اقرأ في هذا المقال
الأسس والمبادئ العامة للإرشاد النفسي:
يقوم الإرشاد النفسي على مجموعة من القواعد العامة المتعلّقة بالسلوك الإنساني، والتي يتوجب أن يكون القائم على عملة الإرشاد النفسي على معرفة بها وقادراً على فهمها وتطبيقها بدقة متناهية، حتّى تمكنه من فهم السلوك البشري والتنبؤ بما يمكن أن يحدث والسيطرة عليه مرّة أخرى، فما أبرز الأسس العامة المتعلقة بالعملية الإرشادية؟
ما هي أبرز الأسس والمبادئ العامة لعملية الإرشاد النفسي؟
إنّ المعرفة الواعية لمجموعة المبادئ المتعلقة بالعملية الإرشادية توضح للمرشد أداء العملية الإرشادية، وتقديم أفضل الحلول ضمن خطط عمل واضحة تقوم على مجموعة من الاعتبارات الواضحة، وخلافاً لذلك يكون عمل المرشد النفسي عشوائياً غير منتظم ولا منهجي، وهذا التخبط لا يؤتي ثماره بالصورة المطلوبة، فالأسس التي نشأت عليها العملية الإرشادية متنوعة، وهي كثيرة بقدر ما يوجد من نماذج ونظريات إرشادية.
السلوك البشري ثابت نسبيا ويمكن التنبؤ به:
وهذا المبدأ يتحدّث أنّ السلوك البشري هو أمر متوقّع الحدوث ويمكن معرفته او التنبؤ به، وأنّ جميع التصرفات البشرية تكاد تكون ثابتة من حيث المتغيرات والعوامل التي تطرأ عليها، ولا يمكن تحديد هذا الأمر على السلوكيات المكشوفة فحسب، وإنما يتخطّى ذلك ليشمل البناء الأساسي للذات، مثل الأفكار والاتجاهات والحاجات والقيم والمعتقدات والاندفاعات، مع الأخذ بعين الاعتبار تساوي الظروف والعوامل المحيطة الأخرى بهذه السلوكيات أو التنظيمات الشخصية.
خير ما يمثّل هذا المبدأ الإرشادي حالة التبول اللاإرادي لدى صغار السن التي تنتج عن الإساءة الجسدية من قبل أحد الوالدين أو المعلم، أو تناوله لكميّة كبيرة من السوائل في فترة المساء، فالمرشد في هذه الحالة يقوم ببناء توقعات دقيقة حول السلوك الذي يتعامل معه بحثاً عن أفضل الحلول الممكنة، فيتوقع أنّ المشكلة ستستمر لديه إذا ما استمرت العوامل والأسباب المؤدية لها مثل التعرض للعنف الجسدي أو الاستمرار في تناول السوائل بصورة مفرطة، ويتنبأ باحتمالية تطوّر الحالة في المستقبل.
السلوك البشري مرن وقابل للتعديل:
الجمود وعدم تغيّر الطبع البشري وعدم قابليته للتعديل ليس بالضرورة أنه أمر محتوم فهذا أمر غير صحيح، فبالرغم من خاصية عدم التغير النسبي للسلوك فبمقدور المرشد النفسي تعديل المسالك البشرية بصورة إيجابية نحو الأفضل، سواء أكان هذا السلوك ظاهراً أو مخفياً كالأفكار والانفعالات وتقدير الذات، فمثل هذه السلوكيات وإن كانت ثابتة إلا أنها لا تتصف بالجمود وإنما تتصف بالمرونة وإمكانية التعديل.
من الأمثلة التي تدلّ على أنّ السلوك البشري مرن وقابل للتغيّر، هو البيئة التي يعيش فيها الكثير من الأطفال والتي تؤثر على سلوكياتهم وشخصيتهم نحو الأفضل أو الأسوأ، والتغير الكبير الذي يحدث على هذه الشخصية عندما ينتقلون إلى ثقافات أخرى حيث يتغيّر سلوكهم نحو الأفضل أو الأسوأ بناء على العادات والقيم الجديدة التي تواجدوا فيها، فالسلوك البشري قابل للتعديل والتغيّر بوتيرة سريعة جدّاً.
السلوك الإنساني الفردي والجماعي:
من أبرز الأهداف الإرشادية هو القدرة على إثبات الشخصية، والقدرة في التكيّف مع طبيعة الشخصية ومع الآخرين، فسمات الشخصية الواحدة تميّزنا عن غيرنا من الأفراد وتجعل منّا أشخاصاً متميزين لا مثيل لنا بين المجموعة البشرية، وهذا ينطبق حتّى على التوائم، فالتميز في السمات الشخصية هو الذي يجعل الفرد يتصرّف ويفكّر ويحسّ بطريقة متميّزة عن غيره من البشر، إلّا أن الأفكار والأحاسيس وما ينطوي عليها من أفعال يقوم بها الفرد، يتمّ تنظيمها وتقييمها بموجب أطر اجتماعية يتأثر ويؤثر بها على الآخرين.
استعداد الفرد ورغبته في الإرشاد:
تحتاج عملية الإرشاد النفسي إلى وجود عدد من الأسس والمبادئ المتعلقة بالقبول، والقدرة على محاورة الآخر وعدم رفضه، وهذا الأمر يترتّب عليه موافقة المسترشد على البوح بمكنونات الذات، والقدرة على التواصل والالتزام بالأنظمة والقواعد المتعلقة بالعملية الإرشادية، وأن يدرك أنّه في مشكلة حقيقية تحتاج إلى عدّة إجراءات وقواعد خاصة، للوقوف على أسبابها ومعرفة أفضل الحلول الممكنة، وهذا الأمر يجعل من المرشد النفسي نموذجاً حقيقياً يعتدّ به.
يقوم الإرشاد النفسي بصورة عامة على القبول ما بين أطراف العملية الإرشادية، وهذا الأمر يتيح الفرصة لكلا الطرفين سهولة الطرح والقدرة على إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن، وهذا الأمر لا يمنح المسترشد حريّة التصرف وفقاً لفكره والطريقة التي يرغب من خلالها ترتيب أهداف العملية الإرشادية، إذ عليه أن يلتزم بجميع الشروط التي تترافق مع العملية الإرشادية وبسرية تامة ودون أن يتم الاعتراض على الأسس العامة ما لم تتعارض مع طبيعته ومع الطريقة التي يفكّر فيها، وإن اعتقد أنّ العملية الإرشادية ذات نتائج سلبية فيحقّ له التوقف عن تلقّي الرسائل بصورة أنيقة بعيداً عن المعارضة.
الإرشاد النفسي حق للفرد في جميع مراحل نموه:
يعتبر الإرشاد النفسي حاجة نفسية لا تقف عند مرحلة عمرية ما، فهي حقّ لكلّ فرد يعيش في هذا المجتمع؛ كوننا جميعاً عرضة للوقوع مشاكل ذات طابع نفسي يحتاج إلى العملية الإرشادية بصورة مميزة، ومن يعتقد أنّ عملية الإرشاد النفسي تنحصر في صغار العمر أو الأطفال فهو مخطئ وعليه أن يقرأ أكثر عن الإرشاد النفسي، كون الفرد في جميع مراحله العمرية قد يتعرض إلى عقبات وضغوط وأخطاء نفسية تجعله بأمسّ الحاجة إلى عملية الإرشاد النفسي.
التقبل الإيجابي غير المشروط للمسترشد:
لكلّ عملية إرشادية مجموعة من الشروط والقواعد التي لا يمكن التلاعب بها أو التنازل عنها لصالح مسترشد ما اختلاف مكانته أو ثقافته، وهذا الأمر يجعل من العملية الإرشادية ذات ثوابت لا تتغير، ويجب أن يكون المسترشد على قناعة تامة بالمرشد وبالعملية الإرشادية، وأن يكون على يقين أنه سيصل إلى مجموعة من الحلول التي تساعده عل إثبات الذات.
وفي هذا الصدد لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عملية الموافقة تشير فقط إلى المسلكيات الإيجابية، ولا تقبل عملية الخضوع للسلوكيات الخاطئة غير السوية التي تصدر من المرشد أو من المسترشد، فلا ينبغي للمرشد أن يوافق على هذه السلوكيات الخاطئة، لأنّ تقبّله لمثل هذه السلوكيات السلبية يفسّر من قبل المسترشد على أنّها علامة رضا من قبل المرشد.
للمسترشد الحق في تقرير مصيره واختياراته:
إنّ مجموعة قواعد السلوك لا تعطي الحقّ للمرشد في أن يتخذ القرارات النهائية نيابة عن المسترشد، فطريقة التفكير وحق الاختيار هي من حقوق المسترشد، والحلول الجاهزة ليست من حقوق المرشد التي يجب أن يلتزم بها المسترشد، فالمرشد يعمل على مساعدة المسترشد في إيجاد الحلول الممكنة والتخلص من المشكلات التي يعاني منها بصورة ظاهرة أو غير ظاهرة.