الإرشاد النفسي من خلال مراجعة مواقف الحياة

اقرأ في هذا المقال


يقوم علم الإرشاد النفسي على معالجة المشاكل النفسية التي يعاني منها المسترشد من خلال قراءة أفكاره ومعرفة أبرز المتغيرات التي أثّرت في شخصيته، ولعلّ العملية الإرشادية تهتمّ كثيراً بمعرفة الماضي وأبرز التفاصيل التي أثّرت في شخصية المسترشد من خلال الأحداث الهامة وتعمل على تحليلها وتقييمها ومعرفة أبرز الأخطاء التي حصلت، فمراجعة المسترشد لأبرز ما مرّ به من تفاصيل في حياته يجعل منه شخصاً قادراً على تجاوز تلك الخطوط الحمراء بكلّ موضوعية.

ما أهمية مراجعة مواقف الحياة في العملية الإرشادية

1. التخلص من مخاوف الماضي

في كثير من الأحيان يعيش بعض الأفراد حياة لا تحمل أي قيمة أو معنى كونه مرتبط بشيء حدث في الماضي ولا يستطيع التخلّص منه، مثل فقدان أو موت أحد الأقرباء أو الأحباء أو عدم القدرة في الحصول على علاقة ذات طابع معيّن مع أحد الأشخاص من الجنس الآخر، ليتولّد لدى المسترشد أفكار ذات طوابع سوادوية ولا يستطيع المسترشد التخلّص منها أو حتّى مراجعة ذاته لتعديلها، لتصبح عقدة تؤثر على كافة تفاصيل حياته

يقوم المرشد بمعرفة هذه المشكلة وتناولها كقضية يمكن قراءة تفاصيلها بدقّة متناهية، وبعد ذلك يتمّ تشريحها بصورة منطقية بحيث يظهر من خلالها الخطأ الذي حصل مع المسترشد، ومن خلال هذه القراءة يقوم المسترشد بمحاولة التخلّص من مخاوف الماضي ومواجهته بصورة أكثر فاعالية، وهذا الأمر من شأنه أن يخفّف من حدّة الخوف أو عدم القدرة على المواجهة وبالتالي التخلّص من هذه المشكلات

2. مواجهة الذات بصورة أكثر واقعية

يمكن للمسترشد أن يقوم بمواجهة ذاته ومعرفة الأخطاء التي ارتكبها سابقاً ويرفض الاعتراف بها إذا تكوّنت لديه القدرة على ذلك، ومن خلال هذا الطرح يمكن للمرشد أن يستخدم أساليب تتعلّق بالمشكلة التي شكّلت فارقاً في حياته وجعلت منها صاحب تأثير كبير في طريقة تعامله مع الآخرين.

وهذا الأمر من شأنه أن يجدّد الثقة لدى المسترشد ويزيد من قدرته على مواجهة الواقع بصورة أكثر واقعية وعدم التأثر بالماضي كما كان يحصل مسبقاً، لذا فالمسترشد من خلال الأسلوب الإرشادي الذي يتعلّق بمواجهة الماضي ومعرفة أبرز المواقف التي حصلت وذات تأثير يمكنه أن يتخطّى الكثير من المصاعب والعقبات التي لا تنتهي.

3. تقييم القرارات السابقة واللاحقة

من خلال مراجعة أبرز ما مرّ في الحياة من مواقف ذات تأثير على حياة المسترشد، يمكن أن يقف المسترشد على القرارات السابقة التي قام باتخاذها ويدرك هل كانت صحيحة ام خاطئة، وما هو القرار الأكثر صحّة في ذلك الوقت.

ويقوم المرشد باستعراض قصص مشابهة وحلول أكثر منطقية وعرض بعض الأفكار البنّاءة التي تساعد في التخلّص من هذه القرارت التي قد تحصل في المستقبل القريب، وعليه فالمسترشد من خلال الأساليب الإرشادية المتّبعة في الإرشاد النفسي يستطيع أن يتخطّى الماضي وأن يفكّر بالمستقبل بطريقة أكثر منطقية وواقعية، والمساعدة على تخطّي العديد من المشاكل الإرشادية.

4. تحديد التقييمات والحلول الأكثر نجاح

من خلال مراحعة مواقف الحياة يمكن للمسترشد أن يطّلع على أبرز الأحداث التي أثّرت في حياته بصورة عامة، وهذا الأمر يفتح المجال أمامه لتقييم الماضي وقراءة الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، وبالتالي القدرة على تبنّي الحلول الأكثر نجاحاً ورواجاً في ظلّ الظروف النفسية والاجتماعية والشخصية التي يعيشها المسترشد.

لذلك نجد أن قدرة المسترشد على تقبّل الماضي ومعرفة الأخطاء التي حصلت من خلاله تجعل من تلافي أخطاء الحاضر والمستقبل أمراً ممكناً، فالمسترشد هو من يستطيع أن يبني الطريق الصحيح في مواجهة العقبات النفسية التي تواجهه بنفسه.

5. إدراك نقاط القوة ونقاط الضعف لدى المسترشد

لا يمكن لنا أن نقرأ سلوكنا قراءة صحيحة ما لم نقم باستحضاره بشكل خاص، حيث أن مراجعة مواقف الحياة وتفسيرها وتحليلها يتيح للمسترشد المجال لمعرفة أبرز نقاط القوّة والضعف لدى شخصية المسترشد، وما هي المسلكيات الصحيحة التي يتوجّب دعمها أو المسلكيات الخاطئة الواجب التخلّص منها أو تعديلها أو التخفيف من أثرها.

ولعلّ المسترشد الذي يتمتّع بالمهنية يمكنه التغلّب على المشاكل الإرشادية ذات الصلة بالمواقف الحرجة التي مرّت به، ويعتبر هذا الأسلوب الإرشادي من الأساليب الإرشادية التي تمنح المسترشد القدرة على الوقوف مرّة أخرى ومواجهة أبرز التحديات التي كانت تشكّل فارقاً سلبياً في الماضي.


شارك المقالة: