أسباب تمرد المراهقين

اقرأ في هذا المقال


سعي المراهقين إلى تحقيق الذات

من المعلوم أنّ المراهق يسعى إلى تحديد هوّيته وينتابه قلق شديد تجاه مُستقبله، فهو يُريد الخروج من سلطة الأهل والتبعية الأبوية، بناء نفسه كشخص فعّال في المجتمع. في هذه المرحلة أصبح لديه قدرة على التفكير المجرّد، يحاول توّقع الأمور، فيضع الفرضيات أمامه ويفكّر في النتائج المحتملة لهذه الفرضيات.

بالتالي فإنّه يرفض أن يُملي عليه أهله وجهة نظرهم في ما يتعلق بمستقبله، لذا فهو يعلن تمرّده عليهم، لن يكون تابع مشلول التفكير، ينصاع لرغبات والديه حتى لو كان غير مقتنع بها، بل يريد أن يُثبت لهما أنّه أصبح مُستقلاً وقادراً على اتخاذ القرارات الصائبة لوحده، خصوصاً في ما يتعلّق بمستقبله الأكاديمي والعملي. هذا لا يتعلّق فقط بمحيطه العائلي بل بالمجتمع من حوله.

التربية ودورها في تعزيز التمرد عند المراهق

إن دور التّربية أساسي في بناء شخصية متوازنة ومتفائلة، في حال وجود تمرّد يجب احتضانه إذا كان إيجابياً ومراعاته وتوجيهه، في حال كان سلبياً يجب تدارُكه والقيام بتوجيهه ليصبح إيجابياً، فتمرّد المراهق لا علاقة له بإغضاب الأهل، بل هو تطوُّر أساسي في شخصيته، عندما يفرض الأهل رأيهم ويجبرون المراهق على تنفيذ طلبهم، فإنّه يشعر بالحزن لأنهم لم يفهموه، فالكف عن قول كلمة لا والخضوع الأعمى لهم يعتبران بالنسبة إليه طمساً لهويته والاستمرار بصفة طفل والديه، بالتالي فإنّ المراهق الذي يفرض مُعارضته في مواجهة رغبة الراشدين يتمتع بصحة نفسيّة جيدة.

أسباب تمرد المراهقين

  • ممارسة بعض الآباء للديكتاتورية المفرطة في التعامل مع الأبناء: عن طريق مصادرة إرادتهم، التدخل في شؤون الأبناء مثل، شؤون الدراسة، الزواج، العمل، الحياة اليومية، الصرف المالي، أيضاً نوع اللباس، فمن الخطأ أن يُحاول الأهل أن يفرضوا على الأبناء قناعاتهم، نمط تفكيرهم، طريقة حياتهم الخاصة التي ليس لها مبرِّر مشروع.
  • المدرسة: للمدرسة دورها الفعال في تمرد المراهق، بما فيها من نظام وطريقة تعامل قاسِية، تُشعر الطالب بأنّها تسيطر على شخصيّته وطموحه الدراسي، لا تنسجم مع الظّرف الواقعي له، فينساق بسبب هذه الأسباب وغيرها الى تحدي النّظام المدرسي، إحداث المشاكل، مما قد يؤدي إلى ترك الدراسة، هنا يتحوّل التمرّد إلى سُلوك سلبي يكون نتيجة كبت طُموح المراهق وأحلامه.
  • طبيعة المراهق وتكوينه النفسي والسلوكي: للطبيعة النفسيّة والعصبيّة، مستوى التعليم، الثقافة للمراهق، أثرها البالغ في التمرُّد والرفض والتحدي، فمرحلة المراهقة هي مرحلة الإحساس بالغُرور والقوّة، هي مرحلة الإحساس بالذات، الانفصال عن الوالدين؛ لتكوين الوُجود الشّخصي المُستقل، هي مرحلة تحدّي ما يتصوره عَقبة في طريق طموحاته، على مستوى الأُسرة والمجتمع، لذا ينشأ الرفّض والتمرُّد السلبي، كما ينشأ الرفض والتمرّد الإيجابي.

طرق تعامل الأهل مع المراهق المتمرد

  • السماح له بالتعبير: ينصح الأهل بأهمية أن يتيحوا لأبنائهم المُراهقين التعبير عن آرائهم وأفكارهم التي قد يروُنها غريبة أو غير واقعية، لكن عليهم أن يضعُوا في بالهم أنّ المراهقة مرحلة التناقُضات والتفاعلات التي يمر بها المراهق على المُستويين النفسي والبيولوجي:
    المُستوى النفسي: يبدأ يقلق المراهق على مُستقبله ويعمل على تحديد هويته، تكوين شخصيّته بعيداً عن قمقمهم، لا ينفك عن المطالبةة باستقلاليته فيبدو متمرّداً عليهم وعلى المجتمع.
    – المستوى البيولوجي: تقلق المراهق هنا صورة جسده الذي تغيّر بسرعة، كل هذه الأمور تدفعه لخوض التجارب والمجازفات، فهو عازم على فهم نفسه وتقرير مصيره، لا يستسلم بسهولة، هذا يفسِّر تمرّده على قوانين العائلة والأهل.
  • عدم التركيز على التصرّفات المعارضة: بل يجب التركيز على السلوكيات الإيجابيّة.
  • الابتعاد عن النعوت السلبية: مثل العنيد، يفرض رأيه، فإطلاق النُعوت السلبيّة يُلغي لغة التواصل بين الأهل والأبناء، بالتالي يرتفع الجدار بينهم.
  • التعبير عن محبتهم: فمن يتمتّع بقوة الشخصيّة، لا يقبل أن يُفرض رأيٌ عليه، غير أنّه يلين لو استُخدمت معه لغة المشاعر، يكون ذلك من خلال تعبير الأهل عن محبتهم لأبنائهم، شعورهم الإيجابي نحوهم، رضاهم عن سلوكياتهم واختياراتهم، خصوصاً إذا كانت سليمة.
  • الهدوء: إنّ ُالقلق الزائد على مستقبل الطفل أو المراهق، يوتِّر العلاقة بين الأهل والأبناء، غالباً يتصرّف الأهل بقسوة نتيجة القلق على الأبناء.
  • النظر إلى تمرّده بشكل إيجابي: يعتبر تمرّد المراهق سلوكاً يطمئن القلب، يبهج النفس، يريح الذات، فالمراهق المتمرّد، نعني هنا التمرّد الإيجابي، لن ينجر وراء أصدقاء السوء، هذا ما تُشير إليه الدراسات حول هذا الموضوع، فهو لن يكون تابعاً لأحد، لن يقبل برأي يفرض عليه من زميلٍ له.
  • عدم مواجهة التمرد بتعنُّت: كلما تعنت الأهل في موقفهم حيال ما يطلُبه الابن، زاد عناده ومعارضته، لذلك على الأهل الانسحاب الإِيجابي من معارك كلاميّة قد تنشأ حول قضايا تافهة أحياناً.

شارك المقالة: