ما هي نماذج الدورة العليا في العروض الوسطى؟

اقرأ في هذا المقال


نماذج الدورة العليا في العروض الوسطى:

دورة الهواء في الأعالي هي امتداد عمودي لدورة الهواء على سطح الأرض، الفرق بين الدورتين هو أن القوى المؤثرة على الدورة العليا هي قوتان وليس ثلاث قوى، فالمعروف أن القوى المؤثرة على الهواء السطحي هي: منحدر الضغط، قوة الانحراف وقوة الاحتكاك، ولأن الهواء في الأعلى بعيد عن قوة الاحتكاك، فإن القوتين المتبقيتين للتأثير هما منحدر الضغط وقوة الانحراف، لذلك فإن الهواء في الأعلى يهب بشكل موازي لخطوط الضغط ولا يتقاطع معها، لأن اتجاه هبوب الهواء هو عبارة عن محصلة القوتين المؤثرتين فيه.
فإذا كانت قوة الانحراف تأخذ الهواء جنوباً، فإن اتجاه الهواء سيكون إلى الشرق، بينما قوة منحدر الضغط تأخذه شمالاً، لذلك فإن الرياح في الأعلى تهب دائماً من الغرب إلى الشرق وبموازاة خطوط الضغط المتساوي، وهبوب الهواء بموازاة خطوط الضغط يكون أكثر وضوحاً كلما ابتعدنا عن سطح الأرض؛ لأن تأثير الاحتكاك يصبح أقل، لذلك نرى اتجاه هبوب الهواء في المستوى الضغطي 700 مليبار أكثر وضوحاً في موازاته لخطوط الضغط من المستوى 850 مليبار، والهواء في الأعلى يسير بخطوط متعرجة وليس مستقيماً، حيث إن خطوط الضغط تتعرج.
وحجم هذا التعرج هو الذي يميز بين أنواع الدورات في الأعلى، فخطوط الضغط تتجه إلى القطب إذا كان هناك دفع أو تقدم للهواء الدافئ من الجنوب، فيظهر لدينا تحدب يُسمَّى انبعاج (Ridge)، أمَّا إذا تقدم الهواء البارد جنوباً فإن الموجة تتجه إلى خط الاستواء مكونة تقعر يُسمَّى أخدود (Trough)، لذلك تقسم دورة الهواء في الأعلى إلى قسمين حسب حجم التعرج في خطوط الضغط وهما:

  • دورة عرضية بسيطة (Zonal Index): وتعتبر دليل دورة عرضية مرتفعة، عندما يكون التباين الحراري بسيطاً بين القطب والمدار، فإن حركة الهواء التبادلية تكون ضعيفة، لذلك لا يستطيع الهواء الدافئ أن يتوغل بعيداً في العروض القطبية، كما أن الهواء البارد يبقى إلى الشمال، أي أن هناك تدرج حراري بسيط بين الشمال والجنوب.
    يكون حجم الموجة صغير أي أن الانبعاج والأخدود صغيران والرياح الغربية شديدة، وعلى السطح يكون الطقس غير مستقر وسريع التقلب حيث تظهر المنخفضات الجوية المتحركة تعقبها مرتفعات جوية، لذلك يكون التبادل الحراري على طول دوائر العرض، كما أن هذا النمط من الدورة يُوجد حالة جوية تتميز بالتوازن (Barotropic) حيث تتوازى خطوط الضغط على السطح مع خطوط الحرارة ولا يحدث تقاطع بينهما.
  • دورة طولية Meridional Index: وتعتبر دليل دورة عرضية منخفضة (Low Zonal Index)، كما يكون التباين الحراري كبير جداً بين كل من القطب والمدار، حيث يستطيع الهواء الجنوبي الدافئ الذهاب بعيداً إلى الشمال، كما يستطيع الهواء الشمالي البارد الذهاب بعيداً إلى الجنوب، يكبر حجم الموجة كثيراً فيظهر انبعاج وأخدود كبيران فيكون انسياب الهواء طولياً أي على طول خطوط الطول، حيث أن التباين الضغطي على طول دائرة العرض يكون ضعيفاً.
    لذلك توصف حالة الجو العليا بعدم التوازن (Baroclinic)، حيث تتقاطع خطوط الضغط المتساوي على السطح مع خطوط الحرارة المتساوية، بعد ذلك تتكسر الأمواج إلى خلايا، فتظهر خلية للضغط العالي الدافئ إلى الشمال مكونة حاجز (Blocking)، بينا تظهر خلايا الضغط الواطئ البارد إلى الجنوب، طقس أي منطقة في العالم سيعتمد على موقعة من هذه الأمواج.
    إن ما يحدث في طبقات الجو العليا يؤثر بشكل مباشر على الطقس السائد على السطح، كما أن شكل الدورة في الأعلى يؤثر على نوع الطقس على السطح، وهذه الأمواج نوعان حسب حجمها، فهناك القصيرة والطويلة. وفيما يأتي شرح لكل منهم:
    • الأمواج القصيرة: ذكرنا في المقطع السابق أن حركة الهواء في الأعلى تكون متموجة، ويعتمد حجم التموج على الحالة الجوية، كما أن حجم التموج يؤثر في الحالة الجوية، وهنا لابد من التمييز بين نوعيين من الأمواج، فالأمواج القصيرة هي الأمواج المركبة على الأمواج الطويلة والتي ترصد يومياً وتعتمد عليها عملية التنبؤ الجوي القصيرة الأمد، تؤثر على هذه الأمواج الحالة الجوية الآنية مثل اختلاف التسخين المحلي أو وجود ظواهر جوية كالمرتفعات والمنخفضات الجوية وشدة التغييم.
      هذه الأمواج سريعة الحركة ولها تأثير مباشر على الظواهر الجوية على السطح، يظهر من هذه الأمواج عدد كبير في اليوم الواحد على الخرائط الطقسية فقد يزيد عددها عن أل 10 أمواج تلف النصف الشمال من الكرة الأرضية، ويقال إن للانبعاج والأخدود مواقع مفضلة، لذلك سرعان ما تتحرك الأخاديد والانبعاجات للأمواج القصيرة إلى هذه المواقع المفضلة، لذلك عندما يأخذ معدل مواقعها تظهر لدينا مواقع الأمواج الطويلة، وإذا تلائم موقع الموجة الطويلة مع موقع الموجة القصيرة فإن الظواهر الطقسية السطحية تتعمق.
    • الأمواج الثابتة الطويلة: وتُسمى أمواج روزبي على اسم مكتشفها، وهي أمواج طويلة تتكون بسبب الحواجز التضاريسية الرئيسية مثل الانديز والروكي، أو الاختلاف الشديد في التسخين بين اليابس والماء، أو تغيير في مجرى التيارات البحرية، لذلك يلف الأرض ثلاثة أمواج في الشتاء وستة أمواج في الصيف.
      تأخذ مواقع هذه الأمواج من معدل حركة الأمواج القصيرة، حيث أن حركتها أبطئ بكثير من الأمواج القصيرة، والرياح التي تتحرك ضمن هذه الأمواج تُسمى الرياح الجيوستروفية (Geostrophic)، ومعناه أن الرياح وصلت إلى حالة التوازن بين قوة منحدر الضغط وقوة الانحراف اللتان تؤثران عليها.
      ولابد من الإشارة هنا إلى شدة حركة هذه الرياح، فالرياح التي تتحرك في الانبعاج تكون فيها قوة الطرد المركزي متلاءمة مع اتجاه منحدر الضغط لذلك تكون أسرع ممَّا هو متوقع، فتُسمى الرياح الجيوستروفية المضخمة Supergeostrophic أمَّا الرياح التي تتحرك في الأخدود، فإن قوة الطرد المركزي فيها تعمل ضد قوة منحدر الضغط فتكون حركة الرياح فيها أبطئ مما هو متوقع، فتُسمى الرياح شبه الجيوستروفية (Subgeostrophic).
      الناتج من كل هذا هو رياح سريعة في الانبعاج ورياح بطيئة في الأخدود، وينتج عن هذا ظواهر مهمة على السطح، ففي الأخدود تصل إليه الرياح أسرع مما تغادره، لذلك تحدث عملية التحام هوائي (Convergence) في الأعلى، مما يؤدي إلى هبوط الهواء باتجاه السطح وتفرق هوائي (Divergence) عند السطح.، لذلك يوجد هنا مرتفع جوي (Anticyclone)، أما عندما يغادر الهواء الانبعاج فإن الهواء سيغادره أبطئ، مما يصل إليه وبالتالي سيؤدي إلى وجود افتراق (Divergence) في الأعلى، مما يُنشط عملية صعود الهواء من السطح إلى الأعلى، فيؤدي إلى التحام هوائي (Convergence) على السطح.
      لذلك يوجد هنا منخفض جوي (Cyclone) على السطح، حيث أن العلاقة بين الانبعاج والأخدود والضغوط على السطح موثقة لذلك يعمل التنبؤ الجوي على الاستفادة منها من خلال المزج بين خرائط الطبقات العليا والخرائط السطحية، وكنتيجةً لهذه الحقيقة فإن المواقع الدائمة للانبعاج تؤدي إلى مناطق توليد المرتفعات الجوي (Anticyclogenic)، بينما المواقع الدائمة للأخدود تؤدي إلى مناطق توليد المنخفضات الجوية (Cycloge).

شارك المقالة: