اقرأ في هذا المقال
ما دور الإرشاد النفسي في تكريس منظومة القيم؟
علم الإرشاد النفسي علم قديم يتداخل في مبادئه مع مبادئ علم التوجيه والنصح الذي كان رائجاً في أزمنة مضت، ولكن مهما اختلف الزمان أو المكان أو الثقافة يبقى علم الإرشاد النفسي العلم الأكثر إنسانية وأكثر مصداقية، وتتجلّى فيه الكثير من العواطف والقيم والمبادئ التي لا يمكن أن يقوم هذا العلم بعيداً عنها، وعليه فإنّ علم الإرشاد علم يهتم بإنشاء العديد من القيم والمبادئ لدى المسترشد وتعزيزها.
الإرشاد النفسي حافز للمنظومة الأخلاقية:
إذا كان علم الإرشاد النفسي علم يقوم على مبدأ الإنسانية والألفة والمحبة وقبول الآخر، فهو بالطبع علم يعمل على تحفيز المنظومة الأخلاقية لدى المسترشدين وتعزيزها بأفضل صور ممكنة، ولا يمكن أن يكون للمسترشد سبيل واضح في قبول شروط الخضوع للعملية الإرشادية دون أن يكون قادراً على تعزيز المنظومة الأخلاقية لديه، وذلك لكونها العامل الرئيسي في قبول الآخر واحترامه والتعاطف معه، لكون النفس البشرية تميل إلى العواطف أكثر من القناعات التي تتعلّق بالمنطق، لذلك يكون عمل المرشد الناجح متعلّقاً بمعالجة الجانب الوجداني أكثر من أي جانب آخر.
من شروط العملية الإرشادية أن يكون المسترشد قادراً على قبول التغيرات العاطفية، وأن يكون قادراً على بثّ كافة أحزانه وآلامه التي كان يختزلها خجلاً في الزمن الماضي، ليجد أن العلاج الإرشادي يبدأ من العواطف التي لا يمكن أن تكون إلا طريقاً لتسهيل الاندماج مع المجتمع والبدء في استعادة الثقة بالنفس، فالمرشد الماهر يستطيع أن يستغل العواطف البشرية لتحفيز المبادئ والقيم التي تتعلّق باحترام الذات والثقة بالآخرين، كون الإنسان إن لم يكن قادراً على الثقة بنفسه فلن يستطيع أن يثق بالآخرين، وسيبقى مهزوزاً في كافة القرارات التي يقوم باتخاذها.
إنّ الفرد عندما تختلّ لديه منظومة القيم لن يستطيع أن يسيطر على تصرفاته وسيبدأ الشكّ لديه بصورة دائمة، وسيكون في نهاية المطاف وحيداً غير قادر على الوثوق بأحد، مما يجعل من العملية الإرشادية وسيلة سهلة للتخلّص من هذه الشكوك، بالتالي فإنّ الإرشاد النفسي علم يعمل على تحفيز المنظومة الأخلاقية وتحفيز باقي القيم الأخرى التي تتواجد في كلّ واحد منّا.