تبدأ عملية تكوين شخصية الطفل منذ المراحل الأولى في حياته، وقد تظهر لديه بعض المشاكل التي تسبب القلق للوالدين، خصوصاً إذا استمرت المشكلة وتفاقمت، ومن هذه المشكلات التي قد تواجه الأهل والطفل مشكلة الخجل.
ما هو مفهوم الخجل
الخجل هو تصرُّف انفعالي يسبب الانطوائية للطفل، وابتعاده عن الناس والأصدقاء من عمره، فالطفل الذي يكون في البيت نشيط وكثير الحركة ويلعب مع اخوانه وعند الخروج من البيت يصبح عكس ذلك، فمثلاً يبدأ بالصراخ إذا تكلم معه شخص غريب، أو لا يجيب إذا تكلم معه أقربائه.
أشكال الخجل عند الطفل
قد يتَّصف الطفل الخجول بالتردد، وعدم الثقة بالنفس، ويميل إلى الانطواء والعزلة، والحديث بصوت منخفض، وقد يكون بطيء أثناء الحديث، وقد يتكلم بتأتأة إذا تحدث معه شخص غريب، يجلس عادةً في المقاعد الخلفية في المدرسة أو الروضة، حيث يميل دائماً إلى الابتعاد عن الأنظار، وعن مواجهة الآخرين.
قد يؤدي الخجل إلى خلل في الأداء الاجتماعي للطفل ورغبة في الانعزال في أغلب الأوقات، و إلى تأخر الطفل دراسياً عادةً.
يوجد فرق بين الخجل والحياء وعلى الأهل أن يفرّقوا بينهم، فالخجل مشكلة ويجب علاجها فهو يحجب الطفل عن ملاقاة الناس والاختلاط بهم، والخوف من التعامل معهم، أما الحياء فهو أمر طبيعي ومحبب بالغالب، مثلاً الحياء قد يمنع الطفل من ارتكاب الأخطاء أمام الناس لصونِ كرامته.
أسباب الخجل عند الطفل
هناك أسباب كثيرة لمشكلة الخجل ونذكر هنا أهمها:
1- الوراثة: تلعب الوراثة دوراً كبيراً في مشكلة الخجل، حيث يرى العلماء والباحثون أنَّ الجينات الوراثية لها تأثير كبير، فالطفل الخجول غالباً ما يكون له أقارب يتمتعون بهذه الصفة كالأم والأب أو الجد، أو العم وغيرهم.
2- أسلوب معاملة الوالدين: مثل اتّباع أسلوب الحماية الزائدة للطفل حيث تقلق الأم على طفلها بطريقة غير عادية، وتراقب تصرفاته باستمرار بهدف حمايته وهذا يؤثر بشكل سلبي على شخصيته وقد يحول دون انطلاقه واستمتاعه باللعب والتواصل مع أصدقائه.
3- القسوة وأسلوب التشدد في معاملة الطفل: والإكثار من الصراخ عليه وتوبيخه عندما يخطأ خاصةً أمام أصدقائه ، فهذا يثير لدى الطفل الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس، فيلجأ للغياب عن أعين الآخرين.
4- الانغلاق الأسري: بمعنى أن تكون الأسرة ليست اجتماعية وتقضي معظم أوقاتها بالمنزل، ولا تختلط بالآخرين، فيتربى الطفل في جو أسري مغلق لا تتوفر فيه العلاقات الاجتماعية والاختلاط والتعامل مع الناس هكذا يتعود على عدم وجود الناس والأصدقاء بحياته، ولا يُسمح فيه للطفل بالاحتكاك بالأقارب والأصدقاء أو الجيران بالشكل الطبيعي العادي مما يجعل الطفل مُنطوٍ يُفضل العزلة.
5-قصور القدرات العقلية للطفل: هناك علاقة كبيرة بين خجل الطفل وقدراته العقلية لأنَّه غالباً ما يكون الخجل ناتجاً عن عدم القدرة عن التعبير، نظراً إلى أنَّ الجسم ينمو بصورة طبيعية في حين لا ينمو العقل بنفس السُّرعة، وهذا التناقض يؤدي إلى ظهور الخجل نتيجةً لعدم نمو ملكات التعبير والاستيعاب وتناقص قدرات التعامل مع الآخرين، حيث لا يجد الطفل الحصيلة اللغوية التي يحتاجها للتعبير عن نفسه في أيِّ موقف يوضع فيه.
6- الشعور بالنقص: وهو من أهم أسباب الخجل عند الأطفال، وله عدة أوجه قد يخجل الطفل من شكله، لون بشرته، من تدني مستوى ملابسه أو قلة مصروفه أو أدواته المدرسية عند مقارنتها بأغراض زملائه بالصف، وقد يكون الشعور بالنقص إذا كان عنده مشكلة جسدية، أو إعاقة، كالعرج أو ضخامة الجسم، قصر القامة ، القصر الشديد، أو ضعف السمع.
7- التأخر الدراسي: إذا تأخر الطفل دراسياً عن باقي زملائه لأسباب عدة، أو أنَّه أقل في قدراته الدراسية من زملائه هذا يُشعره بالخجل.
8- الخلافات بين الوالدين: الجو الأسري المشحون بالخلافات الدائمة المستمرة يسبب مخاوف غامضة للطفل يشعر بها مع عدم الأمان مما يؤثر في نفسيته ويفضل الانطواء والابتعاد عن الآخرين.
علاج الخجل عند الطفل
- عدم التحدث مع الطفل عن مشكلته بشكل مباشر، وعدم تعنيفه أو توبيخه أو الاستهزاء منه.
- تحديد مصدر الخجل والسبب الرئيسي للمشكلة وكيف نشأت، تحديد المواقف التي تثير مشاعر الخجل في نفسه حتى يتم التركيز على تجنب الأسباب قدر الإمكان.
- توفير الجو الهادئ في البيت، وتجنب القسوة في معاملة الأسرة والابتعاد عن المشاحنات بين الوالدين وتأجيل المشاكل إلى وقت لا يكون الطفل موجود.
- إخفاء القلق الزائد على الطفل واللهفة عليه، وإعطائه فرصة للاعتماد على نفسه، وأن يواجه بعض المواقف الاجتماعية بهدوء وثقة، وتشجيعه والثناء عليه ومدحه باستمرار.
- إشراك الطفل في وسط مجموعة من الأصحاب حيث يُمارس اللعب والهوايات معهم أو يتعلم معهم مهارات جديده، وهذا يعطيه المجال كي يشعر بذاته وشخصيته، ويخلق له الفرص المناسبة للتخلص من خجله.
- تدريب الطفل بشكل تدريجي دون إجباره على مواجهة المواقف الاجتماعية، والتعامل مع الأطفال الآخرين أو الأقارب والجيران، مثلاً عن طريق تدريبه بشكل يومي لمدة عشر دقائق، كأن يحكي قصة صغيرة مثلاً أمام الأصدقاء، ومكافأته على ذلك بإعطائه حلوى أو هدية أو تشجيع لفظي.
- عدم جعله هو ومشكلته محور الحديث اثناء تجمع الأقارب والأصدقاء.