تأثير الرياضة في التطبيع الترويحي في علم الاجتماع الرياضي:
إن للرياضة تأثيراً واضحاً لا يمكن تجاهله في تنشئة الأطفال والشباب تنشئة اجتماعية ترويحية، وتطبيعهم على تقدير الترويح وتشكيل وتطوير ميولهم واهتماماتهم الترويحية على المستوى الانفعالي، كما تساعد الرياضة والتربية البدنية كثيراً في اكتساب الأفراد والمعارف والمعلومات المتصلة بالأنشطة الترويحية، فضلاً عن المهارات الحركية التي تمكن الفرد الرياضي من ممارسة ألوان الترويح البدني، خاصةً التي يطلق عليها أنشطة الترويح لمدى الحياة.
كما كان موضوع تطبيع الأفراد الرياضيين على الأنشطة البدنية والترويحية محل اهتمام بعض الكثير من علماء علم اجتماع الرياضي، حيث كان التوجيه الأسري للأبناء الرياضيين من أهم العوامل المشجعة على بدء تعليم الرياضات المختلفة، حيث اتضح أنه كلما زادت الاتجاهات التي من قبل الأهل نحو الأنشطة البدنية إيجابية تشجع الأبناء على ممارسة هذه الأنشطة، كما اتضح أيضاً أن تصورات الفرد الرياضي عنه نفسه قد تدفعه أو تعيقه عن ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية.
كما أن الرياضة قد تكون بحثاً عن الإثارة في مجتمعات غير مثيرة طابعها التبلد وعلى عكس ما هو متوقع، حيث أنه في الغالب تتضاعف درجة الاستثارة والتوتر ومتضمنات الرياضة من واقعية الأداء المشاهد وقياس الأداء والمنافسة، حيث اختيرت الرياضة لاستثارة وتنفيذ ديناميكية القرار والفعل، غير أن هذا المعنى تجاهل الاسترخاء وإزالة التوتر الذي يعقب المباراة بعد أن تصل الاستثارة إلى قمتها، حيث يمكن تشبيه تأثيرها الترويحي بمشاهدة الفيلم الروائي حيث وجود الاستثارة المتضاعفة والتوتر للوصول إلى ما يطلق عليه (الذرورة الدرامية)، ثم حل العقدة الدرامية وما يعقب ذلك من استرخاء وإزالة التوتر للمشاهد الرياضي.
كما يتصل التطبيع الترويحي بالممارسة الرياضية، حيث يُعدّ اكتساب الممارس الرياضي بعض القيم والفوائد البدنية والصحية مثل اللياقة البدنية والمهارة الحركية تنفيساً عن الطاقات البدنية والنفسية، كما يتصل بحضور الرياضة ومشاهدة منافساتها كأن يصحب الفرد الرياضي بعضاً من أفراد أسرته وأصدقائه، حيث يشعر الأفراد المشاهدون بالحضور الاجتماعي وبمشاعر التضامن والتوحد من خلال المباراة الرياضية.
كما تتصل الرياضة اتصالاً وثيقاً بالتطبيع الترويحي، حيث ولدت الرياضة في كنف الترويح والرياضة مثلها مثل التطبيع الترويحي رفيقة وقت الفراغ، كما يُعدّ نظام التطبيع الترويحي من أقدم النظم الاجتماعية ارتباطاً بالرياضة، حيث استخدم الإنسان الرياضة مثل متعة وتسلية ونشاط ترويحي في وقت فراغه، حيث يُعدّ التطبيع الترويحي نظام اجتماعي له أهدافه المعروفة ووظائفه وإسهاماته الاجتماعية، كما يتفاوت تقدير التطبيع الترويحي من مجتمع رياضي إلى مجتمع رياضي آخر.
كما أن التطبيع الترويحي هو عبارة عن حالة انفعالية تنتج من شعور الفرد الرياضي بالوجود الطيب في الحياة والرضا ويتصف بمشاعر إيجابية، مثل الإنجاز والإجادة والانتعاش والقبول والنجاح والبهجة، وهو بذلك يدعم الصورة الإيجابية لذات الفرد الرياضي، كما أن يستجيب للخبرة الجمالية ويحقق الأغراض الشخصية والتغذية الراجعة من الأفراد الآخرين، كما يتخذ التطبيع الترويحي أنشطة مستقلة لوقت الفراغ بحيث تكون مقبولة اجتماعياً.
كما يُعبّر مفهوم التطبيع الترويحي في علم الاجتماع الرياضي عن مختلف الأنشطة الرياضية منتظمة الشكل التي تتضمن الجهد البدني مع بعض أساليب قياس الأداء في المسابقات التي يشتمل عليها، كما أن أنشطة التطبيع الترويحي قد تشتمل على أنشطة لكرة القدم مثلما تشتمل هلى أنشطة في صيد السمك، حيث يمكن اعتبار أي نوع من أنواع الرياضة على أنه نشاط تطبيعي ترويحي، وأيضاً يمكن عدم اعتباره ترويحياً؛ وذلك لأن الأمر متوقف على وجهة نظر الممارس أو المشاهد.
كما أن المشاهد لأنشطة التطبيع الترويحي الرياضي قد يعتبرها ترويحياً في حالة كان مستمتع بها وحققت له الرضا الكافي، كما أنه قد لا يعتبرها نشاطاً ترويحياً في حالة كان يراها واجباً ثقيلاً إذا كان المشاهد رجل أمن، أو أحد الحكام أو الأفراد الرسميين، كما يعتبر نمط رياضة المشاهدة هو أكثر أنماط الرياضة وضوحاً كأنظمة التطبيع الترويحي، حيث أنّ الااندماج بدنياً أو قياس قدرات بالنسبة للمشاهد الرياضي الذي يجلس ليستمتع بوقائع المباراة وأحداثها المثيرة.
حيث أنّ المشاهد الرياضي يذهب للمسابقات التي سبق له أن شاهد مباريات مماثلة لها كانت جذابة بالنسبة له وأعطته إشباعاً مباشرة حتى لو كانت المشاهدة تتم عبر شاشة جهاز التليفزيون، حيث تُعدّ المشاهدة في هذه الحالة نظاماً ترويحياً، كما يُعدّ مفهوم المنافسة في أنشطة التطبيع الترويحي المفهوم الأكثر بروزاً والتصاقاً بالرياضة من غيرها من سائر وأشكال النشاط البدني، مثل الرقص والترويح والتربية البدنية.
