يتعب الأهل في تربيةِ أبنائهم تربية صالحة على الأخلاق، المودة، التسامح، حسن التّصرف، أدب المُعاملة، ليس غريباً في أنّ الأهل يخافون أشدَّ الخوف إذا رأوهم ينحرفون عن النهج الذي ربوهم عليه بمجالسة رفاق السوء؛ لأنّ تأثير الصديق على صديقه أشدّ وأسهل، وإنّ مُحاولة الأهل في إبعاد أبنائهم عن رفاق السّوء يُعتبر بمثابة تحدي حقيقي؛ لأنّه سيتلف ما قاموا به خلال سنين بعدَّة أيام.
من هو رفيق السوء
هو الشّخص الذي يتمنّى الشّر لصديقه، يَدلّه إلى فِعل الشّرور، ارتكاب الآثام والمعاصي، تغليب المصلحة على جميعِ تصرُّفاته، يسعى إلى تحقيق مصالحِه على حساب مصالح صديقه، حتّى لو كان يسبّب الضّرر المادي أو المعنوي للصديق، إنّ هذا الأمر يُسمّى استغلال، بالتالي إنّ رفقة السوء تقتصِر على تحقيق المصالِح فقط، يتصف بالعديد من الصِّفات، الخيانة، عدم الوفاء، الاستغناء عن الصّديق في أيِّ وقتٍ من الأوقات، انعدام الثّقة بالآخرين
كيف يؤثر رفاق السوء على المراهق
فقد يكون هذا التّأثير على شكل تقليد المُراهق لأَصدقائه في مُعظم جوانِب حياتِه، قد يُقدم المُراهق على أفعال لا تتناسَب مع تربيته، حتى يُجاري أصدقائه، يلقى استحسانَهم ومحبتهم، يقُوم بِتجارب وأُمور جديدة لأوّل مرة.
التأثير الإيجابي للأصدقاء على المراهق
يكون التأثير الإيجابي في مصلحة المراهق، مثلاً يتأثر المراهق بأصدقائه بشكل إيجابي، بأن يُصبح أكثر ثقة بنفسِه، أكثر حزماً، أن يُصبح أكثر فعاليّة في مجتمع المدرسة حتى يُجاري أصدقاءه.
التأثير السلبي للأصدقاء على المراهق
فقد تُسبّب الرَّغبة في مجاراةِ الأصدقاء، ضغطاً على المُراهق من النّاحية الصحيّة والسلوكيّة مثلاً، قد يُجرِّب المراهق أمورًا تضر بصحته، كالتدخين، لمُجرد إثبات شجاعته أمام أقرانه.
- التشبُّه بالأصدقاء في المظهر.
- التشبُّه بالأصدقاء في قصَّة الشعر وطريقة اللبِس.
- مُشاهدة البرامج والمُسلسلات نفسها التي يُتابعها أقرانُهم.
- تتغير طريقة الكلام، استخدام ألفاظ أصدقائِهم نفسها أثناء الحديث.
- العناد، مُخالفة القواعد المنزليّة.
- الابتعاد أو ترك الدّراسة كُلياً.
- مُمارسة الأُمور التي تُخالف التّربية والمبادئ، كالتدخين، المخدرات، شرب الكحول.
- الحث على أذيَّه الخلق.
- التذكير بالفساد.
أسباب تأثر المراهق بالأصدقاء
- الأصدقاء هُم أقرب النّاس من حيث العمر للأبناء، المستوى الثقافي، مستوى الإدراك، يتقارب لدى الكثيرين منهم، لذلك إنّ الأسلوب الذي يتّبعه البعض دون قصدٍ منهم أو جهد كبير ليقوم أصدقائهم بسلوكيّاتهم وتصرُّفاتهم و التقيُّد بآرائهم، هو الأسلوب الأقرب إلى نفسهم.
- إنّ العلاقة بين الأَصدقاء هي علاقة وقتيّة وزمانيّة، لا يوجد فيها شخص مسؤولٌ عن الآخر، لا وصايَة لأحدٍ على الآخر، بينما توجد وِصاية واضِحة من قبل الأَب والأُم على الأبناء، لذلك إنّ درجة تقبُّل ما يقوم به الزُّملاء والأصدقاء أكبر تأثير على الأبناء من تأثيِر الأَب والأُم.
- مُمارسة بعض السلوكيّات أو التصرُّفات بين الأصدِقاء تكون مُمارسة تشاركية، بمعنى أنّ أي فعل يقومُون به يتشاركون فيه في الثّواب والعِقاب، أمّا مع الأهل فإنّ مُعظم الأفكار والسّلوك التي تُطلب من الابن تكون فرديّة.
- للقدوة دور كبير، حيث يُعدُّ الصّديق قُدوة حقيقيّة لصديقه، بينما يفقِد الكثير من الأَهل مبدأ القدوة، فمثلاً لا يطلُب الصّديق من صديقِه القيام بعمل ما، إلّا إذا كان قد جرَّبه أو اختبره، فيطلُب من صديقه مُشاركته له في المرّة الأولى، كتجربة الدخان سويّة، فيكُون قُدوة حقيقية له في الفعلِ والقول، أمّا الأهل فإنَّ بعض الآباء يطلبون من أبنائهم عدم التّدخين أبداً، بينما يتناولون أمامهم الدخان
- الاختياريّة لها دور كبير، فعندما يختارُ الابن صديق معين له، يكوُن قد اختارَ شخصاً مُحبَّباً لديه، أعجبهُ في شيء ما، تأثر بموقفٍ معه، جمعتهُما بعضُ الأفكار والمواقف كرياضة معينة، الاهتمام بمادة دراسية ما، لذلك إنّ آراء هذا الشخص يكون لها تأثير كبير، رغم أنّ محبَّة الوالدين قويّة لدى الغالبية العُظمى من الأبناء، إلّا أنّ تأثير هذهِ المحبَّة في التّربية يكون محدود، إذ لا يربُط الابن بين المحبّة والتربية.
مخاطر رفاق السوء على المراهق
- إنّ أصدقاء السُّوء هم سبب لإفساد أخلاق المراهق، فالمراهق عندما يُحاط برفقةِ السوء يتأثّر بهم بشكل كبير؛ ذلك بِسبب حثِّهم المُستمر له على ارتِكاب الذّنوب والمعاصي، كما إنّ نفس الإنسان بطبعها تتأثّر بشكل كبير جداً بما يَطرق المسامع ويُداعب التطلُّعات و الشهوات من الكلامِ الذي يُجمِّل الباطل والعبارات التي تُؤثّر فيها.
- إنّ صداقة السّوء قد تؤدِّي بالإِنسان إلى الهلاكِ والضّياع، فكثيرٌ من رفاق السُّوء يجعلون الِإنسان يرتكِب أُموراً قد تنعكِس آثارُها سلباً عليه في حياتِه، فالمخدرات هي من نتائِج رفقة السّوء، قد تؤدِّي إلى تدمير المُستقبل للإنسان وتصبح سُّمعته سيئة طوال حياته.
- إنّ صداقة السوء تؤدِّي إلى تدمير الحياةِ الشخصيِّة، الاجتماعيِّة للمراهق، فالناس عندما يرون الإِنسان يتتبَّع طُرق السُّوء ويسلُكها، يصاحب الأشخاص السيئين، يبتعدون عنه وينفُرون منه ممَّا يؤدِّي إلى عُزلته عن المجتمع الذي يعيش فيه.
كيف أبعد ابني عن رفاق السوء
- يُركِّز الكثير مِن الأهل على المكانِ الذي يسكُنون فيه، يختارُون مَكاناً يكُون في منطِقة هادِئة ونظيفة، تتمتّع بوُجود أُناس طيّبي السُّمعة، إذا صَعُب عليهم ذلك يبتعِدون عن المناطِق التي تتمتّع بسُمعة سيّئة، حيث يُوجد في كلّ مدينة، بعضُ الأحياء التي تُعرف بأنّها كثيرةُ المشاكِل، يكون الناس فيها قليلي الاهتِمام بتربيةِ أبنائِهم ومُتابعتهم.
- يهتمُّ الأهل باختيار المدارس ذات السُّمعة الجيّدة، لتسجيلِ أنبائهم فيها، خاصّةً أنّ المدارس تُعدُّ من أكثرِ الأماكن تأثيراً في الأبناء، يقضوُن فيها وقتاً طويلاً، يتعرّفون فيها على أصدقاء يبقون أحياناً طوالَ العُمر، إنّ رقابة الأهل لأصدقاءِ المدرَسة تكون أصعَب من رقابةِ أصدقاءِ الحي، ذلك يقومون بالبحث عن المدارِس التي تُعرف باهتمامها بالأخلاقِ قبل العلم، والتي يعرف الطُّلاب فيها بالجدّ والتّميُّز والأدب.
- يفضّل بعض الآباء مُتابعة أصدقاء أبنائِهم، عن طريق سؤال الابن أولاً عن أصدقائه، ثمَّ يسألون بشكلٍ غير مباشر عن أهل هذا الصّديق، وضعه الاجتماعي، سلوكياته، للاطمئنانِ على ابنه.
- يقوم بعض الأهل بالطلب من أبنائهم دعوة أصدقائهم للمنزل، سواء الأم أو الأب، بحجّة مُشاهدة مباراة في التّلفاز مثلاً، اللعب على بعضِ الألعاب الإلكترونيّة أو المنزليّة، تناول وجبة عشاء، كذلك تفعل بعضُ الأمهات مع بناتِهنَّ، ذلك من أجل مُلاحظة أصدقاء أبنائهم، التعايش مع أُسلوب علاقتهم، طريقة تعامل كُل منهم مع الآخر، لتشكيل صورة الأصدقاء الذين يخالطون الأبناء، يتم ذلك بطريقة غير مباشرة.
- يحاول بعض الآباء والأمهات إقامة علاقات عائلية مع ذوي الأصدقاء المُقربين جداً من أبنائهم، تقديم دعوات لهم، زيارتهم بين وقت وآخر، هذه الطّريقة وإن كانت تؤدي وظيفة اجتماعيّة وإنسانيّة، إلّا أنّها تخدم في جانب مُهم معرفة أهل أصدقاء أبنائهم عن قُرب.
- يحرص الأهل على تقديم نصائح وإرشادات متلاحقة ومتكرِّرة لأبنائهم حول أهمية الأصدقاء، ضرورة اختيار الرفيق الحسن، الابتعاد عن رفقاء السوء، شرح مخاطر التعلُّم من الأصدقاء، رواية قصص وأحداث حصلت مع بعض الناس. اغتنام بعض الأحداث التي تقع خلال الحياة العادية، لتوظيفِها في شرح ذلك، هذه التّعليمات تُشكِّل حاجِزاً نفسيّاً مُهماً لدى الأبناء، تُساعدهم على اتخاذ مواقِف مُسبقة من بعضِ الأصدقاء الذين يرون فيهم صفاتٍ سلبية.
دور المدرسة في توعية المراهق
إذ تعد المدارس السّاحة الأساسية لوجود رفاق السّوء، عليها دور كبير في توعيِة الطُّلاب، تقويم سلوكاتهم، إنّ دور التعليم بالدرجة الأولى يتركّز في إعداد الشخصيّة السوية، من خلال تعزيز و تعليم القيم التربوية المُستمدَّة من الكتابِ والسُّنة، الأنشطة الإثرائيّة التي تُعزِّز هذه الجوانِب المختلفة لدى الطّلبة، للمُحافظة على الطلاب، يجب أن نُعزِّز لديهم من خلال المناهج، القدوة، الأنشطة، كيفية الحفاظ على أنفُسهم من التّواصل مع رفاق السوء، إذا شعرالمراهق بأنَّ هذا سوي و ذلك غير سوي، مختلف عنه في القيم، المبادئ، السلوك يبلغ عنه بأنَّه ارتكب أفعالاً سيئة، مع الابتعاد عنه .
اعلم أنّ الابتعاد عن أصحاب السوء نجاةٌ في الدنيا والآخرة، إنّ وجودك مع رفاق السوء على حال المعصِية حرام، حتى ولو لم تشاركهم فيها، لأنَّ بقاءك معهم على هذه الحال وأنت راضٍ بأفعالهم والإقرار لها، أهل المعاصي لا يجوز إقرارهم على أفعالهم، بل لا بد من إنكارها عليهم، فإن نصحتهم وذكَّرتهم ولم يستجيبوا لك فانصرف أنت عنهم ولا تجالسهم في مجالسهم أبداً.