آلية الجمع بين التدخلات التربوية والعلاجية لعلاج عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


عادة ما تكون التدخلات التربوية والسلوكية مفيدة عند العمل مع الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، غير أنه تتعذر إمكانية تطبيع سلوك هؤلاء الأطفال وأدائهم عموماً عندما تكون التدخلات السلوكية منفردة، بالتالي غالباً ما تقتضي الحاجة استعمال عقار دوائي منبه؛ لتمكين الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من تحقيق الأداء الوظيفي التكيفي في البيئات التربوية.

آلية الجمع بين التدخلات التربوية والعلاجية لعلاج عجز الانتباه وفرط الحركة

لا يعتبر العقار المنبه بمفرده كافياً في أغلب الأحيان لتطبيع الأداء الوظيفي الأكاديمي والسلوكي للأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، فقد درس العديد من العلماء تأثيرات أربع جرعات من دواء، فوجدوا أن الجرعة المثلى من الدواء طبعت سلوك حوالي (75%) من الطلبة فيما يتصل بتقديرات المدرس للسلوك والملاحظات المباشرة للانتباه، ومن جانب آخر طبعت الجرعة المثلى من الدواء الإنتاجية في المقررات الدراسية لحوالي (50%) فقط من الحالات.

وتبرز هذه النتائج قيود العلاج الدوائي فيما يتعلق بتحسين الأداء الأكاديمي للأطفال ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، إذ أن تلبية احتياجات الطلبة الأكاديمية يعتبر عملية معقدة تتطلب في أغلب الأحيان تدخلات تعليمية وسلوكية.

تنفيذ التدخلات التربوية في علاج اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

إذ يتمثل أحد الأدوار المهمة للاختصاصي في التعاون مع الإداريين والمرشدين في المدرسة لدعم احتياجات هؤلاء الطلبة، فعلى سبيل المثال يستطيع الاختصاصي التحدث مع المدير هاتفياً لدعم اختيار مدرس ملائم، صحيح أنه يرجح عدم معرفة الاختصاصي بماهية المدرس الأنسب، وكذلك لا يفضل معظم المديرين بالفعل التوصية بمدرس معين من قبل الاختصاصي، غير أن الاختصاصي يستطيع عوضاً ذلك عن التوصية بوضع مدرس يتحلى بمجموعة من الصفات التي يغلب أن تؤدي إلى النجاح.

ومن الصفات التي يتحلى بها المدرس أن يكون ودوداً ومهتماً وقادراً على وضع قوانين وسريعاً في تقديم الثناء اللفظي لقاء اتباع القوانين، وراغباً في توظيف طرق تعزيز محسوسة، ومنفتحاً على التعاون مع اختصاصي الصحة والصحة العقلية ضمن نطاق المدرسة أو خارجها، وذا خبرة في التعاون مع الوالدين بفعالية، وعلى نحو مماثل، فيما يتعلق بالطلبة في المراحل المدرسية المتوسطة أو الثانوية أو في الكليات، ويستطيع الاختصاصي السعي لتعيين زميل قادر على التواصل بفعالية مع الطالب والتعاون معه لوضع اتفاقيات سلوكية محددة وإلزامه بالتقيد ببنود الاتفاق.

وإضافة إلى ذلك بمقدور الاختصاصي التوصية بضرورة التعاون بين المدرس أو الزميل المختار، والمدرس الذي حقق نجاحاً في السابق لدى تعامله مع الطالب في صفوف سابقة، وذلك للتعرف على الوسائل الناجعة للتدخل العلاجي، وأما الدور الآخر بالنسبة للاختصاصي فيتمثل في التشاور مع المدرسين لتصميم استراتيجيات تربوية معينة، وحيث إن المدرسين يختلفون في توجهاتهم المتصلة بفائدة التدخلات التربوية المتنوعة.

فيجدر أن يقوم الاختصاصي بتقييم سريع لمواقف المدرسين قبيل وضع توصيات معينة، ويمكن القول عموماً أن المدرسين أكثر قبولاً للتدخلات التي توظف النتائج الإيجابية في الأساس، بحيث لا يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، ونضرب على ذلك مثالاً قد يكون المدرسون أكثر رغبة في توظيف طريقة أساسها المدرسة والمنزل، بحيث يتوجب عليهم تطبيقها في الحجرة الصفية باستقلالية، ويتعذر عموماً على الاختصاصيين التشاور مع اختصاصيين تربويين وجها لوجه.

ومن هنا فمن الضروري أن يجد الاختصاصيين  والاختصاصيين التربويين وسيلة للتعاون عن طريق الهاتف، وحيث إن تحديد وقت مناسب للطرفين للتعاون قد يكون عقبة رئيسة أمام عملية التشاور المدرسية، فينبغي على الاختصاصيين تحديد أفضل الأوقات المناسبة للتواصل مع المدرس، ويمكن القول على وجه العموم بأنه يغلب كثيراً أن تكون الفرصة متاحة لذلك قبل المدرسة أو بعدها، وهناك بعض المدرسين يرغبون في التعاون عبر الهاتف مساء.

وغالباً ما يكون الوالدان ذوي فائدة للاختصاصيين في تحديد الأوقات الفضلى للتشاور الهاتفي مع المدرس من خلال توليهم دور عنصر الربط بين الطرفين، ويستطيع الاختصاصي أداء دور مهم في تربية الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة عن طريق تقديم المشورة للوالدين، إذ يحتاج الوالدان في اغلب الأحيان إلى تلقي النصيحة ذات الصلة بالاستراتيجيات والطرق الناجحة في ميدان الواجبات المنزلية، وذلك من أجل تعليمها لطفلهم، ولدى استخدام سجل الملحوظات المدرسي والمنزلي.

ويحتاج الوالدان في العادة المشورة فيما يتعلق بوضع أهداف ملائمة لمستوى الأداء وبتقديم معززات يومية وأسبوعية بارزة، فضلاً عن ذلك بمقدور الوالدين الاستفادة من المشورة المتعلقة بكيفية التواصل مع اختصاصي المدرسة من أجل تقديم الدعم الفعال لطفلهم، فمن الأمور التي قد تكون مفيدة جداً للوالدين في هذا المجال ما يلي تزويد الوالدين بنصائح محددة عمن يمكن الاتصال به في المدرسة، وكيفية مكاشفة المدرس بالموضوع لاستدرار استجابة مفيدة منه وكيفية التعامل مع المدرسين الذين يوظفون التدخلات المعتمدة على النتائج السلبية على نحو كثير جداً.

وكيفية إظهار التقدير للمدرسين لدى توظيفهم لاستراتيجيات ناجحة، وكيفية التعامل مع المدير في حالة كون أداء طفلهم في المدرسة ضعيفاً، وفي بعض الحالات قد تدعو الحاجة لإعلام الوالدين بمقتضيات القانون التربوي فيما يتصل بطفلهم  ولإحالتهم إلى منظمات دعم تربوي خيرية، وقد تكون الصعوبات التربوية أمام الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة معقدة جداً، مما لا يمكن من معالجتها في أغلب الأحيان على نحو كاف من قبل الاختصاصي تقتصر قدرته على التشاور مع الوالدين والاختصاصيين التربويين لفترة قصيرة فحسب.

ومن هنا قد تقتضي الضرورة أن يقدم الاختصاصي توصية للاختصاصي التربوي أو الاختصاصي النفسي المدرسي، أو للاختصاصي النفسي العيادي للطفل بشأن العمل على نحو مكثف أكثر مع الأسرة والمدرسة، ويذكر أن الاختصاصيين التربويين أو النفسيين يكون لديهم  معرفة متقدمة في ميدان اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة والمشكلات المصاحبة له، وخبرة في المعالجة السلوكية وفهم للجانب البيئي الحيوي للمدرسة، ومهارات متطورة جداً للتشاور مع المدرسين.

ومعرفة بالقوانين التربوية، وفي العديد من الحالات يكون توجيه التوصية للاختصاصي النفسي المدرسي فكرة ممتازة، وذلك بسبب سهولة وصوله للمدرسين وإداريي المدرسة، وغير أنه في بعض المناطق التعليمية يقتصر دور الاختصاصي النفسي المدرسي في الأساس على تطبيق الاختبارات واتخاذ قرارات تتعلق بالأهلية للتربية الخاصة، ومن هنا قد يكون من الأفضل في مثل هذه الحالات الإحالة إلى اختصاصي نفسي مدرسي آخر أو إلى مستشار خارجي.

وفي الختام قد يكون العديد من أخصائيّ الأطفال النفسيين العياديين على دراية باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة والمعالجة السلوكية، غير أن خبرتهم المتعلقة بالأمور التربوية تتفاوت على نحو واضح، وسوف يكتشف العياديون أن الاختصاصيين المرتبطين مع جماعات دعم محلية لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، بمقدورهم تقديم ثروة من المعلومات القيمة عن الاختصاصيين المدرسيين والعياديين، ممن بوسعهم تقديم الفائدة للطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

المصدر: 1- سليمان ابراهيم. صعوبات الفهم القرائي لذوي المشكلات التعليمية. طبعة الأولى.2013. 2- خولا يحيى وماجدة عبيد. أنشطة للأطفال العاديين لذوي الاحتياجات الخاصة. دار المسيرة: عمان. الطبعة الأولى 2007. 3- فاروق الروسان. مقدمة الاضطرابات اللغوية.دار الزهراء. الرياض. الطبعة الأولى. 4- مراد عيسى ووليد خليفة وأحمد أحمد وطارق عبد النبي.الكمبيوتر وصعوبات التعلم. دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر. الإسكندرية. الطبعة الأولى 2006.


شارك المقالة: