الإرشاد النفسي:
هناك من الأشاص مَن يقلّلون من شأن الإرشاد النفسي ويعتقدون بأنه يختصّ بفئة قليلة من المجتمع، ومنهم مَن ينادون بعلومهم وأفكارهم ويعلّون من أصواتهم في سبيل جمع الصيت والشهرة لعلوم قد لا يكون لها حاجة وأهمية حقّا، وإنّ أبسط ما يمكن قوله أنّ الإرشاد النفسي أسلوب حياة وطريق للعيش المشترك مع الآخرين، ولا يمكن لنا أن ننحرف عن الطريق ونعود إلى مسارها الصحيح مرّة أخرى دون الحاجة إلى علم الإرشاد النفسي.
كيف يكون الإرشاد النفسي أسلوب حياة؟
1. الإرشاد النفسي يقوم على تصحيح المفاهيم والمعتقدات:
لا يوجد أحد منّا لا يقع في الأخطاء والمعتقدات الخاطئة التي تجعل منه عرضة للانتقاد وربّما العزلة الفكرية عن المجتمع، لا بدّ من الخضوع لعملية الإرشاد النفسي التي تساعدنا على استعادة توازننا وأفكارنا بصورة جديرة بالثقة، فالأشخاص الأصحّاء وغير الأصحّاء لا يمكنهم الوثوق بأحد والبوح بكلّ ما يعانون منه من أفكار ومعتقدات صحيحة وغير صحيحة دون اللجوء إلى علم الإرشاد النفسي، ويكون ذلك من خلال الخضوع للعملية الإرشادية ضمن خطط وأهداف استراتيجية يتم تطبيقها ضمن خطّة زمنية معيّنة.
2. الإرشاد النفسي يقوم على تعديل السلوك:
لا يعني تعديل السلوك تعديل سلوكنا العنيف فقط أو استخدامنا للقوّة المفرطة في التعامل مع الأشياء، ولكن طريقة التعامل مع الأفكار والمعتقدات والآراء هي التي يمكن أن يتمّ تعديلها من خلال السيطرة على السلوك غير السوي، وبالتالي تهذيب السلوكيات الخاطئة وصياغتها في مسار صحيح غير قابل للاعوجاج أو التفاضل على سبيل مصلحة أحدهم، ولعلّ من أبرز أهداف العملية الإرشادية هو تعديل السلوك بنا يتوافق والمجتمع المحيط بصورة إيجابية.
3. الإرشاد النفسي يقوم على سهولة دمج المسترشد في المجتمع:
المجتمع عادةً لا يأتي بما يتوافق مع طريقة تفكيرنا تماماً، ولا يمكن للمجتمع أن يتقبّلنا ببساطتنا وسذاجتنا وعدم قدرتنا على الاندماج مع كافة أطيافهم بسهولة ويُسر، وتختلف الطبيعة البشرية من شخص لآخر بحيث لا يستطيع أحدهم أن يقدّم نفسه للمجتمع بصورة توافقية كما يفعل البعض الآخر، وهنا يظهر عمل المرشد النفسي الذي عليه أن يفهم ويحدّد المشكلة التي يعاني منها الفرد وأن يعمل على تعديلها وتقويمها بما يتناسب وطبيعة المجتمع، وأن يتمّ دمج المسترشد مع المجتمع بصورة توافقية مقبولة من كلا الطرفين.
4. الإرشاد النفسي طريق لقبول الآخرين:
عندما يخضع المسترشد للعملية الإرشادية فقد وصلت به الحال إلى رفض الآخر وعدم القدرة على قبوله، والسبب بذلك هو عدد من المشكلات النفسية التي يعانون منها والتي أدّت إلى فقدانهم الثقة بالآخرين، ومن أبرز أهداف العملية الإرشادية هو استعادة الثقة المفقودة بالآخرين، وهذه الثقة لا يمكن أن تعود بسهولة كما يعتقد البعض، فهي تحتاج إلى العديد من العمليات والاختبارات والتجارب الإرشادية التي من شأنها تقبّل الآخر، فعندما نقول بأنّ الإرشاد النفسي أسلوب حياة لكونه يرفض العزلة والتعصب الفكري ورفض الآخر، فالإرشاد النفسي علمية تقوم على أساس محبّة الآخرين والثقة بهم وإن لم يتوافر هذا الشرط فلا يمكن أن يعود الشخص إلى طبيعته بصورة جيّدة.
5. الإرشاد النفسي يعمل على إعادة الثقة بالنفس وبالآخرين:
كيف لنا أن نتعامل مع أحدهم دون أن نثق به، وكيف لنا أن نبحث عن النجاحات ولم يعد بإمكاننا أن نتخذ القرارات الهامة وغير الهامة بأنفسنا دون مساعدة أحدهم؟ كلّ هذا وأكثر من الأهداف الأساسية لعمل الإرشاد النفسي والتي لا يمكن أن تنتهي العملية الإرشادية دون العمل على تحقيقها، ولعلّ شعورنا بلذّة الحياة وقيمتها يتجلّى بمقدار حصولنا على ثقة الآخرين، وثقة الآخرين المتبادلة معنا، ومقدار الثقة التي نمنحها لأنفسنا، وهذا الأمر يتجلّى بصورة كبيرة من خلال تطبيق مهارات وتعليمات العملية الإرشادية بصورة تتناسب وطريقة التفكير.
لعلّ المشاكل النفسية تعمل على الحدّ من التفكير المنطقي وتجعل منه في بعض الأحيان تفكيراً غير مبّرر، وبالتالي لا يمكن لنا أن نعيش بطريقة آمنة وأسلوب فكري معتدل دون أن نتخلّص من الأوهام والمعتقدات الفكرية غير المجدية، وبالتالي فإن الخطط الإرشادية التي يقوم المرشد النفسي على تنفيذها لا بدّ وأن تتوافق مع طريقة التفكير وأسلوب العيش المشترك مع الآخرين، وهذا الأمر في العادة يعطي أفضل النتائج الممكنة في سبيل العلاج من المشكلات الإرشادية.