العوامل المؤثرة في السلوك الاجتماعي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


بوسع العديد من الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة التعبير على نحو واسع عن الكيفية التي ينبغي بها التصرف في المواقف الاجتماعية، غير أن هذا الأمر قد يعسر على الوالدين والمدرسين استيعاب المشكلات الاجتماعية المتصلة بهؤلاء الأطفال.

العوامل المؤثرة في السلوك الاجتماعي لاضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

غالباً ما يتمكن الأطفال المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من تحليل السلوكيات المناسبة واختيارها وعرضها في المواقف الافتراضية، غير أنهم غالباً ما لا يؤدون السلوكيات ذاتها في تفاعلات الحياة الاجتماعية الحقيقية.

فعلى سبيل المثال طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام ومصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، يريد الانضمام إلى مجموعة أطفال في لعبة، وكان قد أخبر والديه ومُدرسة سابقاً عن إمكانية نجاحه الكبيرة في حالة طلبه المشاركة في المجموعة قبل الانضمام إليها فعلياً، ويظهر ذلك وجود دراية اجتماعية كافية، لكن عندما يواجه الطفل الموقف ذاته في الملعب، فإنه يحاول الانضمام عن طريق مقاطعة اللعبة ومحاولة تغيير قوانينها، مما يبين وجود قصور في الأداء الاجتماعي لديه.

ونتيجة لذلك تتجاهله مجموعة الأقران أو تنبذه، ومن هنا فعلى افتراض وجود دراية اجتماعية كافية لديه، لا يستوعب والداه ومدرسة؛ بسبب عدم تمكنه من التصرف على نحو ملائم في المواقف الاجتماعية، مما يقودهم إلى الاعتقاد بأنه غير ناضج اجتماعياً، وقد تسهم عوامل عديدة في قصور الأداء لدى الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، ويتمثل أحد العوامل في وجود مشكلة في الاندفاعية أو منع الاستجابة.

قد تفضي اندفاعية الأطفال إلى أهداف اجتماعية غير ملائمة، وترتبط الاندفاعية أيضاً برغبة قوية لطلب إشباع فوري وبإخفاق في إدراك النتائج بعيدة المدى للسلوك، مثلاً فقد يكون هدف الطفل أن يصبح عضواً في المجموعة بأسرع ما يمكن، فهو يرغب كثيراً في الانخراط مع أقرانه؛ مما يدفعه إلى توظيف استراتيجية غير مناسبة، ويخفق في إدراك نتائج كونه متطفلاً على الآخرين، وأما العامل الآخر الذي يمكن أن يؤثر على السلوك الاجتماعي للأطفال فهو كيفية تفسير الأطفال للأحداث.

ومثال على ذلك وجود طفل عدواني مصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، قد صدم من أحد الأقران من الخلف، ولم يكن واضحاً فيما إذا كان ذلك حادثاً مقصوداً أو عرضياً، يتوجب هنا على الطفل أن يفسر نوايا زميله، وحيث أن الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يتوقعون نوايا عدائية في المواقف الاجتماعية الغامضة، فسوف يتسرع الطفل إلى الاستنتاج بأن زميله قد اصطدم به عن قصد.

ويطلق على هذه النزعة مصطلح النزعة العدائية التحيزية، وإذا ما أظهر الطفل نزعة عدائية تحيزية لدى صدمها من الخلف، فيرجح جداً أن تقوم بدفع الطفل بعنف، ويعتبر مستوى الطفل المتعلق بالسيطرة الانفعالية عاملاً آخر يمكن أن يؤثر في السلوك الاجتماعي، ويشير مصطلح السيطرة الانفعالية إلى مقدرة الطفل على التحكم باستجاباته الانفعالية نحو حدث.

ويعاني العديد من الأطفال المصابين باضطراب عجز الانتباه اجتماعي وفرط الحركة من صعوبة في التحكم بانفعالاتهم في المواقف الاجتماعية، إذ يصيبهم الاستياء والغضب بسرعة كبيرة، وغالباً ما يكون غضبهم حاداً جداً وبالمقابل يمكن أن تؤثر استجابتهم الانفعالية في مقدرتهم على تفسير الموقف على نحو سليم، وهناك عوامل عديدة قد تقود الطفل المصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة إلى القيام بسلوك اجتماعي غير ملائم.

وعلى الرغم من فائدة دراسة كل عامل على حدة، فيجدر إدراك أن هذه العوامل تتفاعل جميعاً، ولتحديد استجابة السلوك من قبل الطفل، فعلى سبيل المثال طفل مصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، يقوم مراراً بسلوك عدواني خلال وقت طعام الغداء، ويكون رد فعله عدوانياً في حالة قيام أحد الأقران بالاحتكاك عرضياً أو سكب الحليب عليه عن غير قصد؛ وذلك لأنه يعتبر ذلك مقصوداً.

وعندما يتحدث المرشد إليه يدرك أن الطفل لا يعرف لماذا يقع في مشكلات مع أقرانه، لكنه قادر على التفكير ببعض الأفكار المفيدة للتعامل مع المواقف التي تنشأ وقت طعام الغداء، ومن هنا يتضح لنا أن الهدف الاجتماعي للطفل المتمثل في اعتبار نفسه مسؤولاً عن الآخرين، وإضافة إلى رغبته الكبيرة في تحقيق إشباع مباشر يسهمان في مشكلاته الاجتماعية.

وفي الختام أن اندفاعية الطفل ذو اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة وميله نحو الانفعال بسرعة واستعداده المسبق للنزعة العدائية التحيزية تقود الطفل إلى إساءة تفسير نوايا الأطفال الآخرين وإلى الرد بشكل عدواني، وحيث إن الطفل يخطئ في الافتراض أن الأطفال يصطدمون به ويسكبون الحليب عليه عمداً، فيقوم سريعاً بردات فعل مختلفة وعدوانية.


شارك المقالة: