أصدر عالم النفس الرياضي جاردنر كتابه والذي كان بعنوان (أُطر العقل) وذلك في عام 1987م، وقد أوضح فيه ستة أنواع من الذكاء الرياضي، وقام بتعريفه على أنه مجموعة من القدرات التي يَمتلكها الرياضي في مجالات مختلفة وتكون هذه القدرات عبارة عن قدرات مستقلة عن بعضها البعض، كما ترك جاردنر المجال مفتوحاً في حالة إضافة أنواع أخرى من الذكاء.
تقسيمات الذكاء في علم النفس الرياضي:
- الذكاء اللغوي:
الذكاء اللغوي هو عبارة عن قُدرة الرياضي على التّعبير اللغوي وقدرته على استعمال الكلمات، وهذه القدرة من الممكن أن يَمتلكها رياضيون اكثر من غيرهم، ويستغل بعض الرياضيين هذه المهارة للوصول إلى تفكير الآخرين. وقد تم في الفترة الأخيرة اكتشاف العلاقة القويّة ما بين العقل واللغة؛ حيث يوجد في الدماغ منطقة تسمى “بروكا”، فإذا أصابها أي ضرر فمن الممكن أن تتأثر قدرة الشخص الرياضي على الكلام، وبالرّغم من أن المُصاب يمكن أن يفهم الكلام إلا أنه يعجز عن إمكانية تركيب الجمل فالقدرة في فهم اللغة وبناء الجمل تختلف من رياضي إلى آخر، إلّا أنَّ هذا لا يُغيّر حقيقة أن اللغة في مجال علم النفس الرياضي سمة من السمات المعرفية وظاهرة من الظواهر العالمية.
ويعرف الذكاء اللغوي في مجال علم النفس الرياضي أيضاً على أنّه قدرة الرياضيين في استخدام الكلمات وإبداعهم في ذلك، وإيجادهم للمصطلحات الرياضية والتي تقوم على وصف أدق التفاصيل، بالإضافة إلى مقدرتهم على خلق لغة مؤثرة في المحيط الرياضي بشكل فعال، وهذا النوع من الذكاء هو الأكثر أهميّة في مجال علم النفس الرياضي؛ لأنه يَكون مرتبط بوسيلة من وسائل التواصل الأساسّية ما بين الرياضيين وهذه الوسيلة تكون الكلمات، فمن يُتقن الذكاء اللغوي أو اللفظي في الوسط الرياضي هو الأكثر إقناعاً لمن حوله، وهو الأكثر دقة في امكانية التعبير عمّا في داخله وعن مشاعره ممّا يجعله رياضي متميزاً بين أصدقائه.
- الذكاء المنطقي الرياضي:
إن الذكاء المنطقي الرياضي هو الذكاء الأب والنموذجي للذكاء، فمن خلال استعمال الرياضي أدوات التفكير بطريقة صحيحة مثل أدوات التعميم والاستنتاج وغيرها من العمليّات المَنطقية يَستطيع أن يتوصل إلى التفكير السليم، ويتميز هذا النوع من الذكاء الرياضي بأنّه لا يتطلب تعابير لفظية في العادة؛ حيث يستطيع الرياضي أن يقوم بعالجة مسألة رياضية بعقله دون أن يظهر ذلك لفظياً أو لغوياً، ويستطيع الرياضيون الذين يمتلكون قدرات حسابيةً عالية أن يقوموا بمعالجة المسائل التي تعتمد وترتكز على قوّة المنطق.
وإنّ الذكاء المنطقي الرياضي هو عبارة عن نمط للتعلم المنطقي، والذي يشير إلى قدرة الرياضي على التفكير والتعلم من خلال استخدام الأرقام، ومن خلال تَحليل العلاقات ما بين أسباب ونتائج، فيتميّز الرياضيين الذين يمتلكون هذا الذكاء بأنّهم أشخاص منهجيين ويُفكروا بطريقة منطقية، ويكونوا ماهرين في حل المشكلات الرياضية ولديهم القدرة على إيجاد حل للألغاز والألعاب الرياضية.
- الذكاء الاجتماعي:
إن الذكاء الاجتماعي هو قدرة الرياضيين في التواصل مع الآخرين، ويتميز الرياضييون الذين لديهم شعبية كبيرة وواسعة بهذا النوع من الذكاء، كما يتمتع بها الرياضيون الذين يتميّزون بجاذبيتهم. وعلى الرغم من إنّ الرياضي لديه القدرة على العيش بمفرده إلّا أنه يعتبر كائن اجتماعي بطبيعته، لا يمكنه العيش بعيداً عن الناس؛ حيث أنّ الحياة مع الناس لا يكون الهدف منها فقط هو الحاجات الاقتصادية فحسب بل هي حاجات نفسية وجسدية أيضاً.
ويقول العالم جاردنر إنّ الذكاء في مجال العلاقات المتبادلة ما بين الرياضيين هو القدرة في محاولة فهمهم لبعضهم البعض ومحاولة فهم ما الذي يُحرّكهم، وكيف يقومون بممارسة أعمالهم اليومية، وكيف يتم التعاون فيما بينهم، وقد حدّد جاردنر أربع صفات للشخصية الرياضية الاجتماعية وهي عبارة عن: القيادة، الإمكانية في تنمية العلاقات الاجتماعية وإمكانية المحافظة على الأصدقاء، مقدرة الرياضي على حلّ الصراعات، إضافةً إلى قدرته على التحليل الاجتماعي.
- الذكاء الجسدي:
إن الذكاء الجسدي هو الذكاء الذي يُسمّيه العالم جاردنر بالذكاء الجسدي والحركي، ويعتبر هذا النّوع من الذكاء من أكثر أنواع الذكاء الذي اختلف عليها العلماء، ويُعرف بأنه قدرة الرياضيين على التحكم بنشاط أجسامهم وحركاتهم بشكل جيد، ويعتبر هذا النوع من الذكاء مهارة يمتلكها معظم الرياضيون، عارضين الأزياء والأشخاص المتميزون بأجسادهم الرياضية، ويُمكن لأيّ شخص سليم أن يتحكّم بنوع جسمه وبتوازنه، ومع زيادة التمرين على هذا يستطيع الأشخاص أن يزيدو من قوة هذه المهارة، إلّا أن بعضهم يمتلكونها من دون أداء التمارين الرياضية، ومن الأمثلة على ذلك: (لاعبي كرة القدم المتفوقين)، ويعرف أنّ لهذه المهارة علاقة قوية بالدماغ؛ حيث إنّ كل جزء من المخ يتحكّم بالجزء الآخر المقابل له من الجسم.
- الذكاء الروحي:
إن الذكاء الروحي هو الذّكاء المُرتبط بوعي الرياضي لنفسه وللعالم الخارجي من حوله، وكذلك يَرتبط بإدراك الرياضي للعلاقات الرياضية التي تربط الأمور والظواهر المُحيطة به ببعضها البعض، بغض النظر إذا كانت هذه الأمور بعيدةً أو كانت منفصلة، أمّا بالنسبة لوعي الرياضي لنفسه فيعني له أن يتعمّق في نوع مشاعره وسبب وجوده في هذه الحياة، ويتسبب هذا الوعي إلى تقدير الرياضي لنفسه واعتزازه بها وبالتالي تؤدي إلى تقوية شخصيته. وإنّ ضَعف مستوى الذكاء الروحي من شأنه أن يؤدي إلى ضعف شخصيّة الرياضيين، والضعف في اعتزازهم بأنفسهم، وبالتالي يقود إلى انقطاعهم عن محيطهم الرياضي.
- الذكاء العاطفي:
إن الذكاء العاطفي حسب ما عرّفه جاردنر هو قدرة الرياضيين على حثّ أنفسهم بطريقة مستمرة لمواجهة أي إحباطات، إضافةً إلى قدرتهم على التحكّم في النزوات الرياضية، وقدرة الرياضي على تنظيم حالته النفسية، ومنع حدوث الألم والحزن؛ حيث يؤدّي ذلك إلى إيقاف قدرة الرياضيين على التفكير.
الفائدة من تنوع الذكاء الرياضي:
إنّ تنوّع الذكاء في علم النفس الرياضي له فوائد وأهميّة كبيرة؛ فهو يقوم على الزيادة من تقدير الرياضيين للقدرات والمواهب الرياضية المُختلفة التي لم تكون معروفةً على أنها نوع من أنواع الذكاء، وخاصّةً بين الفريق والمدربين؛ فمثلاً لاعب كرة القدم المُتفوّق هو عبارة عن شخص ذكي وحتى إن لم يكن متفوقاً في مجال الحسابات، أو إن لم تكن لديه القدرة على إلقاء كلمة أمام مجموعة من الناس، فهذه الأنواع من الذكاء يُقدرونها الأشخاص على أنها نوع من الشواذ أو الطفرات في المجتمع، وإن امتلاك رياضي لنوع من أنواع الذكاء يجعله شخص مُستقلاً عن امتلاكه لأنواع أخرى، فمثلاً يتفوّق رياضي في الحسابات بينما يتفوق رياضي آخر في اللغات.