توزيع درجة الحرارة على قارة افتراضية:
التوزيع الجغرافي للحرارة كما هو الحال لبقية العناصر، فإن التوزيع الجغرافي للحرارة يعكس تأثير العوامل المختلفة المؤثرة على ذلك العنصر، لذلك سنرى أيضاً أن أكبر تأثير على توزيع الحرارة سيكون للإشعاع الشمسي. وسيظهر أثر العوامل الأخرى مثل الجبال، الماء، التيارات البحرية أينما وجدت، كما سيكون تأثرها أقل شمولية من عنصر الإشعاع الشمسي.
كما أن زاوية سقوط الإشعاع الشمسي عامل مهم جداً لتحكمه بتوزيع درجة الحرارة على سطح الأرض، لذلك يكون توزيع الحرارة بشكله العام متناسق، حيث تنخفض الحرارة بالابتعاد عن خط الاستواء. وتأتي العوامل الأخرى لتضف تعديلاً على هذا الشكل المتناسق فتؤدي إلى انحراف موجب أو سالب في درجة الحرارة على نفس دائرة العرض.
فالتيارات البحرية والبعد عن المسطحات المائية هما عاملان يظهر تأثيرهما بشكل واضح، عند توزيع الحرارة على القارة الافتراضية، فقبل الخوض في التوزيع الفعلي للحرارة على سطح الأرض، من المفيد أن نعطي تصوّراً عاماً لكيفية توزيع الحرارة، كما تبيّن أن درجات الحرارة تنحرف إيجابياً تجاه القطب في شرق القارات إلى دائرة عرض 45 شمالاً. كما أن سواحل شرق القارات تكون فيها درجة الحرارة مرتفعة ذلك بالمقارنة بسواحل غرب القارات الموجودة على نفس دائرة العرض؛ ذلك بسبب وجود التيارات البحرية الدافئة في الشرق والتيارات البحرية الباردة في الغرب.
لذلك يكون التدرّج الحراري من خط الاستواء شمالاً وجنوباً بشكل بطيء في شرق القارات ويكون سريع في غربها. وعند تبادل التيارات البحرية لمواقعها شمال دائرة 45 شمالاً وجنوب دائرة 45 جنوباً، كما تتبدل الصورة فيظهر التدرج الحراري السريع في شرق القارات ويكون بطيئاً في غرب القارات؛ أي أن الانحراف الحراري يكون موجباً تجاه القطب في غرب القارات وسالباً تجاه خط الاستواء في شرق القارات.
أمّا بالنسبة لتأثير المسطحات المائية فيظهر تأثيرها على القارات الشمالية الواسعة مقارنة بالقارات الجنوبية الضيقة. حيث تسجل درجات الحرارة الواطئة جداً في دوائر العرض العليا شتاء، كما في شمال آسيا وأوروبا وأمريكيا الشمالية، بينما لا تُسجّل مثل هذه الدرجات الواطئة في نفس دوائر العرض في نصف الكرة الجنوبي الذي يتمتع بتأثير بحري واضح نظراً لضيق اليابسة فيه. وأينما تكون السلاسل الجبلية بالقرب من الساحل، فإنها تمنع التأثير البحري من التوغل إلى الداخل مثل الموجودة في أمريكا الشمالية والجنوبية.