صحراء شبه الجزيرة العربية من أغلب الجهات، فمن جهة الشمال يوجد منه مجال يشمل أغلب سهول وسط وغربي العراق وبادية الشام وشمال الأردن، ومن جهة الغرب يوجد منه مجال يمتد من شرق وجنوب فلسطين عبر الحجاز إلى هضاب نجد وحضرموت، ومن جهة الجنوب الشرقي يوجد مكان تابع له في إقليم عُمان.
    وتشترك كل هذه الأماكن في أن أمطارها لا تكفي إلا لنمو غطاء خفيف من الحشائش والأعشاب التي يمكن أن تصلح للرعي ولكنها لا تكون كافية لقيام الزراعة دون الاستعانة بالري، وهذه في الواقع هي أهم أماكن الثروة الرعوية في العالم العربي، كما أن كثيراً منها يمكن أن يتم استغلاله للزراعة، حيثما تتوفر مياه الري من الأنهار مثل دلتا نهر النيل والأراضي التي ترويها مياه نهر الفرات وشط العرب، أو من مياه الآبار والعيون.
    كما هو الحال داخل الواحات التي يوجد عدد كبير منها إلى الجنوب من جبال أطلس وفي شمال ليبيا وشمال مصر، وهناك مجال واسع جداً للتنمية الزراعية في كل أماكن هذا المناخ إذا ما أحسن استخدام مواردها المائية، سواء منها الموارد السطحية أو الموارد الجوفية، وعلى أساس الاختلاف في المعدلات الحرارية وفي موسم المطر تنقسم الأماكن التابعة لهذا المناخ إلى أقسام أصغر كما يأتي:
    •  مناطق حارة صيفاً جافة شتاء (BShw): وتشمل أغلب مناطق الصومال، حيث تمثله معظم البلاد الساحلية، ووسط السودان حيث تمثله الفاشر الموجودة في الغرب والدويم الموجود في الشرق ومنطقة هضاب وسط الصحراء.
      وفي شبه الجزيرة العربية لا يحدث هذا النوع إلا في الأجزاء الجنوبية المجاورة للبحر العربي في اليمن الجنوبية وجنوب غرب سلطنة عمان، كما تحدث في بلدة صلالة العمانية، وفي كل هذه المناطق تشتد حرارة فصل الصيف خاصة في المناطق المنخفضة البعيدة عن تأثير البحار مثل بلدة الدويم في شرق السودان، حيث نرى بأن معدل درجة الحرارة في شهر إبريل الذي يكون قبل فصل المطر مباشرة يكون تقريباً 33 درجة مئوية، ولكن هطول الأمطار في الأشهر التالية يؤدي إلى تناقص المعدلات بعض الشيء في أشهر الصيف نفسها.
    • أماكن حارة جافة صيفاً (Bshs): وهي الأماكن التي تخضع لتأثير مناخ البحر المتوسط وتشمل مناطق الإستبس في شمال مصر وليبيا وجنوب جبال أطلس وامتدادها لغاية ساحل المحيط الأطلسي، كما تشمل أيضاً مناطق الإستبس في غرب وأواسط شبه الجزيرة العربية، وفي وسط العراق وجنوبه وفي الأردن وفلسطين وجنوب سوريا.
      كما تعتبر هذه الأماكن كذلك من أهم مناطق الرعي في العالم العربي، كما أنها هي أهم مناطق إنتاج الشعير، وحيث تكون كمية الأمطار مناسبة تزرع بها كذلك محاصيل ثانية أهمها القمح، وقد اتجهت الأنظار في أغلب الدول العربية إلى تنمية هذه الأماكن عن طريق تطوير حرفة الرعي وتربية الماشية وتحسين سلالاتها وعن طريق تشجيع الاستقرار والاهتمام بالإنتاج الزراعي حيثما تسمح الظروف الطبيعية وموارد المياه بذلك.
    • مناطق معتدلة جافة صيفًا (BSKS): وهي تقع إلى الشمال من المناطق السابقة (BShS) وتضم جزءاً من بادية الشام وشمال الأردن وغربي العراق، وهي المناطق التي تشكل الإطار الداخلي للهلال الخصيب حيث تبدأ الصحاري بعده امتدادها الواسع باتجاه الجنوب في وسط الجزيرة العربية وجنوبيها، وفيها تهطل الأمطار في فصل الشتاء بمعدلات تكفي لنمو حشائش تصلح للرعي، ولهذا فإن هذه المناطق تعتبر من أهم مناطق الرعي داخل الجزيرة العربية، وهي لا تختلف كثيراً في حرارتها عن الصحاري التي تجاورها، ففيها يرتفع المدى الحراري وتشتد حرارة فصل الصيف كما تشتد برودة فصل الشتاء، وكثيراً ما تتعرض هذه المناطق لعواصف ثلجية قوية في فصل الشتاء نتيجة وصول هواء قطبي قاري من شمال أوارسيا في أواخر المنخفضات الشتوية العميقة.
  • المناخ (BW) الصحراوي: يغطي هذا المناخ مساحات كبيرة في العالم العربي، بل أنه يحدث في أكثر من (95%) من مساحات بعض الدول العربية مثل كل من الجزائر، ليبيا، مصر، المملكة العربية السعودية، وتشترك كل الصحاري العربية في جفافها وشدة حرارتها في الصيف وارتفاع مداها الحراري الفصلي واليومي، وفي قصر الفصلين الانتقاليين (الربيع والخريف) بها وفي قلة سحبها وقوة الإشعاع الشمسي بها وفي كثرة ما تتعرض له من عواصف رملية وترابية، وخصوصاً خلال فصل الربيع عندما يصلها من الشمال هواء بارد بعد أن يكون سطحها قد بدء يسخن ويجف وتحدث فوقه التيارات الصاعدة.
    كما تتخلل هذه الصحاري بعض المناطق الجبلية والتي تمتاز بقدرتها على الاحتفاظ بكميات من الأمطار التي قد تكفي لجريان الماء في بعض الأودية، ولظهور بعض الواحات عند مصباته ونمو بعض الحشائش على المنحدرات وفي الأراضي التي تنصرف باتجاهها المياه، ومن أكبر هذه المناطق مناطق جبال الحجاز في الصحراء الكبرى.
    ويرتبط موسم الأمطار القليلة التي تهطل على أجزاء هذه الصحاري بموسم هطولها في الأقاليم الممطرة المجاورة لها، ففي الصحاري التي تقع على أجزاء مناخ البحر المتوسط في وسط ليبيا ووسط الجزائر تأتي أغلب الأمطار في الشتاء، وهنا يظهر نوع المناخ (BWhs) أي الجاف في الصيف أمَّا جهة الجنوب حيث تتدرج الصحاري إلى مناخ السفانا، كما هي الحال في كل من موريتانيا وتشاد وشمال السودان، فيظهر نوع المناخ (BWhw) أي الجاف خلال فصل الشتاء.
  • المناخ (C) (المعتدل): ويوجد منه نوعان هما:
    •  نوع ممطر شتاء وجاف صيفاً Cs: ويضم جميع المناطق المجاورة لسواحل البحر المتوسط في شمال أفريقيا، ويختلف اتساعها من منطقة إلى أخرى بحسب تعاريج الساحل وتضاريس الأراضي التي تجاوره، ويبلغ أقصى اتساعها في بلاد المغرب وفي شمال ليبيا ومصر، كما يشمل كل فلسطين ولبنان ومعظم سوريا وإقليم عمان في أقصى جنوب شرقي شبه الجزيرة العربية.
      وتختلف درجة الحرارة في هذا النوع على حسب التضاريس ففي المناطق السهلية يظهر النوع csa أي شديدة الحرارة، أما على المرتفعات وأهمها جبال أطلس والجبل الأخضر في ليبيا وجبال لبنان فيظهر النوع csb المعتدل صيفًا.
    • نوع يسقط مطره صيفاً cw: ويوجد على المرتفعات التي تقع في الأقاليم المدارية أو بالقرب منها وأهم هذه المرتفعات هضبة اليمن والأجزاء المرتفعة في كل من الصومال وأثيوبيا.

شارك المقالة: