البعد الاجتماعي للعب في علم الاجتماع الرياضي:
إن اللعب هو عبارة ظاهرة طبيعية فطرية لها أبعادها الاجتماعية والرياضية، حيث أنها وظيفة إعداد الأطفال لأدوار الكبار، كما أنها عبارة عن مجموعة من أهداف الاجتماعية الرياضية أكثر ما يقودها هو الحس، كما أن اللعب في علم الاجتماع الرياضي هو عبارة عن كل ألوان النشاط الرياضي الحر الذي يؤدي بوعي تام خارج الحياة العادية، باعتباره نشاطاً غير جاد، وغير مرتبط بالاهتمامات المادية، مقتصراً على حدود الملائمة، حيث يُنفّذ وفق قواعد مضبوطة.
فالمعروف عن اللعب هو عبارة عن نشاط عفوي لا تحكمه قواعد أو أسس محددة، فعلى سبيل المثال اللهو بالأقلام في حالة التزم بقواعد وأنظمة صار رسيماً، أو العبث بالألوان في حالة التزام بقواعد وأنظمة صار زخرفة، والطفل الذي لعب بقطعة من الطيب أو الصلصال في حالة التزام بقواعد وأنظمة صار نحتاً أو شكلاً مجسماً.
كما يعتبر اللعب الرياضي من المنظور الاجتماعي أحد أهم السبل التي يوفرها المجتمع للأفراد الرياضين، حتى يقوم باكتشاف الأفراد ما في أنفسهم من قدرات واستطاعات وميول، بحيث تتم رعايتها وتوجيهها بالشكل الاجتماعي والثقافي الصحيح، ومن خلال اللعب يكتسب الأفراد قدراً ملائما من المعارف والمعلومات، وخاصة تلك المتعلقة ببيئة اللعب وأدواته وظروفه، حيث بذلك يكون للعب دور في تشكيل وتطوير الجوانب المعرفية والجوانب الاجتماعية والجوانب المفاهيمية للفرد الرياضي.
كما يكسب اللعب ذو طابع الحركي الطفل الكثير من القدرات البدنية والمهارات الحركية، فتتسع دائرة ثرائه الحركي، حيث يكتسب الفرد أنماط رياضية حركية كثيرة التي من شأنها تعمل على إكساب الفرد الرياضي الطلاقة الحركية، كما تعمل على كفاية مدركاته الحركية بحيث يسهل عليه تعلم ممارسة تعلم المهارات الحركية، سواء كان في الرياضة أو التحصيل الأكاديمي مثل مهارة الكتابة أو الرسم، أو مهاراته الحياتية الاجتماعية مثل ارتداء الملابس أو غيرها، كما أن الأنشطة الرياضية الحركية تعمل على الارتقاء باللياقة البدنية والصحة العضوية للفرد الرياضي.
كما أن اللعب هو عبارة عن أسلوب اجتماعي اتصالي قديم، حيث أنه من خلال ألوان اللعب المختلفة وبشكل خاص التي تتم في الجماعات الصغيرة، تعمل على إكساب الفرد الرياضي مهارات التواصل الاجتماعي، كما أنه من خلال اللعب يتم تفهم مسألة لعب الأجوار وتمثيل الأدوار ومحاولة تقليدها، حيث أنه من خلال مشاركة الفرد الرياضي أقرانه من الأفراد الآخرين في ممارسة اللعب يتعلم القيم الاجتماعية المقبولة، فإنه يفهم معنى الأخذ والعطاء وكيفية احترام الملكية الخاصة، كما يقوم بالتخلي بشكل تدريجي عن أنانيته، ويتكيف مع البيئة الاجتماعية التي تحتويه، فيمتثل لمعاييرها الاخلاقية والاجتماعية.
كما أن اللعب هو شكل اجتماعي جيد ومقبول، كي يُعبّر الفرد الرياضي عن نفسه سواء من خلال اللفظ أو القيام ممارسة النشاط الحركي، حيث أن الكثير ما يشاهد الأفراد الرياضيين وهم يلعبون ويقومون بتقليد الأصوات، أو حركات بعض الحيوانات والطيور، كما أنه قد يكون اللعب في إطار إيقاعي أو موسيقي ساذج، ولكن له قيمته التعبيرية والاجتماعية المهمة في اتجاه التنفيس عن الرغبات المكبوتة أو في مجال التعويض ولو على المستوى الاجتماعي الرياضي الإيهامي والتخيلي.
كما يعد اللعب أحد أشكال الظاهرة الحركية أو النشاط البدني، حيث تحتل مكاناً متوسطاً بين أنشطة الرياضة؛ وذلك لأنها أكثر تنظيماً وترتيباً، حيث تتطلب قدراً من المهارة الحركية في المقابل أن أنشطة الرياضية الثانية تتطلب أعلى حد من المهارة الحركية، كما أن الألعاب هي عبارة عن شكل رياضي متطور؛ حيث أن ذلك لأنه عندما يتصف اللعب ببعض الخصائص والسمات يصبح ألعاباً رياضية حركية، والتي يمكن تحديد أهم خصائصها على النحو التالي (قابليتها للتكرار، أي بمعنى إعادة نفس النشاط الرياضي الحركي أكثر من مرة، تنتهي بنتيجة محددة سواء كانت تحقيق الخسارة أو تحقيق الفوز، تتسم ببعض التنظيم؛ أي بمعنى تقسيم اللاعبين لفريقين).
حيث أنه من خلال مناقشة شرط الحرية والاستقلال للفرد الرياضي الممارس للعب، تم الإشارة إلى أن الفرد الرياضي قد يبدأ اللعب مجبراً، كأن يأمره أحد والديه بأن يذهب ويلعب خارج المنزل، كما أن اللعب الرياضي الاجتماعي يتحدد بالجوانب والاعتبارات الاجتماعية التالية:
- قرار باطني للعب؛ أي بمعنى بمحض إرادته يلعب ويمارس مختلف ألعاب الرياضية.
- عالم من الخيالات الخاصة؛ أي بمعنى أن لكل فرد رياضي عالم خيالي خاص به للممارسة اللعب.
- اللعب عبارة عن دافعية حقيقة؛ أي بمعنى وجود دوافع اجتماعية تجعله يتحرك للممارسة اللعب.