نتيجة للانتقاد الهدّام المسبق يتقبّل الناس خرافة أخرى، أو اعتقاداً آخر يضع الحدود على قدرات ذاتنا، ألا وهو اعتقادنا أنَّنا لا نستحقّ أن نكون ناجحين، ويعتبر هذا الشعور الداخلي الدفين، من عدم الاستحقاق شائعاً جداً بين هؤلاء الذين بدأوا حياتهم من أقل القليل، أو ممن نشأوا وعاشوا في أسر بسيطة الحال، كما ويمكن أن ينشأ هذا الشعور عن طريق بعض الأشخاص الذين يزرعون فينا أفكاراً خاطئة في مقتبل عمرنا، كقولهم “إنَّ الثراء لا يكون إلّا ﻷبناء الأثرياء فقط، والعلم فقط ﻷبناء العلماء” وهكذا، يمحون كلّ معنى من معاني العمل والمثابرة، وصولاً إلى الدونية.
نتائج الشعور بعدم الاستحقاق
إذا نشأنا على شعور عدم الاستحقاق لأي نجاح كان لسبب أو لآخر، ثمَّ أحرزنا نجاحاً في مجال عملنا، قد نَمرّ بتجربة تسمّى “أعراض التظاهر” فنشعر وقتها، وكأنَّنا نتظاهر بأنَّنا أشخاص آخرون في نجاحنا، وأنَّه سيتم اكتشاف حقيقتنا، فبغض النظر عن مقدار النجاح الذي حقّقناه في حياتنا، فسوف يساورنا خوف مزعج، من أنَّ هذا النجاح سينتزع منّا؛ لأنَّنا لا نستحقّه وﻷنَّ هناك آخرون أجدر به.
إذا شعرنا أنَّنا لا نستحق النجاح، فغالباً ما نحسّ بالذنب لتحقيقنا نجاحاً أعظم شأناً من نجاح الآخرين، وأنَّنا أقلّ قيمة منه، حيث نبدأ في تلك الحالة بالفرار من أحاسيس الذنب، والبدء في التدمير الذاتي، والسلوك في طرق خطيرة، كتناول الكحول، وتعاطي المخدرات، وعدم الاهتمام بالصحة، والابتعاد عن الأسرة، وصولاً ربّما إلى حالة الانتحار، وغالباً ما تقوم تلك الفئة من الناس بإنفاق أموالهم، في معيشة شديدة الصَّرف وتكون نهاياتهم وخيمة، فهم يشعرون في باطنهم العميق أنَّهم لا يستحقون نجاحهم، ونتيجة لهذا يقومون على تدمير نجاحهم.
علينا أن نتذكّر جميعاً أنَّ النجاحات ليست حكراً على أحد، وأن شعورنا بالنقصان، أو الدونية، أو شعورنا بالخوف من النجاح، لا مبرّر له، فنحن موجودون ونستطيع أن نكون الأفضل، ونستطيع أن نُحقّق كافة طموحاتنا وأهدافنا، دون الالتفات إلى إخفاقات الآخرين، إلّا على سبيل الخبرة، فالنجاحات لا تعرف الأثرياء ولا تعرف الجنس ولا اللون، فهي نجاحات تسجّلها الأيام، لتكون تاريخاً مُشرّفاً لنا، وإلّا فلن يتذكّر أحد أعمالنا ولا حتّى أسماءنا أو مَن كنّا.