اقرأ في هذا المقال
يسمح الإسلام بالطلاق والانفصال بين الزوج والزوجة في ظل ظروف محددة؛ ومع ذلك يعتبر الإسلام الطلاق أمرًا مقيتًا ومكروهاً، قال صلى الله عليه وسلم: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق”، رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه الحاكم.
أهمية معرفة أحكام الطلاق للزوجة المسلمة
يَعتبر الإسلام الطلاق عملاً بغيضاً للغاية ويجب تجنبه؛ لأنه يهز عرش الله تعالى، وعلى الرغم من أنه لم يتم حظره لأسباب مختلفة إلا أنه تمت إدانته بشِدّة منعًا لانتشار الطلاق، وللمرأة المسلمة أحكام عديدة وقت الطلاق وبعده منها: العِدّة ومنع الزواج للمرأة في فترة العِدَّة وأحكام الميراث وتقسيم التركة والمهر وغيرها من الأمور.
أسباب الطلاق في الإسلام
يناضل الإسلام ضد أسباب الطلاق، ومنها ما يلي:
1- الإحباط الذي يصيب الزوج
أحد العوامل المؤثرة بالطلاق هو إحباط الزوج من زوجته الشرعية، والأداة الرئيسية لذلك هو نظر الرجل إلى النساء الأجنبيات؛ لأنه قد يفتن بهن ويصاب بخيبة أمل مع زوجته. وشيئًا فشيئًا يجعل الحياة الأسرية مريرة من خلال اكتشاف الأخطاء والبحث عن الأعذار واختيار المشاجرات التي قد تؤدي في النهاية إلى الطلاق.
ومن أجل منع حدوث ذلك يأمر الإسلام النساء بالحجاب، والامتناع عن النظر أي شخص سوى الأزواج لزوجاتهم، ومن ناحية أخرى يوجه الإسلام الرجال إلى الامتناع عن النظر إلى النساء الأجنبيات والمزاح والمداعبة معهن؛ لأن ذلك يسبب الطلاق.
2- عدم مبالاة الزوجين
هناك عامل آخر للطلاق هو عدم مبالاة الزوجين تجاه بعضهما البعض، ومنها اللامبالاة وقلة العاطفة في تلبية الاحتياجات الجنسية لبعضهما البعض، وتحدث العديد من حالات الطلاق والانحرافات عندما لا يتم إشباع الزوج أو الزوجة بشكل كافٍ من ناحية العلاقة الزوجية.
ولمنع ذلك يأمر الإسلام النساء بالتزين لأزواجهن عندما يكونن في المنزل، وذلك وفقًا لرغبات أزواجهن، وإظهار أنفسهن بحماس شديد، ويفرض الإسلام على الرجال مراعاة النظافة الشخصية، وتزيين أنفسهم، وإظهار أنفسهم بمظهر وسيم وودود تجاه زوجاتهم.
3- سوء المعاملة بين الزوجين
الحافز الآخر على الطلاق هو سوء السلوك والفظاظة وإهانة الكرامة وفتن الشجار، والعناد في الزوج أو الزوجة أو كليهما، وتشير الإحصاءات إلى أن السبب الرئيسي لمعظم حالات الطلاق هو عدم توافق سلوك الزوجين.
يسعى الإسلام إلى استباق هذه العوامل وتقوية دعائم المؤسسة الأسرية المقدسة من خلال تحديد مختلف الحقوق والمسؤوليات للرجل والمرأة، بالإضافة إلى ذلك ينصح بعدم الأنانية والتمركز حول الذات والاستبداد والتمرد وينادي بالتسامح وحل الخلافات بالعقل والإنصاف والمودة.
5- عدم تحكيم أشخاص لحل النزاع بين الزوجين عند الضرورة
تم الالتزام بالالتزامات الأخلاقية لكل من النساء والرجال، كما توقع الإسلام الحاجة إلى فريق من المحكمين لحل نزاعات الزوجين ومنع الطلاق، يتكون هذا الفريق من وسيطين، واحد يختاره أهل الزوجة والآخر يختاره الزوج، قد يكونون من عائلة الزوجين أو من غير صلة القرابة.
من أجل تحقيق الصلح، يرتب فريق المحكمين لقاء مع الزوجة والزوج، يكتشفون المشكلة، ويستمعون كلا الجانبين بدقّة وإنصاف، وينصحون، في صداقة وحب، كل شخص فيما يتعلق بأخطائهم وعيوبهم، يذكرون كل من الزوجين بمسئولياتهم.
يحث المحكمين الزوجين المغفرة والتسامح ومراعاة الواجبات الزوجية والتصميم على تقوية المؤسسة المقدسة للزواج والعائلة، كما يحذرون من الآثار الضارة للخلاف والانفصال، وبهذه الطريقة يعيدون الانسجام بين الزوجين.
ومع ذلك، لا بد من التأكيد على أن المصالحة التي حققها المحكمون الإسلاميون تختلف عن التسوية الناتجة عن قوة القانون، تشبه التسوية القضائية استرضاء شريكين أو جيران أو شخصين معادين لبعضهما البعض من خلال إعاقة تعديهما على حقوق بعضهما البعض.
في حين أن المصالحة التي يحققها فريق المحكمين لا علاقة لها بالقيود القضائية؛ بل هو ناتج عن تصحيح الحقد واجتثاث جذور الخلاف والسعي لخلق التفاهم المتبادل وترسيخ الحب الأسري وإسعاد الزوجين بحياتهما معًا وتطبيع العلاقات بينهما.
من الواضح أن مزايا هذه الطريقة على الطريقة القضائية الحديثة أعلى بكثير، ومع ذلك، إذا أدرك المحكمون، بعد تدقيق دقيق واتخاذ إجراءات ضرورية، أن الخلافات عميقة الجذور بشكل مفرط وأن نيران الحب والعاطفة الزوجية قد أطفأت تمامًا ولا يوجد أمل في الوفاق بعد التشجيع على التسامح وعدم الطلاق، فيمكنهم ترك الزوجين على رأيهم الخاص أو ينصحونهم بطلب الطلاق.
وسائل تمنع الطلاق في الإسلام
1- المهر
هناك وسيلة تمنع الطلاق أو على الأقل تعيقه وهي دفع المهر، فالرجل الذي دفع المهر لزوجته لا يحق له استرداده، وإن لم يدفعها فعليه سداده بالكامل قبل الطلاق، أو بعده.
والمهر هو حق قانوني وشرعي للمرأة ويمكنها تحصيله بأي طريقة ممكنة، وإذا لم يعطها الزوج فعليه أن يدفعها قبل الطلاق، وإذا كان المبلغ كبيرًا بما يكفي فيمكنه إلى حد ما إعاقة الطلاق، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا يتمتعون بظروف مالية جيدة.
2- مسؤولية رعاية الأبناء ونفقتهم
هناك عامل آخر هو الحفاظ على الأطفال ورعايتهم وتوفير نفقاتهم، وكلاهما واجب على الرجل، وفي حال كانت العلاقة الزوجية بين الزوجين طبيعية وكان الزوج والزوجة يعيشان معًا، تتولى النساء في الغالب مسؤولية رعاية الأطفال، وهذا يعطي الرجال فرصة أفضل للعمل وتوفير نفقات الأسرة.
ومع ذلك إذا انفصلا بالطلاق، يجب على الزوج أن يتولى رعاية أطفالهما بالإضافة إلى توفير نفقاتهم، ويكون تحقيق هذين الهدفين معًا أمرًا صعبًا للغاية، بالإضافة إلى ذلك يحتاج الأطفال إلى المودة الأمومية وهذه حاجة لا يستطيع الرجل أن يسلمها بنفسه، ولهذا السبب إذا فكر الأب في الأمر جيدًا وفحص عواقب وصعوبات مثل هذا الإجراء، فعادةً ما يتم تثبيطه عن الحصول على الطلاق.
وبالتالي يمكن اعتبار وجود الأطفال ومسؤولية رعايتهم دعماً لاستمرار مؤسسة الأسرة وترسيخها وعرقلة للطلاق.
3- وجود شاهدين وقت الطلاق
عامل آخر هو ضرورة وجود شاهدين صالحين، يشترط الإسلام حضور شاهدين صالحين عند النطق بصيغة الطلاق لوجوب النطق بها بشكل صحيح، وهو أمر لا يمكن لأحد أن يتحقق فيه. كما يجب أن يكون الشاهدان الصالحان حاضرين عند تلاوة الصيغة حتى يشهدوا التلاوة إذا لزم الأمر في المستقبل.
نظرًا لأن شاهدا صيغة الطلاق يجب أن يكونا شاهدين صالحين فذلك غير متاح بسهولة ويتطلب وقتًا للعثور عليهما، يُمنع ذلك الرجال من الطلاق المتسارع.
أخيرًا بعد استيفاء جميع شروط الطلاق وإتمام العملية، لا يعتبر الإسلام الزواج منتهياً، وقد حُددت مدة تسمى العدة والتي يجوز فيها للرجل بعد الطلاق الرجعي العودة إلى زواجه السابق بالتراضي دون الحاجة إلى تلاوة صيغة الزواج وتحديد مهر من جديد.
ويؤيد الإسلام استمرار الزواج لدرجة أنه حتى بعد الطلاق يعطي الزوجين فرصة طوال فترة العدة؛ للتفكير الجيد والعودة إلى الزواج إذا رضيا.