التشخيص في علم النفس الإكلينيكي

اقرأ في هذا المقال


بالرغم من الجُهود التي تم بذلها لسنوات كثيرة من أجل المحاولات في التخلص من مُشكلة التشخيص في علم النَّفس الإكلينيكي، إلّا أنّه لا تزال المشكلة بدون حل رغم الوجود الجزئي، فعلم النفس يعتبر أحد العلوم العميقة جداً والحديثة والمعاصرة، بالرغم من الجذور الفكرية التي امتدت لعصور ما قبل التاريخ، كذلك الإنسان بدوره في الجانب النفسي يعتبر أعمق وأَعْقَد الأشياء التي يُحاول التشخيص أن يفك الشيفرات الخاصة بها ولو في جانبها المضطرب.

التشخيص في علم النفس الإكلينيكي:

يرى لاجاش وهو أحد علماء النفس الإكلينيكي أننا لا يمكن أن نفصل بين الأمور المتكَيِّفة والمُضطَربة في سلوك الإنسان، ذلك نتيجة عدم عودتنا للقُصور الذي يرتبط بالتجانس والاتصال، فلا يمكن الفَصل بين الصِّحة والمَرض، إلّا أنّنا فيهِما نِهايتين مُختلِفتَيْن للصِّراع نرى أنّه لا يمكن لعِلم النفس الإكلينيكي إلاَّ أن يَضَعَهُما الواحد بالنسبة للأخر.
إنَّ التعرف على مسببات الاضطِرابَات والأمراض العَقلية والنَّفسية صعب جداً؛ فالنَّظريات التي فَسَّرت العُصَاب (المرض النفسي) أو الذُّهَان (المرض العقلي) قامت بالتركيز على جَانب واحد من التفسير؛ فمَثَلاً النَّظرة التحليلية قامت بالتركيز على الجوانب الغَرائزية، أمّا السُّلوكية فقد ركّزت على الجَانب الآلي، إلى غير ذلك من النَّظريات الأخرى التي فَسَّرَت مسببات وجهة نظر المَدرسة والمُسلَّمَات المُنطَلَقِ منها، إلّا أنّ النظرة التكاملية وبالرغم من شُمولها لِجوانبِ الإِنسان ونظرتها الكُلِّية، ظلت قَاصرةً على فَهمِ الأَسبابِ الحَقيقية.
أصبحَ التَّشخيص أحد مشاكل العَصر في عِلم النَفس الإكلينيكي خصوصاً، هذا لا يعني أنّه يقتصر على التخلص وكَشفِ العديد من الاضطِرابات النَّفسية، لكن يعني أنّه لا يزال في طَور النمو، أَي أنّ عِلم النَّفس لا يزال يطغى عليه بعضُ النِّسبية، فهو يَقع بين جانِبَين؛ الأول عُضوي مَادِّي بَحت، هو الجانب الفيزيولوجي وما يخص الأعصاب، أمّا الجانب الآخر الفكري وهو ما يركّز على الأَفكار وتَعديلها، أي أنه الشيئ الذي يَحمل النَّقيضَين في المَعنى الواحد، فالأفكار تُؤثر في تغير اللُّيونة العَصبية للجانب الفِزيولوجي، فتؤثر في الأفكار ومزاج الإنسان.
أنكر بعض عُلماء النفس العصبي المتطرفين الجانب النَّفسي واعتبروا الإنسان جَانب جِسمي فقط، كما اعتبروا أنّ ما يبقى من أفكار وتخيلات هي خُدعةٌ من الأَعصاب؛ أمّا آخرون فقد أنكروا الجَانب اليفزيولوجي فاعتبروا أنّ الهُرمونات والاختلالات هي تَحصيلُ حاصِل لأَفكارنا وبين هذا وذاك وَقَع الإشكال في تَشخيص الاضطراب، إلاَّ أنّه ظهرت العديد من التِّقنيات والتشخيصات التي سَاعدت على علاج كثير من الاضطربات والوقاية من الاختلالات النفسية.


شارك المقالة: