جادل بعض علماء النفس بأن أبحاث الإدراك يتم إجراؤها على مستوى أعلى من أبحاث الإدراك البشري، وأن العلماء الذين يعملون مع الدراسات الإدراكية يُطلب منهم أحيانًا حل المشكلات المتشككة، حيث تحدى العديد من علماء النفس والباحثين الافتراضات العلمية حول العلاقة بين حجم الدماغ والذكاء، وكذلك التحيزات ضد أنواع معينة من الكائنات الحية وتجربة دراسة الإدراك عليهم مثل تجربة الإدراك الحيواني، حيث تتحدى أبحاث الإدراك الحيواني في اعتبار أن العديد من القدرات والسلوكيات التي يُفترض غالبًا أنها تتطلب لغة أو قدرات تكنولوجية متطورة أو أنظمة قانونية قد تكون تمتلكها في الواقع حيوانات أخرى تفتقر إلى هذه الخصائص.
ما هو الإدراك في علم النفس
غالبًا ما يُفهم الإدراك على أنه ما يسمح بالسلوك المرن الموجه نحو الهدف من خلال معالجة المعلومات، تبحث أبحاث الإدراك عن السلوكيات المعرفية، وما نوع الآليات أو العمليات المعرفية التي تسمح بهذا السلوك، تتضمن الأسئلة الخاصة بالإدراك بما نوع التمثيلات التي نحتاجها لحل مهام معينة؟ وهل لدينا خرائط ذهنية أو ما وراء المعرفة أو مفاهيم رقمية؟ وكيف نتعلم؟ وهل لدينا فقط عمليات التعلم النقابي، أم أننا نتعلم أيضًا من خلال التجربة والخطأ أو اللعب أو البصيرة أو التقليد الاجتماعي؟ وكيفية حل المشاكلات؟ وهل يمكننا أن ننخرط ونتفاعل في التفكير المنطقي، التفكير السببي، التخطيط المستقبلي؟
يتناول بعض علماء النفس هذه الأسئلة ويكملونها بأسئلة خاصة بهم مثل هل يوجد معتقدات واعية؟ وما هي العلاقة بين اللغة والفكر؟ تتطلب الإجابة على أي من هذه الأسئلة تحقيقًا علميًا في الظاهرة والتحليل المفاهيمي للممتلكات النفسية على المحك، وتعد فلسفة العقول بمساعدة المعرفة على اكتساب فهم أعمق للمفاهيم المألوفة من خلال استكشافها في سياق جديد وأحيانًا في حياة ومجتمعات الأنواع الأخرى.
تميل أبحاث الإدراك إلى تجنب الأسئلة المتعلقة بالأفراد الأكثر ذكاءً من غيرها، مع التركيز بدلاً من ذلك على أسئلة أكثر تحديدًا، غالبًا ما يقول علماء النفس إنهم مهتمين أكثر بمدى التطور والنمو للازدهار الإنساني في بيئتهم، بدلاً من اهتمامهم بمدى ذكاءهم، حيث أن طريقة التفكير هذه حول الذكاء تجعل مقارنة الذكاء بين الأنواع محل نقاش مميز، حيث أن البحث النفسي المعاصر في الإدراك له جذوره في نظرية تشارلز داروين للتطور عن طريق الانتقاء الطبيعي للإدراك الخاص بالحيوانات.
تتمثل أطروحة داروين عن استمرارية العقلية عبر الأنواع من خلال الفرق في العقل بين الإنسان والحيوانات العليا ، على الرغم من أنه عظيم وهو بالتأكيد اختلاف في الدرجة وليس من النوع، ففي أصل الأنواع (1859) تجنب مقارنة البشر بالحيوانات الأخرى، وكذلك التخلي عن أي مناقشة لتطور القدرات المعرفية والنفسية، فإذا لم يكن أي كائن عضوي باستثناء الإنسان يمتلك أي قوة عقلية، أو إذا كانت قوته ذات طبيعة مختلفة تمامًا عن تلك الموجودة في الحيوانات الدنيا، فلن نكون قادرين على إقناع أنفسنا بأن قدراتنا العالية قد تطورت تدريجياً.
يشير حديث داروين عن المستوى الأعلى والأدنى إلى أن بعض الحيوانات أقل ذكاءً من غيرها، وأن البشر بقدراتنا العقلية المتقدمة هم في القمة، لكن هذا التفسير يتناقض مع الطريقة التي يحب علماء النفس المقارن التفكير بها بشأن الإدراك، على أنها مختلفة عن كونها أعلى أو أقل، علاوة على ذلك أصر داروين في كتابه الأصل على أن التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي غير هرمي فقط يتغير استجابةً للبيئة بدلاً من التحسن التدريجي من الكائنات الدنيا إلى الكائنات الأعلى.
في حين أن داروين معروف بأطروحته القائلة بأن هناك استمرارية بين البشر والحيوانات الأخرى في خصائصهم النفسية، فقد يُغفر لأحد أن يعتقد أن داروين كان أحيانًا متسرعًا بشكل مفرط في نسب بعض الخصائص البشرية إلى الحيوانات، حيث تقترح نظرية التطور عن طريق الانتقاء الطبيعي للإدراك أنه ستكون هناك اختلافات وكذلك أوجه تشابه بين الأنواع.
تمامًا كما تتميز عصافير داروين بأشكال مختلفة، يجب توقع اختلاف نفسي نظرًا للضغوط البيئية المختلفة، وبالتالي فإن النهج الدارويني للإدراك سيؤكد الاختلافات وكذلك أوجه التشابه، حيث تظهر المشكلات عندما يكون التركيز فقط على الأسئلة المتعلقة بأوجه التشابه دون الاهتمام أيضًا بالأسئلة المتعلقة بالاختلافات.
الافتراضات الأساسية في دراسة الإدراك في علم النفس
ترتبط إحدى الطرق التي ترتبط بها العلوم النفسية المعرفية بدراسة الإدراك بحقيقة أنه كما هو الحال مع أي علم، هناك العديد من الافتراضات الأساسية المضمنة في ممارسة أبحاث الإدراك في علم النفس، يتخذ علماء النفس مثلهم مثل جميع البشر اختيارات حول كيفية استخدام المصطلحات، فهم يتأثرون بصياغة الأسئلة والبحث عن البيانات في ضوء القيم التي لديهم.
ولديهم افتراضات حول الموضوعات قيد الدراسة، بالإضافة إلى وجهات نظر حول ما يجعل التفسير محترمًا علميًا من البيانات وفضائل التفسير العلمي الجيد، حيث يهدف علماء النفس إلى السعي إلى الموضوعية لكن السعي وراء الموضوعية يمكن أن يُدخل تحيزات جديدة في حد ذاته، كما نعلم من العمل في العلم النفسي حول الموضوعية.
توجد افتراضات فلسفية في أبحاث الإدراك في علم النفس، بشكل أكثر وضوحًا في كيفية تحديد القدرات قيد الدراسة، غالبًا ما تكون هذه التعريفات عملية مما يعني أنها تركز على التفاعلات السلوكية أو الفسيولوجية التي يجب على المرء أن يراها ويتعرف عليها لتأكيد امتلاكه لهذه القدرة، ولكن حتى التعريفات العملية تأتي مصحوبة بأعباء نفسية.
إن مجرد توضيح كيفية استخدام المرء لمصطلح معين قد يبدو علمًا جيدًا حيث يُعتقد أن هذا يوفر وضوحًا فيما يتعلق بما تتم دراسته بالضبط، وغالبًا ما يتم تعريف المصطلحات في الإدراك دون أي جدال أو ببساطة عن طريق إعادة إنتاج التعريف الذي قدمه عالم آخر أو تعريف مقبول بشكل عام في تقليد علمي معين.
ومع ذلك تأتي التعريفات المختلفة مع افتراضات وآثار مختلفة يمكن لعلماء النفس تحديد الأفراد وشخصياتهم التي ندرسها بحثًا عن سعة معينة والطرق التي نستخدمها لدراستها، وما الذي يعتبر دليلاً على هذه القدرة، علاوة على ذلك فإن تحديد أن فرد محدد لديه هذه القدرة أو تلك يمكن أن يكون له آثار أخلاقية عميقة، لذا فإن الطريقة التي نختار بها استخدام مصطلحاتنا بعيدة كل البعد عن الحياد المعياري.
تتمثل الافتراضات الأساسية في دراسة الإدراك في علم النفس في تحميل النظرية، حيث يمكن أن تكون الملاحظات وتعريفات المصطلحات محملة بالنظرية، من حيث أنها تعتمد على مجموعة من الافتراضات النظرية لتفسيرها، ومنها تلعب النظرية دورًا في افتراضات الخلفية في الإدراك حول استمرارية أو انقطاع العقلية عبر الأنواع المختلفة، أو فيما يتعلق بالعلاقة بين سلوكيات معينة وقدرات معينة، أو أفضل طريقة للحصول على نتائج جيدة من موضوعات البحث.
يمكن أيضًا أن تكون أبحاث الإدراك محملة بالنظرية ضمن نماذج بحثية معينة، حيث يعكس الاقتراح التنظير الفلسفي الحالي المرتبط بالوظيفة في فلسفة العقل، ونظرية الفعل والدور الاجتماعي التي وفقًا لها تنتج السلوكيات عن المواقف الافتراضية والمعتقدات والرغبات.