الرياح العامة:
تُقسم الرياح إلى نوعين وهي رياح عامة ورياح محلية، فالرياح العامة تُسمَّى بهذا الاسم لأنها تُغطّي منطقة كبيرة من دوائر العرض، فإنها تهب بين أنطقة الضغط الرئيسية ويكون اتجاه هبوبها مستقر وتهب طول العام تقريباً. كما أن الدورة العامة للرياح تبدأ من خط الاستواء، حيث تلتقي الرياح التجارية الهابة من نصفي الكرة ونتيجة التسخين الشديد. ويتصاعد الهواء إلى الأعلى كما يظهر على جانب صورة الكرة الأرضية. وعندما يصطدم الهواء المتصاعد بحاجز التربوبوز فلعدم استطاعته اختراق هذا الحاجز، فإنه ينقسم إلى قسمين قسم يتجه شمالاً والآخر جنوباً.
وبعد أن يقطع مسافة كبيرة تصبح سرعة الرياح في الأعلى أسرع من سرعة الأرض تحتها، فيضطر الهواء إلى تخفيف سرعته عن طريق الهبوط فوق دائرة عرض 30 درجة شمالاً وجنوباً. وبذلك تتكوَّن خلية هادلي حيث تهب الرياح بعد أن تهبط على شكل رياح شمالية شرقية (تجارية) في نصف الكرة الشمالي وجنوبية شرقية (تجارية) في نصف الكرة الجنوبي، متجهة إلى خط الاستواء حيث تلتقي هناك مكونة منطقة اللقاء دون المدارية.
وإن الحركة الفصلية لأنطقة الضغط تؤثر على استقرارية هذه الرياح، فيكون اللقاء بين الرياح التجارية شمال خط الاستواء في فصل الصيف وجنوب خط الاستواء في فصل الشتاء الشمالي، باستثناء فوق المحيط الأطلسي والهادي حيث يبقى اللقاء بين الرياح التجارية طول العام شمال خط الاستواء. وأكبر منطقة تشذ عن هذه القاعدة هي منطقة المحيط الهندي التي تظهر فيها الرياح الموسمية، ففي فصل الصيف تصبح قارة أسيا مركزاً للضغط الواطئ بينما يصبح المحيط الهندي جنوب خط الاستواء مركزاً للضغط العالي.
وبذلك تتحرَّك الرياح من المحيط الهندي إلى أسيا وشرق أفريقيا، أمَّا في كانون الثاني فتكون أسيا (سيبريا) مركزاً للضغط العالي بينما المحيط الهندي واستراليا مركزاً للضغط الواطئ، فتهب الرياح من آسيا إلى المحيط الهندي وأستراليا. والتيارات الهوائية الهابطة فوق دائرتي عرض 30 درجة شمالاً وحنوباً تخرج منه الرياح التجارية باتجاه خط الاستواء كما أسلفنا، كما تخرج منها رياح جنوبية غربية في نصف الكرة الجنوبي باتجاه الدائرة القطبية، حيث تُسمَّى الغربيات أو الرياح العكسية.
كما تلتقي الرياح العكسية برياح قادمة من القطبين عند دائرتي عرض 60 درجة شمالاً وجنوباً، مكوّنة منطقة ضغط واطئ؛ ممَّا يؤدي إلى ارتفاع الهواء فوق هاتين الدائرتين إلى الأعلى مكوّناً تيارات هوائية جبهوية متصاعدة تفترق في الأعلى، فيتجه قسم منها إلى المدار ولقسم الآخر إلى القطب، حيث يهبطان فوقهما، يكون الأول الضغط العالي على المدار والآخر الضغط العالي على القطب.
ولذلك تتكوَّن الرياح السطحية من:
- الرياح التجارية: الهابة من دائرتي عرض 30 درجة كمعدل باتجاه خط الاستواء. وهي رياح شمالية شرقية في نصف الكرة الشمالي وجنوبية شرقية في نصف الكرة الجنوبي. وتعتبر من أكثر الرياح العامة استقراراً، حيث أن الضغط الخفيف الاستوائي دائم طول العام ولا يتحرَّك إلا قليلاً بين فصلي الصيف والشتاء، فلذلك يستقر هبوب هذه الرياح من الضغط العالي شبه المداري إلى الخفيف الاستوائي، أمَّا مصدر هبوبها في النصف الشمالي وهو الضغط العالي شبه المداري فيختلف بين الصيف، حيث يكون من دائرة عرض 40 درجة والشتاء عندما يكون من دائرة عرض 20 درجة.
ولا تختلف مناطق هبوبها في النصف الجنوبي بين فصلي الصيف والشتاء؛ لأن النصف الجنوبي أكثره ماء فلا يتحرَّك الضغط العالي شبه المداري كثيراً عن موقعه بين الصيف والشتاء. ومنطقة اللقاء بين الرياح التجارية الشمالية والجنوبية يكون جبهة اللقاء الاستوائي، وهي المنطقة الأكثر سقوط للأمطار على سطح الأرض. كما أنها منطقة هدوء الرياح، حيث تُسمَى أحياناً بمنطقة الركود. وكما سُمِّيَت هذه الرياح بهذا الاسم؛ لأن السفن التجارية الشراعية كانت تستفيد منها في حركتها بين القارات. - الرياح الغربية: التي تهب من دائرتي عرض 30 درجة كمعدل باتجاه الدائرتين القطبيتين. وهي رياح متغيرة غير مستقرة خاصة في النصف الشمالي؛ وذلك لأن موقع الضغط العالي شبه المداري الذي تهب منه يتغير موقعه بين الصيف والشتاء، كما أن الضغط الخفيف شبه القطبي الذي تهب إليه يتغير موقعه كثيراً بين الصيف، حيث يكون موقعه صيفاً دائرة عرض 70 درجة شمالاً، بينما يكون موقعه شتاءً دائرة عرض 40 درجة شمالاً.
- الرياح القطبية: التي تهب من القطبين باتجاه الدائرتين القطبيتين. وهي أكثر الرياح ضحالة، فلا يزيد سُمكها عن الكيلو متر واحد، فالضغط العالي القطبي الذي تهب منه يتوسع شتاءاً فتهب الرياح باتجاه الجنوب في نصف الكرة الشمالي لتصل إلى دائرة عرض 30 درجة شمالاً. أمَّا في الصيف فيتقلص الضغط العالي القطبي كثيراً فتلتقي بالرياح الغربية عند دائرة عرض 70 درجة شمالاً. ولذلك فإن نطاق سيطرتها يكون عكس نطاق سيطرة الرياح الغربية.