تعرية الأمواج:
إن الماء بالبحار والمحيطات في حركة دائمة، ويمكن للمشاهد ملاحظة حركتي المد والجزرعلى الشواطئ مع قدوم الأمواج وانكسارها، والتي قد تكون منخفضة وهادئة أو قد تضرب الشواطئ بقوة وعنف. وتُعَدّ الشواطئ مواقع للتداخل الحركي بين الأرض والبحر وخير دليل على استمرار حركة مياه المحيطات والبحار، فالشواطئ في حركة تشكل وتغيُّر مستمر تحت وطأة الأمواج، غير أن ذلك لا يكون واضحاً في نظرة عابرة فهي في يومنا هذا ليست فقط نتاج هجمات أمواج البحر المتتالية على اليابسة فحسب، بل هي أيضاً نطاق معقد لعمليات جغرافية متعددة.
كما يصل فعل الأمواج حدَّه الأدنى عند فترات الهدوء، كما تقوم الأنهار بمعظم نشاطها أثناء الفيضانات فإن الأمواج تنشط كذلك أثناء العواصف البحرية، فقد تدفع كل موجة منكسرة بآلاف الأطنان من الماء على اليابسة، فمثلاً يصل مُعدّل ضغط موجات المحيط الأطلسي إلى 10.000 كيلوجرام لكل متر مربع خلال فصل الشتاء وتزيد قوة أثناء العواصف.
فقد نقلت الأمواج تجاه الشاطئ كتلة تزن 1350 طناً من الحديد والخرسانة، بعد تمزيق كاسر للأمواج بخليج ويك باسكتلندا. وبعد خمس سنوات واجهت نفس المصير كتلة أخرى تزن 2600 طن كانت قد وضعت محل الأولى. وهناك أمثلة كثيرة على قدرة الأمواج المنكسرة على الشواطئ، كما نلاحظ التشققات والتصدعات التي سرعان ما تظهر بالأجرف والأسوار البحرية وكاسرات الأمواج وغيرها من التي تتعرض لهذه الصدمات الهائلة.
فبدفع الماء إلى كل فتحة تجعل الهواء بها تحت قوة ضغط كبيرة كافية لخلع الكتل الصخرية، أو زيادة اتساع التشققات السابقة. والمنافذ الهوائية التي توجد ببعض الشواطئ ذات الأجرف تُعتبر مثال على قوة الأمواج الرهيبة، فأثناء العواصف يندفع الماء والهواء خلال الفتحات المواجهة للبحر، لتندفع فيما بعد على السطح في عمود مائي تصحبه أصوات تشابه أصوات الحمّات المتفجرة.
وإلى جانب التعرية عن طريق الاصطدام المباشر أو قوة الضغط، تعمل الأمواج على كشط أي القطع والطحن تحت تأثير الماء الممزوج بقطع الصُخور. وقد يكون الكشط أكثر فعالية في نطاق الأمواج المنكسرة منه في الأماكن الأخرى، فإن الأحجار والحصى المستديرة على الشاطئ بتأثير طحن الصُخور بعضها ببعض عند نطاق الأمواج المنكسرة، حيث أن الأمواج تستعملها كمعاول للتعرية في الاتجاه الأفقي.