أسباب انتقاد الإرشاد السلوكي

اقرأ في هذا المقال


نظريات التعلم من أكثر الاتجاهات النظرية التي أظهرت نجاح كبير في معالجتها للمخاوف المرضية، أيضاً دلّت على ذلك الدراسات التجريبية، خاصَّةً أساليب تقليل الحساسية التدريجي أو ما يسمَّى بالتحصين التدريجي والإشراط المضاد والإشراط الإجرائي، بواسطة تشكيل السلوك تدريجياً وقد شهدت السنوات الماضية اهتمام متزايد للإجراء المعروف باسم تقليل الحساسية التدريجي، الذي كان جوزيف ويلبِّي قد طوَّره عام 1958، وصف ولبي أُسس النظرية التي استمدَّ منها هذا الإجراء في كتابه العلاج النفسي بالكفِّ المتبادل، فقد اقترح أنّ تقليل الحساسية التدريجي هو أحد أشكال الإشراط المضاد.

انتقادات الإرشاد السلوكي

لقد تركَّز الاهتمام في معظم البُحوث والدِّراسات حول العلاج السلوكي أكثر من الإرشاد السلوكي، لكنَّ العملية واحدة. ينسحب ما وُجه من نقد إلى العلاج السلوكي على الإرشاد السلوكي كما في باقي الطرق، لا يُمكن أن يدّعي أحد أنّ الإرشاد السلوكي يصلح لكل أنواع الاضطرابات السلوكية. لقي الإِرشاد والعلاج السُّلوكي تأييداً مُتحمساً مبنياً على مزاياه، في نفس الوقت لقي مُعارضة شديدة مبنيّة على عيوبه. دارت بُحوث كثيرة حول محور رئيسي وهو مقارنة نتائج العلاج السلوكي التجريبي بنتائج طرق أُخرى للعلاج التقليدي الكلامي. تدلُّ مُعظم هذه البُحوث على أنَّ مُستقبل الإرشاد السلوكي أكثر أمناً من الكثير من الطرق الأُخرى، إلَّا أنّ طريقة الإرشاد السلوكي ما زالت تحتاج إلى المزيد من العناية والتطوير عن طريق الإرشاد والعلاج السلوكي، سوف تؤدِّي إلى جعله أقرب إلى كارل روجرز منه إلى إيفان بافلوف.

أسباب انتقاد الإرشاد السلوكي

الإرشاد السلوكي هو نوع من أنواع العلاج النفسي يركز على تعديل السلوكيات غير المرغوب فيها وتعزيز السلوكيات المرغوبة من خلال استخدام تقنيات سلوكية مثل التعزيز والعقاب. رغم فعاليته في معالجة العديد من المشكلات السلوكية، فقد تعرض لانتقادات عديدة. فيما يلي سنستعرض أبرز الأسباب التي قد تدفع البعض لانتقاد الإرشاد السلوكي.

1. تجاهل العوامل النفسية والعاطفية

الإرشاد السلوكي يركز بشكل رئيسي على تعديل السلوكيات بدلاً من استكشاف الأسباب العميقة وراءها. قد ينتقد البعض هذه الطريقة لكونها تتجاهل العوامل النفسية والعاطفية التي قد تكون مؤثرة على السلوكيات، مثل الصدمات النفسية أو المشكلات العائلية.

2. التركيز على السلوك فقط

يعتقد بعض النقاد أن الإرشاد السلوكي يركز بشكل مفرط على السلوك الخارجي ويهمل الأبعاد الداخلية للشخصية مثل التفكير والمشاعر. في حين أن تعديل السلوك يمكن أن يكون مفيدًا، يرى بعض الخبراء أن معالجة العوامل النفسية الأساسية قد تكون ضرورية لتحقيق تغييرات مستدامة.

3. قصر المدى في التغيير

بعض الأبحاث تشير إلى أن التغييرات التي يحققها الإرشاد السلوكي قد تكون مؤقتة إذا لم يتم تناول الأسباب الجذرية للسلوكيات. قد يعود الأفراد إلى سلوكياتهم القديمة بعد انتهاء فترة العلاج إذا لم يتم التعامل مع العوامل النفسية الأساسية.

4. الاعتماد على التعزيز والعقاب

انتقد البعض استخدام التعزيز والعقاب كوسائل رئيسية في الإرشاد السلوكي، حيث يرى بعضهم أن هذا الأسلوب يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها مثل الاعتماد على المكافآت أو الخوف من العقوبات بدلاً من فهم القيمة الحقيقية للسلوكيات.

5. قلة الاهتمام بالعلاقة العلاجية

الإرشاد السلوكي قد يركز بشكل أقل على بناء علاقة علاجية قوية بين المعالج والعميل مقارنة بأساليب العلاج الأخرى مثل العلاج النفسي الديناميكي. تعتبر العلاقة العلاجية مهمة في دعم عملية التغيير وتعزيز الثقة بين الطرفين.

6. تجاهل الفروقات الثقافية والفردية

قد تكون تقنيات الإرشاد السلوكي غير ملائمة لبعض الأفراد أو الثقافات، حيث أن هذه الأساليب قد لا تأخذ بعين الاعتبار الفروقات الثقافية أو الفردية في معالجة السلوكيات. ما يعتبر سلوكًا غير مقبول في ثقافة معينة قد يكون مقبولًا في ثقافات أخرى.

7. الاعتماد على أساليب تجريبية

الإرشاد السلوكي يعتمد بشكل كبير على الأساليب التجريبية والتقنيات العملية. قد يعتبر بعض النقاد أن هذا النهج يفتقر إلى العمق النظري أو التحليلي مقارنة بنهج العلاج الذي يتناول الجوانب النظرية والنفسية.

8. عدم التركيز على تطوير الذات

بعض النقاد يرون أن الإرشاد السلوكي قد يهمل جوانب تطوير الذات والنمو الشخصي. بدلاً من التركيز فقط على تعديل السلوكيات، يعتقد البعض أن العلاج يجب أن يتناول تعزيز الذات وتطوير القدرات الشخصية.

9. إمكانية الاعتماد المفرط على التقنيات

قد يؤدي التركيز على التقنيات السلوكية إلى تجاهل استراتيجيات أخرى قد تكون مفيدة في العلاج، مما قد يجعل العلاج قاصرًا في مواجهة التحديات المتنوعة التي قد يواجهها الأفراد.

رغم فعالية الإرشاد السلوكي في العديد من الحالات، فإن النقد الموجه له يعكس الحاجة إلى تبني نهج شامل في العلاج يعالج الجوانب النفسية والعاطفية إلى جانب السلوكية. من المهم أن يكون هناك توازن بين تعديل السلوك وفهم الأسباب الجذرية التي قد تؤثر على السلوكيات. قد يكون الجمع بين الإرشاد السلوكي وأساليب علاجية أخرى هو الطريقة المثلى لتحقيق نتائج مستدامة.

مزايا الإرشاد السلوكي

  • يقوم الإرشاد السلوكي على أساس دراسات وبحوث تجريبية معملية، قائمة على نظريات التعلُّم، يمكن قياس صدقها قياس تجريبي مباشر.
  • تخضع فروض الإرشاد السلوكي ومسلماته التي تفسِّر السلوك، للتجريب العلمي.
  • إنّ الإرشاد السلوكي متعدد الأساليب؛ ليتناسب مع تعدُّد المشكلات والاضطرابات.
  • يركِّز على المشكلة أو العرض، هذا يوفِّر وجود محك لتقييم نتائجه.
  • عملي أكثر منه كلامي، يستعين بالأجهزة العلمية.
  • نسبة الشِّفاء أو على الأقل التحسُّن باستخدامه عالية، قد تصل إلى 90% من الحالات في مقابل 50-75% في معظم الطُّرق الأخرى.
  • أهدافه واضحة ومحدَّدة.
  • يوفِّر الوقت والجهد والمال؛ لأنَّه يستغرق وقت قصير ونسبي لتحقيق أهدافه.
  • يمكن أن يتعاون فيه كلّ من الوالدين، الأزواج، المُمرِّضات، بعد التدريب اللازم.

عيوب الإرشاد السلوكي

  • السلوك البشري مُعقَّد لدرجة يصعب عزل وتحديد أنماط بسيطة من العلاقات بين المثير والاستجابة، حتى يسهل تعديلها واحداً تلو الآخر، أيضاً عن طريق استخدام الأجهزة.
  • الاضطرابات السلوكية يصعب تفسيرها جميعاً في شكل نموذج سلوكي مبني على أساس الإشراط.
  • أحياناً يكون الشِّفاء وقتي وعابر.
  • يهتم بالسلوك المضطرب فقط، يركِّز على التخلُّص من الأعراض الظاهرة دون المصدر الحقيقي العميق للاضطرابات، منفصلة عن الاضطراب الكبير الذي هو علامة من علاماته، دون تناول الشخصية ككل، هذا قد يؤدِّي إلى ظهور أعراض أُخرى، فالاضطراب السلوكي الظاهر ما هو إلَّا دليل خارجي لاضطراب داخلي عميق يكمن وراء هذا السلوك الظاهر، الذي يمثِّل قمَّة جبل الثلج الظاهر فقط.

شارك المقالة: