اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الاستمرارية
- الصحة النفسية وما يقدمه الطفل للاستمرارية
- أهمية الصحة النفسية للأطفال
- دور الأسرة في دعم الصحة النفسية للأطفال
- التحديات التي تواجه الصحة النفسية للأطفال
يرى العديد من العلماء أنَّ أغلب أعراض الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، تبدأ بالظهور في مرحلة الطفولة، كذلك أنَّ هناك تغيُّرات تحدث في الجسم تؤدي فيما بعد للإصابة بالمرض النفسي قبل أن تبدأ أعراضه بالظهور، بالتالي فإنَّ مساعدة الأطفال وتوعية أسرهم حول كيفية التعامل مع الصعوبات المبكرة في حياة الطفل، قد تساهم في الحد من إصابة الأطفال بالاضطرابات النفسية لاحقاً.
مفهوم الاستمرارية
هي أساس النجاح سهل بالشكل وصعب بالتطبيق، ذلك بسبب أنَّ العقل دائم التذمّر ولا يهوى الاستمرار في شيء واحد، فالعقل يحاول بشكل دائم في أن يعطيك المبررات أنَّ هذا الاستمرار لا جدوى منه، كذلك يعطيك البدائل التي ممكن أن تطبقها بدلاً من أن تستمر في هذا الشيء.
الصحة النفسية وما يقدمه الطفل للاستمرارية
على الصعيد الوجودي فإن الطفل الذي يشعر بالنقص، قد يستوعب هذا الوجود بأكمله خاصة إذا اشتدت إحباطات الحياة الخارجية وإنجازاتها، كذلك إذا تفاقم إحباط الرباط الزوجي في الأسرة، فيكون الطفل ليس مجرد استمرارية، بل هو استمرارية تعويضية.
يُطلب من الطفل في الكثير من الأحيان أن يقوم نيابة عنّا بتعويض ما فاتنا، باعتباره الصورة لذاتنا والممثل لها، ذلك لعلاج الحرمان الذي عشناه في طفولتنا وتحسين صحتنا النفسية، كما يحدث في بعض حالات التدليل الزائد، حيث يبالغ الأهل في دليل أولادهم كوسيلة لإكرام الطفل، فالطفل سبيل الإحساس بالمتعة والحصانة من خلال قوة العزوة المتمثلة في كثرة الأولاد، فهو مجال للافتخار بالإنجاز الذاتي وتحقيق المشروع الوجودي، من خلال الذريّة الصالحة وحسن تربيتها، فهو عطاء طيب للجماعة، مما يولِّد الإحساس باستحقاق الفضل والمكانة له.
أهمية الصحة النفسية للأطفال
الصحة النفسية السليمة في الطفولة هي الأساس الذي يبني عليه الطفل مستقبله. إليك بعض الأسباب التي تجعل الصحة النفسية للأطفال مهمة للغاية:
التطور الاجتماعي والعاطفي: الأطفال الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة قادرون على تكوين علاقات إيجابية مع أقرانهم وعائلاتهم. فهم يتعلمون كيفية التعبير عن مشاعرهم، التفهم، والمشاركة، مما يساعدهم على بناء شبكة دعم قوية تستمر معهم في مراحل حياتهم المختلفة.
التحصيل الأكاديمي: الأطفال الذين يشعرون بالراحة النفسية أكثر قدرة على التركيز في الدراسة والمشاركة في الأنشطة التعليمية. هذا يؤدي إلى تحسين التحصيل الأكاديمي وزيادة فرص النجاح في المستقبل.
القدرة على مواجهة التحديات: الصحة النفسية الجيدة تعزز من قدرة الطفل على التكيف مع التحديات والصعوبات التي قد يواجهها، مثل الانتقال إلى مدرسة جديدة أو التعامل مع الخلافات العائلية. الأطفال الذين يتمتعون بصحة نفسية قوية يكونون أكثر مرونة وقدرة على تجاوز العقبات.
الوقاية من الاضطرابات النفسية المستقبلية: العناية بالصحة النفسية للطفل منذ الصغر تساهم في الوقاية من تطور اضطرابات نفسية في المستقبل. حيث أن الأطفال الذين يتلقون الدعم المناسب يكونون أقل عرضة للاكتئاب والقلق في مراحل لاحقة من حياتهم.
دور الأسرة في دعم الصحة النفسية للأطفال
الأسرة تلعب دورًا محوريًا في دعم الصحة النفسية للأطفال. من خلال توفير بيئة آمنة ومستقرة، يمكن للوالدين والمربين تعزيز الصحة النفسية لأطفالهم بطرق عدة:
التواصل المفتوح والدعم العاطفي: من المهم أن يشعر الطفل بأنه يستطيع التحدث عن مشاعره وأفكاره بحرية. التواصل المفتوح مع الأطفال يساهم في فهم مشاعرهم ويساعدهم على التعبير عن مخاوفهم واحتياجاتهم. الاستماع النشط وتقديم الدعم العاطفي المستمر يمكن أن يعزز الثقة بالنفس ويساعد في بناء علاقة قوية بين الطفل والوالدين.
تعليم مهارات التعامل مع الضغوط: الأطفال يحتاجون إلى تعلم كيفية التعامل مع التوتر والضغوط بطريقة صحية. يمكن للوالدين تعليم أطفالهم تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق والتأمل، وتشجيعهم على ممارسة الرياضة أو الانخراط في أنشطة تساعدهم على الاسترخاء.
تعزيز الروتين والاستقرار: الروتين اليومي والاستقرار العائلي يمنح الأطفال شعورًا بالأمان والثقة. من خلال تقديم بيئة مستقرة، يمكن للأسرة مساعدة الطفل على التعامل مع التغيرات والتحديات بسهولة أكبر.
تشجيع اللعب والتفاعل الاجتماعي: اللعب هو جزء أساسي من نمو الطفل العاطفي والاجتماعي. من خلال اللعب، يتعلم الأطفال كيفية التفاعل مع الآخرين، حل المشكلات، وتنمية المهارات الاجتماعية. تشجيع الأطفال على اللعب مع أقرانهم والانخراط في أنشطة جماعية يساهم في تعزيز صحتهم النفسية.
تقدير الجهود والإنجازات: تقديم التشجيع والتقدير لجهود الطفل وإنجازاته يعزز من شعوره بالثقة بالنفس ويحفزه على الاستمرار في المحاولة والتعلم. الشعور بالتقدير يساعد الأطفال على بناء صورة إيجابية عن الذات، مما يؤثر بشكل إيجابي على صحتهم النفسية.
التحديات التي تواجه الصحة النفسية للأطفال
على الرغم من أهمية دعم الصحة النفسية للأطفال، إلا أن هناك تحديات قد تواجهها الأسر والمجتمعات في هذا السياق:
الضغوط الأكاديمية: الضغط لتحقيق التفوق الأكاديمي يمكن أن يسبب التوتر والقلق لدى الأطفال، من المهم تحقيق توازن بين الأداء الأكاديمي والصحة النفسية.
التنمر: التنمر يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الصحة النفسية للطفل. من الضروري توفير بيئة مدرسية داعمة وتعليم الأطفال كيفية التعامل مع التنمر.
العوامل الاجتماعية والاقتصادية: الأسر التي تواجه تحديات اقتصادية أو اجتماعية قد تجد صعوبة في توفير الدعم النفسي الكافي للأطفال. هنا يأتي دور المجتمع في تقديم الدعم والمساعدة لتلك الأسر.
التغيرات العائلية: الطلاق، فقدان أحد أفراد الأسرة، أو الانتقال إلى بيئة جديدة يمكن أن يسبب ضغوطًا نفسية على الطفل، من الضروري توفير الدعم النفسي والاجتماعي خلال هذه الفترات.
الصحة النفسية للأطفال هي حجر الأساس الذي يبنى عليه مستقبلهم. من خلال تقديم الدعم المناسب وتعزيز بيئة آمنة ومستقرة، يمكن للأسر والمجتمعات مساعدة الأطفال على تطوير مهارات حياتية تمكنهم من مواجهة التحديات بثقة ونجاح. إن الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال لا يضمن فقط استمرارية رفاهيتهم في الحاضر، بل يبني أيضًا قاعدة قوية لصحتهم العقلية والنفسية في المستقبل، مما يساهم في بناء جيل قوي وسليم قادر على الإسهام في مجتمعه بشكل إيجابي وفعال.