لكلّ منّا الحق في احترام الآخرين، وهذه هي البداية، وذلك ﻷننا بشر وموجودين في نفس المكان، بغض النظر عن أي أسباب أخرى، فلسنا مضطرين ﻷن نُجبَر على رغبات أحد أو نُرغَم عليها، فكلّ منّا يختار بنفسه ما يحلو له، طالما لم يتعدَّ على حقوق الآخرين، ودون تبرير ما نقوم به ﻷحد.
كيف تعمل عقولنا
عقولنا تعمل بناء على طريقة تفكيرنا، وما نقوم بالحديث به مع أنفسنا سراً وعلانية، فالعقل سيقبل ما نخبره به، إذا ما كرّرنا العبارة المرادة بشكل كافٍ، فالموضوع ليس في صدق أو كذب ما نقوله، ولكن في مقدار وصولنا إلى درجة الإيمان المُطلَق بما نقوله، عادة ما تساعدنا تلك الطريقة في مقابلة المشاعر السلبية بأخرى إيجابية، ﻷنَّ الكثيرين يعانون من مشكلة الدونية، ولا يعرفون قيمة أنفسهم.
الطريقة المثلى لعلاج مثل تلك الحالات هي حديث النفس الواثقة، “أنني إنسان لي حقوق وعليّ واجبات”، وهذا ما يسمى بحوار الذات، وقد أثبت العلم أنَّ من يقوم بالنظر إلى نفسه بالمرآة كلَّ يوم ويتحدّث مع نفسه بصوت عالي ويُكرر الشيء الذي يرى به نقصاً، فإنَّ العقل سيقبل ما يقوله وسوف تزداد الثقة بالنفس جرّاء ذلك، وما أكثر ما ينقصنا اليوم من قيم وضوابط وغيرها.
قوة حوار النفس في بناء الثقة
أهمية احترام الذات والآخرين لا تقتصر فقط على العلاقات الاجتماعية، بل تلعب دورًا محوريًا في بناء شخصية قوية ومتزنة. فاحترام الذات يبدأ من الداخل، عندما ندرك قيمتنا كأفراد ونفهم أن لدينا حقوقًا وواجبات متساوية مع الآخرين. هذا الفهم هو الذي يمهد الطريق لتعاملنا مع الآخرين باحترام وتقدير.
لكن ماذا عن الأشخاص الذين يعانون من ضعف الثقة بالنفس؟ هنا يأتي دور العقل في تشكيل واقعنا. العقل لا يفرق بين الحقيقة والخيال عندما يتعلق الأمر بتكرار الأفكار. إذا أقنعنا أنفسنا مرارًا وتكرارًا بأننا غير قادرين أو غير مهمين، فإن العقل سيصدق ذلك، وسيصبح هذا هو الواقع الذي نعيش فيه. وعلى النقيض، إذا دربنا عقولنا على التفكير الإيجابي وإعادة صياغة نظرتنا لأنفسنا، فإن التغيير سيكون ملموسًا.
الحديث الذاتي: هو أداة قوية جدًا في هذا السياق. عندما ننظر إلى أنفسنا في المرآة ونتحدث بثقة، نغرس في عقولنا بذور القوة والإيجابية. على سبيل المثال، تكرار عبارات مثل “أنا أستحق النجاح” أو “لدي قدرات تجعلني مميزًا” قد يبدو بسيطًا، ولكنه يعمل بعمق على إعادة برمجة العقل الباطن. تدريجيًا، يبدأ العقل في قبول هذه الأفكار كحقيقة، وتزداد ثقتنا بأنفسنا.
العقل يميل إلى تقبل ما نكرره باستمرار. لذا، إذا كان حديثنا الذاتي سلبيًا، فإن النتائج ستكون سلبية. ولكن إذا غيرنا حديثنا إلى ما هو إيجابي وبناء، سنجد أن العقل يبدأ في تعديل سلوكنا وتوجهاتنا لتتوافق مع هذه الأفكار الجديدة.
في النهاية، يجب أن نعرف أنَّ احترامنا لأنفسنا واحترامنا للآخرين يسيران جنبًا إلى جنب، فالإنسان الذي يعرف قيمته لن يضطر لإثبات نفسه عبر إيذاء أو التقليل من شأن الآخرين، وكلما تعمقنا في حوار الذات، سنكتشف أن الطريق إلى احترام الذات يبدأ من داخلنا، ويعتمد بشكل كبير على كيفية تعاملنا مع أفكارنا ومعتقداتنا.