اقرأ في هذا المقال
يعتبر كتاب فرانكل (بحث الإنسان عن المعنى)، المقدمة في العلاج بالمعنى، أيضاً يراه آدمز من أبرز المهام في الفكر السيكولوجي، هو المقدِّمة الصَّادقة للعلاج بالمعنى، يوضح فرانكل في هذا الكتاب كيف أنَّ المعنى يُمكن أن يكون حتى في أكثر اللحظات ألماً ومُعاناة.
إنَّ كل إنسان مسؤول عن معرفة معنى حياته، أيضاً تحويل الخبرات السيئة إلى لحظات انتصار حاسمة؛ ذلك أملاً في الوصول إلى هدف معيّن.
فلسفة العلاج بالمعنى
يمكن اعتبار الأساس الفلسفي للعلاج بالمعنى فلسفة لحياة الإنسان، لا يعتبر الأسلوب الذي يعالج مشكلة معينة، استند فرانكل إلى فلسفة أصبحت مدخل علاجي، يقوم على مساعدة الأفراد في أن يجدوا معنى واضح لحياتهم، ذلك عن طريق الإيمان والاسترشاد بمبادئ هذه الفلسفة، أيضاً الاعتقاد بأنَّه من الممكن أن يشعر الإنسان في بعض الأحيان بالمعاناة والتعاسة والألم أو يعيش السعادة والهناء.
عندما يصل الفرد إلى المعنى، يكون ذلك الوصول إلى ذروة الوجود، يقوم فرانكل على بلورة فلسفة العلاج بالمعنى، حيث يشير إلى أنَّ العلاج بالمعنى، يقوم بمساعدة الفرد الذي لديه العصاب، حتى يصبح شخص واعي بمهام حياته، أن يستيقظ فيه الوعي الأَكمل بوجوده، يسهم في تحصين قدرته على التغلُّب على عصابه؛ لأنَّ المعنى يعتبر من القوى الأوليّة في حياة الإنسان، فهو نوعي ونادر، ذلك من حيث أنَّه يمكن تحقيقه عن طريق الفرد وحده، يشبع عنده إرادة المعنى.
بماذا تساعد نظرية العلاج بالمعنى
- يرى فرانكل أنَّه ليس هناك هدف من بين أهداف العلاج بالمعنى يقوم بأخذ مكان العلاج النفسي، بل يسعى لاستكماله، إذ يتضمَّن الإنسان في صورته الكاملة من حيث البعد الروحي، تركّز على القيم و المعاني؛ ذلك لأنَّ الأعصبة النفسية تكون ذات مظاهر وجودية، علاجها يجب أن يكون أكثر من مجرد علاج نفسي؛ لأنَّه يجب أن يركِّز على المظاهر الوجودية وهذا هو ما يفعله العلاج بالمعنى.
- يهدف العلاج بالمعنى إلى أن يستطيع الإنسان تفهُّم ذاته، يقوم بتفسير وجوده، يعبِّر فرانكل عن ذلك أنَّ الفرد الذي يتعمَّق بأهداف العلاج بالمعنى، قادر على استهداف وإعادة توجيه موقفه، بسبب مرضه ومعاناته والأزمات التي يمر بها.
- يساعد العلاج بالمعنى مرضاه على تحدِّي رغباتهم الممنوعة.
- يساعد العلاج بالمعنى العملاء على أن يكون لديهم (أنا عليا) سموحة وأقل صرامة، فالتعامل في العلاج بالمعنى يكون مع المبادئ والقيم.
أهداف رئيسية لنظرية العلاج بالمعنى
نظرية العلاج بالمعنى، التي طورها فيكتور فرانكل، تعد من أبرز الأساليب في العلاج النفسي الوجودي، يركز هذا النهج على مساعدة الأفراد في العثور على معنى وهدف في حياتهم، حتى في وجه المعاناة والضغوطات. فيما يلي سنتناول الأهداف الرئيسية لنظرية العلاج بالمعنى وكيفية تحقيقها:
1. مساعدة الأفراد في العثور على معنى
أ. اكتشاف المعنى الشخصي:
يهدف العلاج بالمعنى إلى مساعدة الأفراد في اكتشاف معنى حياتهم الشخصي. هذا يشمل استكشاف القيم والمعتقدات والأهداف التي تعطي الحياة معنى. من خلال عملية العلاج، يشجع الأفراد على التفكير في ما يهمهم حقًا وما يجعل حياتهم ذات قيمة.
ب. التعامل مع المعاناة بطرق بناءة:
يؤكد العلاج بالمعنى أن حتى في مواجهة الألم والمعاناة، يمكن للأفراد العثور على معنى. يساعد هذا العلاج الأفراد على تغيير كيفية رؤيتهم للمعاناة من خلال التركيز على كيفية استخدام هذه التجارب لتعزيز النمو الشخصي وتطوير القيم.
2. تعزيز المسؤولية الشخصية
أ. تعزيز الاختيار والقدرة على التحكم:
تؤكد نظرية العلاج بالمعنى على أهمية تحمل المسؤولية الشخصية عن أفعال الفرد واختياراته. يشجع العلاج الأفراد على إدراك أن لديهم القدرة على اتخاذ قرارات تؤثر على حياتهم وتوجههم نحو تحقيق معنى وهدف.
ب. تعزيز القوة الشخصية:
يساعد العلاج بالمعنى الأفراد على فهم قدرتهم على التأثير في حياتهم وتغييرها بناءً على اختياراتهم الشخصية، يشجع على تنمية الإحساس بالقوة والقدرة على التأثير الإيجابي في حياتهم ومحيطهم.
3. تحقيق الأهداف الشخصية
أ. تحديد أهداف واضحة:
يساعد العلاج بالمعنى الأفراد على تحديد أهداف واضحة وقابلة للتحقيق تتماشى مع قيمهم ومعانيهم الشخصية. من خلال تحديد الأهداف، يتمكن الأفراد من توجيه جهودهم نحو تحقيق ما يعتبرونه ذا قيمة وأهمية.
ب. تطوير خطة عمل:
يعمل العلاج بالمعنى على تطوير خطة عمل عملية لتحقيق الأهداف المحددة. يشمل ذلك تحديد الخطوات اللازمة والتعامل مع التحديات التي قد تواجه الأفراد أثناء السعي لتحقيق أهدافهم.
4. تحسين التكيف مع الضغوطات
أ. تطوير مهارات التكيف:
يعمل العلاج بالمعنى على تطوير مهارات التكيف لمساعدة الأفراد على التعامل مع الضغوطات والتحديات بشكل فعال. من خلال التركيز على المعنى، يمكن للأفراد تعلم كيفية مواجهة الصعوبات بطرق إيجابية وبناءة.
ب. تعزيز القدرة على التحمل:
يساعد العلاج بالمعنى الأفراد على تعزيز قدرتهم على التحمل من خلال رؤية المعاناة كفرصة للنمو والتعلم. يعزز العلاج من القدرة على الصمود والتحمل في مواجهة الصعوبات من خلال التركيز على الأهداف والمعاني الشخصية.
5. تعزيز العلاقات الإنسانية
أ. تحسين العلاقات الشخصية:
يهدف العلاج بالمعنى أيضًا إلى تحسين العلاقات الإنسانية من خلال تعزيز الفهم المتبادل والتواصل الفعّال، يساعد الأفراد على بناء علاقات ذات معنى تدعم نموهم وتساعدهم على تحقيق أهدافهم.
ب. تعزيز الدعم الاجتماعي:
يساعد العلاج بالمعنى الأفراد على بناء شبكة دعم اجتماعي قوية من خلال تحديد علاقات ذات قيمة والبحث عن التفاعل الإيجابي مع الآخرين. تعزيز الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون عنصرًا حاسمًا في تحقيق الأهداف الشخصية والتمتع بحياة ذات معنى.
تعد نظرية العلاج بالمعنى من الأساليب الرائدة في مجال العلاج النفسي، حيث تركز على مساعدة الأفراد في العثور على معنى وهدف في حياتهم، من خلال تعزيز المسؤولية الشخصية، وتحقيق الأهداف الشخصية، وتحسين التكيف مع الضغوطات، وتعزيز العلاقات الإنسانية، يسعى العلاج بالمعنى إلى تمكين الأفراد من بناء حياة مليئة بالمعنى والهدف، يوفر هذا النهج إطارًا قويًا لمساعدة الأفراد على التغلب على التحديات وتحقيق إمكانياتهم الكاملة.