التلوث الجوي

اقرأ في هذا المقال


ما هو التلوث الجوي؟

إن الكرة الأرضية دون جميع كواكب المجموعة الشمسية تنفرد بوجود غلاف غازي يحيط بها، والغلاف الغازي أو الهواء مخلوط غازي يتكون من عدد كبير من العناصر والمركبات الكيمائية، تم التعرف حتى وقتنا الحاضر على مائة عنصر يتقدمها جميعاً من حيث الحجم النيتروجين بنسبة (78.084%) والأكسجين بنسبة (20.946%).
وعلى الرغم من أن النيتروجين هو غاز ساكن إلا أن النبات يعتمد عليه بعد أن يدخل في بعض التفاعلات ويذوب داخل الماء، حيث يعتقد العلماء أن نسبة النيتروجين لو كانت أقل من (78%) وحدثت شرارة كهربائية لاحترق كل شيء موجود على سطح الأرض.
أمَّا الأكسجين فلا يستطيع الإنسان أو أي كائن حي أن يعيش بدونه، حيث ثبت علمياً أن الإنسان يتنفس في اليوم الواحد وفي الحالة العادية أكثر من (20000) مرة يحتاج فيها إلى حوالي 16 كيلو جرام من الهواء، وهذا بطبيعة الحال يفوق ما يستهلكه الإنسان من الماء والغذاء معاً،.
ويعرف تلوث الجو بأنه حدوث تغيير في تركيبه وازدياد وجود أي مواد غازية أو سائلة أو صلبة تتسبب في وقوع أضرار بأي من مكونات البيئة من نبات وإنسان وحيوان وتربة ومسطحات مائية، ويجب علينا أن نتذكر بأن أغلب ملوثات الجو من صنع الإنسان ومستحدثاته، ولقد صدق من قال أن الإنسان بدأ حياته على سطح الأرض محاولاً أن يحمي نفسه من أخطار الطبيعة وانتهى به الأمر بعد عشرات الآلاف من السنين وهو يحاول أن يحمي الطبيعة أو البيئة من أخطاره.
وما من شك في أن تلوث الجو يعد من أخطر المشكلات التي تواجه أقطار العالم الآن؛ وذلك بسبب تأثيره في كل من الماء والتربة وفي صحة الإنسان والحيوان وتأثيره في الظروف المناخية، وعلى الرغم من أن تلويث الهواء بدأ في القدم لا سيما بعد ازدياد النشاط الصناعي إلا أن الانتباه إليه والإحساس بخطورته بدأ بشكل ملموس منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وكما عقدت عدة مؤتمرات دولية من أجل البحث في ذلك وآثاره ومنها مؤتمر (كيوتو) في اليابان عام 1997 ميلادي ومؤتمر (بيونس أيرس) في لأرجنتين عام 1998 ميلادي.

أهم مصادر تلوث الجو:

  • الظواهر الطبيعية مثل كل من البراكين، العواصف، الزوابع، كما أن الظواهر الطبيعية من أقدم مصادر تلوث الهواء، كما نلاحظ بأن بركان (الشوشان) في المكسيك قد قذف خلال ثورته في آذار عام 1982 ميلادي بكميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت قدرت بعشرات الملايين من الأطنان.
  • الملوثات التي تنتج عن احتراق الوقود العضوي ومثالاً على ذلك الفحم والبترول والأخشاب.
  • الملوثات التي تنتج عن المخلفات الصناعية ومثالاً على ذلك المداخن والمياه الملوثة.
  •  حرق النفايات أو إعادة استخدامها.

أقسام ملوثات الهواء:

  • مواد صلبة مثل كل من : الأتربة، حبوب اللقاح، الاسمنت، أتربة المبيدات الحشرية.
  • غازات سامة مثل كل من: أول أكسيد الكربون من عادم السيارات، ثاني أكسيد الكبريت.
  •  الأدخنة والأبخرة الخانقة نتيجة الحرائق وعوادم السيارات.
  • الإشعاعات الذرية من المصادر الطبيعية أو الصناعية.
  • البكتريا والميكروبات نتيجة لتحلل الحيوانات الميتة والنباتات والنفايات البشرية.

نتائج تلوث الجو:

  • زيادة نسب بعض الغازات في الهواء مثل كل من:
    • ثاني أكسيد الكربون: لقد كانت نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء (0.03%) لكنها زادت من عام 1800 ميلادي إلى عام 1997 ميلادي بنسبة (30%) لتصبح حوالي (0.04%)، حيث يقدر معدل زيادتها كل عام بنسبة (0.4%)، وسبب ذلك التوسع في الاعتماد على البترول والغاز الطبيعى والفحم، وقد ثبت أن احتراق جرام من المواد العضوية يتسبب في إضافة ما بين (1.5 إلى 3 جرام) من غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.
      ومن أسباب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون كذلك التوسع في قطع أشجار الغابات وتحويلها إلى مزارع، ومعروف أن النباتات تعتمد على ثاني أكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي التي يبني بها النبات خلاياه، ويقدر ما تستهلكه الأشجار كل عام حوالي 180 بليون طن من ثاني أكسيد الكربون وتطلق نحو 400 بليون طن من الأوكسجين.
      ونلاحظ كذلك أن نسبة ثاني أكسيد الكربون تقل في الربيع بسبب نمو النباتات وازدياد عمليات التمثيل الضوئي التي تتسبب في زيادة الأكسجين، وتزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون في فصل الشتاء بسبب وصول عملية التمثيل الضوئي إلى أقل مستوى لها.
      ويؤدي ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون إلى ارتفاع درجة حرارة الجو عن معدلها الطبيعي بسبب امتصاص هذا الغاز للإشعاعات الحرارية المنعكسة من سطح الأرض والاحتفاظ بها، وتتوقع بعض المصادر العلمية أن ترتفع درجة حرارة جو الأرض درجتين أو ثلاث درجات في منتصف هذا القرن أي عام 2050 ميلادي.
    • غاز أول أكسيد الكربون: يوجد هذا الغاز في عادم السيارات بنسبة (66%) وهو غاز سام، حيث إن استنشاق سائقي السيارات لكميات كثيرة من هذا الغاز يتسبب في وقوع حوادث السيارات؛ لأنه يتسبب في فقدان الوعي وضعف ردود الفعل، كما أنه يجعل نسبة كبيرة من السائقين ينامون أثناء القيادة، ويقدر ما تضيفه ألف سيارة من غاز أول أكسيد الكربون بحوالي أربعة أطنان يومياً.
      ويكاد يكون أول أكسيد الكربون هو الملوث الوحيد للهواء الذي ينفرد الإنسان بصنعه عن طريق عملية الاحتراق، حيث يتأكسد الكربون جزئيا ولا يتأكسد أكسدة كاملة، وتسهم السيارات بنسبة لا تقل عن (80%) من غاز أول أكسيد الكربون.
    • أكاسيد النيتروجين: ومنها غاز ثاني أكسيد النيتروجين وأساسه دخان السيارات، ويؤدي هذا الغاز إلى الإصابة بأمراض الرئتين والحساسية، وحصول ظاهرة الضباب الدخاني (Smog) أي ما تُسمَّى بالضبخان (ضباب+ دخان)، حيث يسبب عدم الرؤية وضيق التنفس، وأسوأ الكوارث التي حدثت نتيجة هذه الظاهرة، تلك التي تعرضت لها مدينة لندن في عام 1952 ميلادي، حيث بقيت هذه الظاهرة لمدة ثلاثة أيام وكانت الرؤية لا تزيد عن متراً واحداً، وقد راح ضحية هذه الظاهرة في ذلك الوقت أربعة آلاف شخص.
      ومن المدن التي يحدث فيها الضباب الدخاني مدينة المكسيك (مكسيكو سيتي)، وكثير من المدن العربية المكتضة تكثر فيها السحب السوداء والضباب الدخاني، ومثال على هذه المدن القاهرة التي توجد في مصر، حيث تعرضت أكثر من مرة لهذه الظاهرة، ومن هذه المرات كانت في شهر نوفمبر عام 2000 ميلادي.
  • تلوث الهواء بالمواد الصلبة: تحتوي الأدخنة التي تخرج من المصانع على الأبخرة والمواد العالقة، وبعضها شديد السمية مثل كل من الفوسفور والكبريت، فإن أكبر كارثة نتجت بسبب تلوث الهواء بالمواد الكيميائية والغازات السامة هي التي حصلت في مصنع من مصانع المبيدات الحشرية داخل مدينة (بوبال) في الهند عام 1985 ميلادي، حيث تسببت بحياة الكثير من الناس إلى جانب أعداد كبيرة من الذين فقدوا أبصارهم نتيجة المواد الكيماوية التي اشتعلت في حريق كبير ونتجت عنها غازات سامة.
    ومن المواد الثانية التي تنتشر في الهواء الرصاص، ويخرج من البراكين ومن مصادر الصناعات مثل صناعة المبيدات، كما أنه يخرج من دخان السيارات، حيث أن الرصاص خطر لأنه يتركز في أجسام الكائنات الحية، وقد قام أحد الباحثين السعوديين منذ عشرات السنوات بقياس نسبة تركيز الرصاص بمدينة الرياض، فوجد أنها تتراوح ما بين 3 إلى 6 ميكروجرام لكل متر مكعب، وهذه النسبة ضعف النسبة المقررة عالمياً.
    وتتميز المناطق الساحلية أيضاً بوجود جزيئات الملح التي تكون عالقة في الهواء بسبب الرياح المشبعة برذاذ ماء البحر المالح، حيث يتبخر الماء وتبقى الجزيئات الملحية، ولا شك أن البراكين والعواصف الترابية والرملية تسهم في تلويث الجو بالشوائب، حيث تخرج من البراكين الغازات الضارة والرماد والحمم البركانية، وممَّا نشير إليه بأن وسائل النقل البري والبحري والجوي يوجد لها نصيب واضح في التلوث، وأيضاً الحرف والصناعات المختلفة والنشاط السكاني فيما يتمثل في النفايات ومخلفات المنازل.
    وغالباً ما يتساقط الغبار على المدن بسبب التلوث نتيجة الظروف الطبيعية أو النشاط البشري، وقد تم دراسة معدل تساقط الغبار على مدينة القاهرة في عام 1969م فوجد 50 طناً كل ميل مربع في الشهر، وعلى منطقة حلوان الصناعية كان أكثر من هذا المعدل (100 طن) لكل ميل مربع في كل شهر، كما تم قياس تركيز الملوثات في هواء مدينة الرياض فكان ما بين 1000 إلى 1500 ميكروجرام للمتر المكعب، علماً بأن النسبة التي تم تحديدها عالمياً هي 75 ميكروجرام للمتر المكعب.
  • الأمطار الحامضية: تنشأ الأمطار الحامضية بسبب الكميات الكبيرة من الغازات الحامضية (ثاني أكسيد الكربون، أكاسيد النيتروجين) في الهواء يومياً، وذلك في المناطق الصناعية، ويعتقد بأن الغازات المحتوية على الكبريت تتفاعل مع الأكسجين في وجود الأشعة فوق البنفسجية التي تصدر عن الشمس، فتتحول إلى ثالث أكسيد الكبريت الذي يتحد مع بخار الماء الموجود في الهواء وينشأ عن ذلك حامض الكبريتيك.
    وتقاس حموضة الأمطار بما يعرف بالرقم الهيدروجيني (ph) الذي تقاس به حموضة المحاليل أو قلويتها، فالماء العذب يتميز بأن الرقم الهيدروجيني يساوي 7 أي 7 = PH، فإذا زاد الرقم الهيدروجيني عن (7) أصبح المحلول قلوياً، وإذا نقص عن (7) أصبح المحلول حامضياً، وكلما قل الرقم الهيدروجيني أصبح المطر أشد خطورة، ولا يتوقف أثر وجود الأحماض في الجو على تكوين الأمطار الحمضية فحسب، بل تتسبب في تكوين الضباب الحمضي والندى الحمضي والجليد الحمضي.

شارك المقالة: