الخجل جزء من إيمان الشخص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار”، رواه الترمذي، لكن الخجل الشديد المؤدي إلى الانطوائية ليس جيدًا لبناء علاقة الفرد مع إخوته وأخواته وأقاربه في الإسلام، قد يتأثر حياة شخص بأكملها من هذا الصفة، وفي معظم الأحيان تقطع بعض العلاقات هذا الشخص مع زملائه وأقاربه جراء هذه الخصلة.
الطفل المنطوي في الإسلام
في الوضع الطبيعي يولد الأبناء وشخصياتهم مختلفة منها المتوسطة ومنها الحادة ومنها الضعيفة ومنها الخجولة، والخجل الزائد عن الطبيعي يؤدي إلى الانطوائية للطفل، وللوالدين الدور الأكبر في تطوير هذه الصفة أو تخليص الطفل منها؛ لأن خجل الطفل الشديد يؤدي إلى حدوث ارتباكات وإخفاقات للطفل في حياته.
وبعض الآباء يحملون هذه الإخفاقات ضد الطفل، ودائمًا ما يتم تفسير أفعاله بشكل خاطئ، ونتيجة فعل الوالدين وتعزيز صفة الانطوائية وعدم مساعدة الطفل للتخلص منها؛ فيؤدي في معظم الأحيان إلى طفل منعزل عن الاختلاط بأي من أقاربه وأصدقائه، ويخاف أن يتحمل المسؤوليات خوفًا من أن يخطئ ولا يقدر على تحملها.
والخجل ليس صفة سيئة في الإسلام بل هو مجلبة للخير، ولكن الخجل المبالغ به المؤدي إلى الانطواء والعزلة هو الذي يجب أن يساعد الأهل الطفل على التخلص منه، فتجعله هذه الصفة يبتعد عن الناس، والخوف من الفشل ونحو ذلك، وهو نوع من الضعف والاضطراب النفسي يجب معالجته بالاستعانة بالله تعالى، والثقة الكاملة به، والإكثار من الاستغفار فكل هذا يكون من الطفل والأهل.
كما يجب على الوالدين والطفل أن يضعوا في اعتبارهم قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ. احْرِصْ على ما يَنفعُكَ، واسْتَعنْ باللهِ ولا تَعجزْ. وإنَّ أصابك شيءٌ فلا تقلْ: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قدَرُ اللهِ وما شاءَ فَعَل، فإنَّ (لَوْ) تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ”، رواه مسلم.
ويجب على أولياء الأمور الحذر من التوبيخ الشديد لأبنائهم في أوقات الفشل؛ لأن هذا يؤدي إلى عواقب وخيمة كثيرة ولما له أثر على شخصية الطفل وتعرضه للانطوائية، وإن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال.
عن أنس قال “ما مسستُ بيدي ديباجًا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألْينَ مِن كفِّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، ولا شممتُ رائحةً قطُّ أطيبَ من ريحِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولقد خدمتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عشرَ سنينَ فواللَّه ما قالَ لي : أُفٍّ قطُّ ، ولا قالَ لشيءٍ فعلتُهُ : لمَ فعلتَ كَذا ولا لشيءٍ لم أفعلْهُ ألا فعلتَ كَذا”، البخاري ومسلم.
ويتميز الطفل الانطوائي بالعزلة الاجتماعية، فمن المهم أن يفهم الآباء شخصية الطفل الانطوائي؛ هذا لأن كل طفل لديه ميول مختلفة ويمكن أن تؤثر على فعالية ونجاح تعليم المهارات الرئيسية واللغة، وتؤثر صفة الانطوائية عند الطفل بشكل كبير على استيعاب القراءة والتعلم لديه.
وفي النهاية يتمتع الأطفال الانطوائيين بعالم داخلي حي وحاضر بالنسبة لهم، ويتعاملون مع الجوانب الأعمق للحياة، والانطوائيين يتعبون بسهولة من خلال التواصل الاجتماعي ويحتاجون إلى الكثير من فترات الراحة لإعادة شحن طاقتهم.