ما هو البحر الميت؟
إن البحر الميت هو بحيرة ذات ملوحة عالية وتكون مغلقة، حيث تقع في وادي الأردن من خلال الشق السوري الأفريقي، وذلك يكون على خط الحدود الذي يفصل بين الأردن وفلسطين التاريخية، حيث يمتاز البحر الميت بأنه أخفض نقطة موجودة على سطح الكرة الأرضية، إذ يبلغ منسوب شاطئه نحو 400 مترتقريباً تحت مستوى سطح البحر حسب سجلات عام 2013.
كما يتميز البحر الميت بكثرة ملوحته، إذ تصل نسبة الأملاح فيه تقريباً إلى 34%، وهي ما تمثل 9 أضعاف تركيز الأملاح التي توجد في البحر المتوسط، وواحدة من أعلى نسب الملوحة في المسطحات المائية في العالم، وقد تكونت نتيجة هذه الأملاح؛ لأن البحيرة هي وجهة نهائية للمياه التي تصب فيه، حيث أنه لا يوجد أي مخرج لها بعده.
كما يصل عرض البحر الميت في أعلى حد إلى 17 كم، بينما يبلغ طوله نحو 70 كم تقريباً، وقد وصلت مساحته في عام 2010 إلى 650 كم2 تقريباً، إذ قلت خلال الأربع عقود الماضية بما يزيد عن 35%، كما يلعب المناخ الصحراوي للمنطقة الذي يمتاز بشدة الحرارة والجفاف ومعدلات التبخر العالية دوراً كبيراً في زيادة تركيز تلك الأملاح فيه.
كما أن منسوب البحر الميت في الأونة الأخيرة يعاني من التراجع المستمر، فإن هذا الأمر يرجع إلى عدد من الأسباب الرئيسية، مثل الاستعمال الكثيف لمصادر المياه كنهر الأردن وضخ المياه في الحوض الجنوبي، حيث يتكون البحر الميت في الوقت الحالي من حوضين، شمالي وجنوبي يقوم بقسمتهما شبه جزيرة اللسان، وبسبب الانخفاض المستمر لهذا المستوى، فإن الجزء الجنوبي من البحيرة أصبح جافاً، حيث إنّ الجزء الجنوبي أقل عمقاً من نظيره الشمالي، ويصل ارتفاع منسوب شاطئه إلى 401 متر تحت مستوى سطح البحر.
ومع جفاف الجزء الجنوبي، تم بناية برك من أجل تبخير المياه وإنتاج كل من البوتاس والمواد الكيماوية الأخرى مثل المنجنيز والمغنسيوم والبرومين في مصانع البوتاس وشركة البوتاس العربية في الأردن، وتحتاج تلك البرك إلى ضخ كبير من مياه البحر الميت وتبخيرها، ممَّا أثر بشكل كبير على زيادة انخفاض مستوى سطح البحر.
لقد وصل المعدل السنوي لانخفاض مستوى سطح البحر خلال العقد المنتهي بمقدار يعادل الفقدان لمدة عام كامل، حيث أصبح المستوى ينخفض متر واحد تقريباً كل عام، ولقد ارتفع هذا المعدل في سنة 2012 بشكل ملحوظ، فكان انخفاض مستوى البحر 1.40 متر، وقد تسبب الانخفاض التراكمي في مستوى الماء إلى حدوث تغيرات كثيرة أيضاً في تضاريس المناطق القريبة وفي البحر الأبيض المتوسط، ومنها تغيرات لا نستطيع الرجوع عنها داخل الجزء الشمالي ومنها الانسحاب من الشواطئ، والأضرار التي حدثت بالبنية التحتية (الطرق والجسور) والمحميات الطبيعية.
إن البحر الميت مهماً جداً من أجل الصناعة والسياحة في المنطقة، حيث أن تركيبة المياه فيه مختلفة عن المياه الطبيعية؛ وذلك لأنها تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم والبوتاسيوم، ويُستغل هذا في مصانع الأردن وترجع الأهمية التاريخية والسياحية لمنطقة البحر الميت إليه نفسه وإلى شواطئه، وتوجد عدد من المعالم الأثرية والدينية المهمة داخل المنطقة مثل كل من مسعدة، خربة قمران، كهف النبي لوط، وأيضاً التشكيلات الملحية الطبيعية، المناخ السائد فيه، فكلها جعلت من البحر الميت نقطة جذب سياحية عالمية، وبالأخص فيما يتعلق بالسياحة العلاجية.
وتحتوي المنطقة على عدد كبير من الغرف الفندقية، فإنها تتركز في الجزء الشمالي الشرقي من الأردن، وأيضاً إلى الجزء الغربي الذي يطل على الحوض الجنوبي، وقد رُشح ليكون من أحد عجائب الدنيا السبع الطبيعية في نطاق البحيرات.
تسمية البحر الميت:
أطلق على البحر الميت خلال التاريخ عدد من الأسماء القديمة في العهد القديم مثل بحر الملح، بحر العربة، البحر الشرقي، وفي عهد سيدنا عيسى المسيح عُرف باسم بحر الموت، بحر سدوم نسبة إلى منطقة سدوم التي توجد بالقرب منه، كما عرف باسم (البحيرة المنتنة)؛ حيث يعود السبب في ذلك إلى مياهه وشواطئه ذات الرائحة المنتنة، كما عرف باسم (بحيرة زغر) نسبة إلى منطقة زُغر التي تقع على شاطئه الجنوبي الشرقي، واُطلق عليه اسم (بحر الزفت) نسبةً إلى قطع الزفت التي كانت تطفو على سطحه في بعض الأحيان وخاصة عند حدوث الزلازل.
كما قد كان بعض سكان المنطقة يقوموا بالتجارة في قطع الزفت التي يعملوا على استخراجها ويبيعوها، حيث أن المقدسي قام بذكرة في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) بالبحيرة المقلوبة، وقد سُمي كذلك باسم (بحيرة لوط) نسبةً إلى النبي لوط الذي سكن وقومه بالقرب منه قبل أن يحل بهم العذاب، وقد كان أول من أطلق عليه اسم (البحر الميت) هم الإغريق لعدم وجود حياة فيه.