أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري البنائي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري البنائي

أسلوب عدم التوازن هو تقنية تهدف إلى إحداث تغيير في النظام الأسري من خلال تحدي الهيكل القائم داخل الأسرة ودفع أفرادها نحو تبني سلوكيات وأدوار جديدة. يسعى المعالج من خلال هذا الأسلوب إلى إثارة حالة من “عدم التوازن” داخل النظام الأسري، بهدف كشف الأنماط غير الصحية في العلاقات وتحفيز الأفراد على إعادة تشكيل أدوارهم للتكيف مع التغييرات بشكل صحي.

يقوم المعالج الأسري في هذا الأسلوب بالانفراد بعضو واحد من العائلة للقيام بتعديل النظام، غالباً ما يكون نظام العائلة شديد جداً، ممَّا يجعل الأعضاء لا يتمكَّنون من تعديله بواسطة الحوارات أو السلوكيات الجديدة.

يعمل المعالج الأسري على التأثير بأحد أعضاء العائلة، وذلك بالتقديم له نموذج للسلوك بطريقة مختلفة عمَّا كان يستخدمها في السابق في المواقف المتشابهة، مع منحه مدة وافية من الوقت ليظهر السلوك الجديد بشكل متكرر، ممَّا يؤدي ذلك إلى قيام بناء أسري جديد ناجح.

من الجيد استخدام أسلوب عدم التوازن للتعامل مع زوجين لا يتمكنان من الحوار بشكل جيد وفعَّال فيما يتعلق بعلاقتهما، يقوم أحد الطرفين بممارسة القوة على الآخر بشكل غير ملائم، كما يتضح أنَّ الزوج الذي يمارس القوة على الزوجة، أنَّه يفرض سيطرته عليها أثناء الحوار ممَّا يؤدي ذلك بالزوجة إلى الرضوخ والاستسلام لمطالب الزوج.

ففي هذه الحالات يُقدم المعالج الأسري الانضمام والدعم للطرف الأضعف للتفاعل، حيث يُحقق متطلباته وإن كان الطرف الآخر يحاول إسكاته وعدم الحديث، وقد يجلس المعالج الأسري مع الطرف الأضعف، أو يستمر بتحريض الطرف الأضعف على الاستمرار بالكلام.

من المهم أن يقوم بهذا الأسلوب معالج مدرَّب وخبير، ومن المهم أيضاً تكوين علاقة جيدة مع أعضاء العائلة، تتمتع بالثقة والاندماج معهم، وأن يشعروا بالأمان في حالة اتخاذ المعالج الأسري موقف مضاد اتجاههم؛ لنجاح وإتمام أسلوب عدم التوازن.

أهداف أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري البنائي

أ. كسر الأنماط السلبية

يسعى المعالج من خلال هذا الأسلوب إلى كسر الأنماط السلبية أو الثابتة التي تعيق نمو الأسرة. من خلال عدم التوازن، يمكن الكشف عن الأدوار السلبية أو القيود المفروضة على أفراد الأسرة، مما يمكنهم من رؤية الأمور من منظور جديد والتفكير في بدائل.

ب. تعزيز التغيير الإيجابي

يساعد أسلوب عدم التوازن على دفع أفراد الأسرة لتبني سلوكيات وأدوار جديدة. عندما يُفرض على النظام الأسري تحديات جديدة، يصبح الأفراد أكثر استعدادًا للتغيير، مما يعزز من فرص النمو والتطور على الصعيدين الشخصي والجماعي.

ج. إعادة تنظيم هيكل الأسرة

يركز الأسلوب على إعادة تنظيم هيكل الأسرة بحيث تكون العلاقات أكثر توازنًا وصحية. يمكن للمعالج أن يعمل على إعادة توزيع السلطة أو تغيير الأدوار بين الأفراد لجعل الأسرة تعمل بشكل أفضل وأكثر توافقًا.

كيفية تطبيق أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري البنائي

أ. التدخل المباشر: يقوم المعالج بتدخل مباشر من خلال توجيه انتباهه لفرد معين في الأسرة بهدف تغيير ديناميكيات العلاقة. على سبيل المثال، يمكن أن يتدخل المعالج بشكل مباشر لدعم فرد معين يعاني من عدم التقدير أو التهميش من قبل باقي أفراد الأسرة، وذلك بهدف تعزيز دوره وإحداث تغيير في الديناميكيات القائمة.

ب. تحدي الأدوار الثابتة: يستخدم المعالج أسلوب عدم التوازن لتحدي الأدوار الثابتة وغير المرنة داخل الأسرة. يمكن أن يشمل ذلك تشجيع أحد الأفراد على التحدث عن مشاعره بحرية، أو دعم الأبوين لتغيير أسلوب التربية، أو تشجيع الأشقاء على التفاعل بطرق جديدة.

ج. استخدام المناقشات والاستفزازات الموجهة: قد يستخدم المعالج الاستفزازات أو المناقشات الموجهة للتأثير على تفكير وسلوك الأفراد داخل الأسرة. هذه الطريقة تُستخدم لإثارة ردود أفعال معينة تكشف عن التفاعلات والأنماط التي تحتاج إلى تعديل.

التحديات المحتملة في تطبيق أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري

أ. مقاومة التغيير: يمكن أن يواجه المعالج مقاومة من أفراد الأسرة الذين يشعرون بالراحة في الأدوار أو الأنماط الحالية، حتى لو كانت غير صحية. من المهم أن يكون المعالج مستعدًا للتعامل مع هذه المقاومة وتقديم الدعم اللازم.

ب. الحاجة إلى التوازن بين التدخل والدعم: يجب أن يكون المعالج حذرًا في استخدام أسلوب عدم التوازن، حيث يتطلب الأمر توازنًا دقيقًا بين التدخل بشكل فعّال لدفع الأسرة نحو التغيير وبين تقديم الدعم الكافي لتجنب إثارة صراعات جديدة أو تعميق التوترات.

أهمية أسلوب عدم التوازن في تحقيق الأهداف العلاجية

أ. تعزيز الوعي الذاتي: يساعد هذا الأسلوب أفراد الأسرة على اكتشاف الأدوار والأنماط التي لم يكونوا مدركين لها من قبل. من خلال التحديات والمواقف الجديدة، يمكن للأفراد تطوير فهم أعمق لعلاقاتهم وأدوارهم داخل الأسرة.

ب. تطوير مهارات التكيف: يساعد أسلوب عدم التوازن على تطوير مهارات التكيف لدى أفراد الأسرة، مما يمكنهم من التعامل بشكل أفضل مع التحديات المستقبلية والحفاظ على ديناميكيات صحية ومستدامة.

أسلوب عدم التوازن في العلاج الأسري البنائي يعد أداة فعّالة في تحقيق التغيير والنمو داخل الأسرة. من خلال كسر الأنماط السلبية وتعزيز الأدوار الصحية، يمكن للمعالج أن يسهم في إعادة تنظيم هيكل الأسرة وجعل العلاقات أكثر توازنًا وتفاهمًا. وبالرغم من التحديات التي قد تواجه هذا الأسلوب، فإن استخدامه بفعالية يساهم في تحقيق الأهداف العلاجية وتعزيز النمو الإيجابي داخل الأسرة.


شارك المقالة: