حركة المياه الجوفية:
تعتمد المياه الجوفية في حركتها على الجاذبية، فكل رد فعل للجاذبية يتحرك الماء من مناطق بها منسوب مائي عالي إلى مناطق ذات منسوب مائي منخفض، في اتجاه قناة مجرى مائي أو بحيرة أو عين. وبعض المياه تأخذ طريقها أسفل منحدرات المناسيب المائية مباشرة، غير أن معظمها تتبع ممرات ملتوية تجاه نطاق التدفق، فإن الماء ينفذ إلى المجرى من كل التجاهات بما في ذلك العمودي منها أي في اتجاه معاكس للجاذبية.
ويحدث ذلك لاختلاف ارتفاع المنسوب المائي، الذي ينتج عنه اختلاف في ضغط المياه الجوفية عن ارتفاع معين. وبمعنى اَخر فإن الماء يكون تحت ضغط أعلى أسفل المرتفعات منه تحت المجرى المائي؛ ممَّا يدفعه للانسياب تجاه منطقة الضغط المنخفض. وقد تم وضع أسس مفهوم الحديث لحركة المياه الجوفية خلال منتصف لقرن التاسع عشر. فقد وضع هنري دارسي وهو مهندس فرنسي كان يدرس احتياجات مدينة ديجون الفرنسية من المياه، قانوناً لا يزال يحمل اسمه.
فقد وجد دارسي أنه إذا ما ثبت مقدار النفاذيه فإن سرعة الماء تزيد بزيادة انحدار المنسوب المائي. ويعرف انحدار المنسوب المائي بالممال المائي، هو يحسب بقسمة المسافة العمودية بين نقطة إعادة التشبع ونقطة التدفق (المسافة الرأسية) على مسافة انسياب الماء بين هاتين النقطتين. ونظراً لكمية الاحتكاك العالية فإن الماء يتحرك ببطء شديد. وهذا من حسن الحظ حيث أن حركة الماء البطيئة تمنع الخزانات المائية من النضوب السريع.
فإذا ما تحركت المياه الجوفية بنفس سرعة المجاري المائية السطحية، فإن الآبار تنضب بعد فترة قصيرة من توقف هطول المطر. وقد تم حساب معدل حركة الماء بطرق مباشرة عديدة. وأحد هذه الطرق وضع صبغة في أحد الآبار ثم يحسب الزمن اللازم لانتقالها إلى بئر آخر على بعد معلوم. وقد استعملت كذلك المواد المشعة، خاصة نظائر الكربون المشعة في ايجاد سرعة حركة المياه الجوفية.
فعند دخول الماء إلى باطن الأرض، فإن ثاني أكسيد الكربون الذائب به يحتوي على كمية من كربون 14. وبنفاذ الماء بالتدريج خارج الأرض يتحلل الكربون المشع. ويقاس معدل الحركة بحساب المسافة بين مكان تسرب الماء وكان سحبه وقسمة ذلك على العمر المقاس بواسطة العنصر المشع. وقد بيَّنت مثل هذه التجارب بأن سرعة الماء متباينة بشكل كبير.