ما هو نهر أومو؟
نهر أومو (المعروف أيضاً باسم أومو بوتيجو) والذي يوجد في جنوب إثيوبيا، حيث يعتبر أكبر نهر إثيوبي خارج حوض النيل، كما يتم احتواء مساره بشكل كامل داخل حدود إثيوبيا، ويقوم بصب مياهه في بحيرة توركانا على الحدود مع كينيا، والنهر هو التيار الرئيسي لحوض الصرف الداخلي وحوض توركانا.
جغرافية النهر:
يتشكل نهر أومو من خلال التقاء نهر جيبي وهو أكبر رافد إجمالي لنهر أومو ونهر واب أكبر رافد على الضفة اليسرى لنهر أومو عند (8 ° 19’N 37 ° 28′E)، فنظراً لأحجامها وأطوالها ودوراتها، يمكن للمرء أن يعتبر كل من نهري (Omo ،Gibe) نفس النهر ولكن بأسماء مختلفة، وبالتالي يُطلق على حوض النهر بأكمله أحياناً اسم حوض نهر أومو جيبي، حيث يشمل حوض النهر هذا جزءاً من منطقة أوروميا الغربية ووسط الأمم الجنوبية والجنسيات ومنطقة الشعب.
فقد يتجه مسارها بشكل عام إلى الجنوب ولكن مع منحنى كبير إلى الغرب عند حوالي 7 درجات شمالاً و 37 درجة 30 دقيقة شرقاً إلى حوالي 36 درجة شرقاً، حيث تنعطف جنوباً حتى 5 ° 30 ‘شمالاً حيث تصنع منحنى (S) كبير بعد ذلك يستأنف مساره الجنوبي إلى بحيرة توركانا، ووفقاً لمواد نشرتها وكالة الإحصاء المركزية الإثيوبية، يبلغ طول نهر أومو بوتيجو 760 كيلومتراً.
في مسارها يسقط (Omo-Bottego) إجمالي حوالي 700 متر من التقاء نهري (Gibe ،Wabe) على ارتفاع 1060 متراً إلى 360 متراً على مستوى البحيرة، وبالتالي يعد تياراً سريعاً في مجراه العلوي ويتم كسره بواسطة كوكوبي وشلالات أخرى، ولا تصلح للملاحة إلا لمسافة قصيرة فوقها، حيث تصب في بحيرة توركانا إحدى بحيرات غريغوري ريفت، ويصفها دليل الطيف الترددي لإثيوبيا بأنها موقع شهير لركوب الرمث في المياه البيضاء في سبتمبر وأكتوبر عندما لا يزال النهر مرتفعاً عن موسم الأمطار ومن أهم رافده هو نهر جيب، حيث تشمل الروافد الأصغر أنهار (Wabi ،Denchya ،Gojeb ،Mui ،Usno).
كما شكل نهر أومو بوتيجو الحدود الشرقية لمملكتي جانجيرو وغارو السابقتين، حيث يتدفق نهر أومو أيضاً عبر متنزهات ماجو وأومو الوطنية المشهورة بحياتها البرية، كما تعيش العديد من الحيوانات بالقرب من النهر وعلى ظهره بما في ذلك أفراس النهر والتماسيح ونبات الأفعى.
اكتشافات النهر:
لقد كانت أول الاكتشافات الأثرية في المنطقة في عام 1901 ميلادي من قبل بعثة فرنسية، حيث تم اكتشاف أهم الاكتشافات في وقت لاحق بين عامي 1967 و 1975 وذلك بواسطة فريق أثري دولي، فقد حدد هذا الفريق عدداً من العناصر المختلفة بما في ذلك عظم الفك لرجل أسترالوبيثكس يقدر عمره بنحو 2.5 مليون سنة، ووجد علماء الآثار أيضاً شظايا أحفورية لأشباه الإنسان القديم من عصر البليستوسين المبكر وحتى عصر البليوسين، كما تم العثور على أدوات الكوارتز مع بعض بقايا الإنسان العاقل المتأخرة التي تم العثور عليها على ضفاف النهر.
تأثير الإنسان على النهر:
يعتقد البعض أن الوادي السفلي من أومو كان مفترق طرق لآلاف السنين، حيث هاجرت مختلف الثقافات والمجموعات العرقية في جميع أنحاء المنطقة، كما تمت دراسة مرسي، سوري، نيانجاتوم، ديزي ومعين لتنوعها، فقد وصل المستكشف الإيطالي فيتوريو بوتيجو إلى نهر أومو لأول مرة في 29 يونيو 1896 أثناء بعثته الإفريقية الثانية (1895-1897)، وتوفي خلال هذه الرحلة الاستكشافية في 17 مارس 1897.
فقد تمت إعادة تسمية نهر أومو باسم أومو بوتيجو تكريماً له، ووصل هربرت هنري أوستن ورجاله إلى دلتا أومو في 12 سبتمبر عام 1898 ووجدوا أن رحلة استكشافية إثيوبية بقيادة رأس ولدا جيورجيس قد زرعت سابقاً الأعلام الإثيوبية على الشاطئ الشمالي لبحيرة توركانا في 7 أبريل بالإضافة إلى نهبها السكان المحليين وخفضهم إلى الفقر.
كما قاد الملازم ألكسندر بولاتوفيتش حملة إثيوبية ثانية وصلت إلى البحيرة في يوم 21 من شهر أغسطس عام 1899ميلادي وكانت مدمرة بنفس القدر، فعلى الرغم من ذلك قد رسم الفرنسيون في الحزب بدقة لأول مرة العديد من تعرجات دلتا نهر أومو، حيث ظل هذا التسليم لنهر أومو قيد الاستخدام حتى ثلاثينيات القرن الماضي عندما قام رسامو الخرائط الاستعماريون الإيطاليون بعمل ترجمة جديدة وأكثر دقة للنهر ودلتا.
كما أن حوض نهر أومو بأكمله مهم أيضاً جيولوجياً وأثرياً، حيث تم التنقيب عن العديد من الحفريات البشرية والمواقع الأثرية التي يرجع تاريخها إلى العصر الجليدي والبليستوسيني وذلك من قبل فرق فرنسية وأمريكية، وتم العثور على حفريات تنتمي إلى جنس أسترالوبيثكس وهومو في العديد من المواقع الأثرية بالإضافة إلى أدوات مصنوعة من الكوارتزيت، ويعود أقدمها إلى حوالي 2.4 مليون سنة، لهذا السبب تم تصنيف الموقع كموقع تراث عالمي لليونسكو في عام 1980.
عندما تم اكتشافها كان يُعتقد أن الأدوات ربما كانت جزءاً ممَّا يُسمَّى صناعة ما قبل (Oldowan) وحتى أكثر بدائية ممَّا تم العثور عليه في (Olduvai Gorge)، حيث أظهرت الأبحاث اللاحقة أن المظهر الخام للأدوات كان في الواقع ناتجاً عن مواد خام سيئة للغاية وأن التقنيات المستخدمة والأشكال تسمح بإدراجها في (Oldowan).
محطات الطاقة الموجودة في النهر:
ويوجد هناك أعداد كثيرة من محطات توليد الطاقة والسدود في حوض نهر أومو والتي سميت على اسم نهر جلجل جيب ونهر جيبي وهما روافد لنهر أومو، وعلى الرغم من التسمية المربكة إلى حد ما فهي محطات طاقة وسدود محلية تقع على نهر أومو، فإن محطة توليد جيلجل جيب الثانية هي محطة طاقة كهرومائية موجودة على نهر أومو بقدرة إنتاج تبلغ 420 ميغاواط، حيث تستقبل محطة الطاقة المياه من مدخل نفق (7 ° 55′27) شمالاً (37 ° 23′16) شرقًا على نهر جلجل جيبي في مخطط جريان النهر، حيث يقع مدخل النفق في اتجاه مجرى النهر من سد جيلجل جيبي الأول أيضاً على نهر جيلجل جيب الذي يشكل به شلالاً لتوليد الطاقة الكهرومائية.
كما أن سد (Gibe III) الكهرومائي هو عبارة عن سد خرساني مضغوط بارتفاع 243 متراً مع محطة للطاقة الكهرومائية مرتبطة به على نهر أومو في إثيوبيا، حيث أنها أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إثيوبيا بإنتاج طاقة يبلغ حوالي 1870 ميغاواط، وبالتالي تضاعف إجمالي السعة المركبة في إثيوبيا من مستوى 2007 البالغ 814 ميجاوات.
كما تلا ذلك جدل حول بنائه، حيث قامت العديد من المنظمات غير الحكومية بتشكيل حملة من أجل معارضته، ووفقاً لتيري هاثاواي مدير برنامج أفريقيا الدولية للأنهار، فإن جيب 3 هو أكثر السدود تدميراً قيد الإنشاء في أفريقيا، كما سيحكم المشروع على نصف مليون من أكثر سكان المنطقة عرضة للجوع والصراع، فأطلقت مجموعة من النشطاء الدوليين عريضة على الإنترنت ضد مشروع سد إثيوبيا؛ وذلك بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.
ومع ذلك قال عزب أسناك وهو مدير مشروع (Gibe III) لمزود الطاقة الحكومي إنه تم إعداد إجراء تخفيف في حالة حدوث شيء ما، وبصرف النظر عن هذا توقع (Asnake) عدم وجود عواقب سلبية من المشروع مضيفاً أن أكثر من نصف الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة يعتمدون على المساعدات الغذائية وأن المحطة الجديدة ضرورية؛ لأن الشركة في الوقت الحالي تزود الطاقة بنسبة 25 في المائة فقط من السكان.
فيضانات النهر:
كما تسببت الأمطار الغزيرة في عام 2006 ميلادي في إغراق نهر أومو في مساره السفلي، ممَّا أدى إلى غرق ما لا يقل عن 456 شخصاً وتقطعت السبل بأكثر من 20000 شخص على مدى خمسة أيام تنتهي في يوم 16 من شهر أغسطس، في حين أن الأمطار الموسمية الغزيرة أمر طبيعي في هذا الجزء من البلاد، فإن الرعي الجائر وإزالة الغابات مسؤولان عن هذه المأساة.
وقالت بوليت جونز المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي (الأنهار في إثيوبيا لديها قدرة أقل على الاحتفاظ بنفس القدر من المياه كما كانت تفعل قبل سنوات؛ وذلك لأنها تمتلئ بالطمي)، حيث يستغرق هطول الأمطار شدة أقل لجعل نهر في أي جزء معين من البلاد يفيض.
كما يجلب الفيضان الطمي الخصب ويغمر الضفاف بالمياه، ممَّا يجعل زراعة ضفاف النهر ممكنة، حيث تستمد الشعوب المتنوعة على طول نهر أومو السفلي والتي تشمل كل من توركانا وداسانش وهامر ونيانجاتوم وكارو وكويغو ومرسي وبودي ، ومعين جزءاً كبيراً من إمداداتهم الغذائية من زراعة تراجع الفيضانات.
الفيضان الكبير والمدمر لعام 2006 ميلادي هو الفيضان الوحيد الذي حدث خلال الخمسين سنة الماضية، حيث أدى الانخفاض الأخير في مستوى بحيرة توركانا التي تعرف بشكل عام أنها تتلقى حوالي تسعين في المائة من مياهها من تدفق نهر أومو إلى ارتفاع مستوى الملوحة، كما أدى الحجم المتزايد للدلتا الذي يبلغ الآن حوالي 1300 كيلومتر مربع أي (500 ميل مربع) إلى توفير الأراضي للزراعة المعاد تدويرها والمراعي للماشية وغيرها من الماشية المحلية للرعاة والرعاة الزراعيين الأصليين في حوض أومو السفلي.